| |
دفق قلم هل هذا حوارٌ ثقافي؟ عبد الرحمن صالح العشماوي
|
|
تأملوا معي هذه الصورة: رجل يختلف معنا في المنهج والرؤية الثقافية، ويعلن أفكاره المخالفة لأفكارنا، وثقافته المناقضة لثقافتنا، ولربما بدرت منه كلمات تعبر عن احتقاره لبعض ما نؤمن به من القيم، وما نقتنع به من الأفكار، وما نحرص عليه من السلوك الاجتماعي، ثم ندعوه ليتحدث إلينا على مدى ساعة أو أكثر، ثم نتيح لأنفسنا معه مجالاً للحديث لا يتجاوز الدقائق الخمس، فلا نتمكن من بيان خلل ما قال، ولا من التعبير عن عدم اقتناعنا بما طرح، هل يمكن أن يسمى هذا (حواراً ثقافياً)؟، وهل نحن ملزمون بأن نستضيف من يصادم ما نؤمن به ليقول كل ما لديه بحجة إتاحة التعددية الثقافية، والاستماع إلى الرأي الآخر، وبحجة الحوار الثقافي المفتوح؟ أين الحكمة في هذا؟ وأين تحقيق أجواء الأمن الثقافي والفكري من هذا الأسلوب؟ هنالك أمور يحسن بنا أن نتوقف عندها متأملين قبل أن نقع فيها، بعيداً عن التعصب لفكرة لا تجلب علينا إلا الوبال. إن الهدف من أي نشاط ثقافي، سواء أكان في صورة مهرجان، أم ندرة أم محاضرة هو تحقيق الفائدة للناس، وإثراء ثقافتهم بالنافع المفيد الذي لا يصادم عقيدتهم، ولا يهاجم ثقافتهم، ولا يستفز مشاعرهم الدينية وهذا هدف مهم يجب على كل مسؤول عن جهة ثقافية في بلاده أن يسعى إلى تحقيقه. إن الريادة الثقافية لا تتحقق بتبني ثقافة تصادم ثقافتنا، ولا بمجاملة من يهاجم ما نؤمن به من تعاليم ديننا، وقيمنا ومبادئنا، وإنما تتحقق بالإيمان الراسخ بما منَّ الله به علينا من تعاليم ديننا، وتشريعاته، والعمل الواعي على تحقيق هذا الإيمان في فكرنا وثقافتنا وأدبنا، وأسلوب خطابنا للآخرين داخل بلادنا وخارجها. إن الانسياق وراء ثقافات الآخرين دون وعي لا يحقق ريادة أبداً، وإنما يرسِّخ التبعية الثقافية، وهذا يحدث شرخاً في وحدة الهدف، ووحدة الخطاب التي لا تتعارض أبداً مع التعددية الثقافية الصحيحة، أما سيف التعددية الثقافية بمعناها المتفلت الذي يصلت في كثير من المناسبات الثقافية على رقاب الملتزمين بثقافتهم الإسلامية الواعية فهو سيف لا يليق بنا جميعاً.
www.awfaz.com
|
|
|
| |
|