| |
إنهم أهل فتنة وتضليل د. وحيد بن حمزة عبدالله هاشم
|
|
أكد إمام من أئمة المساجد الحريصين على أمن الوطن واستقراره في خطبة يوم الجمعة الماضي (بأن هؤلاء هم الذين يرومون الإضرار بأمن الوطن ويقتلون النفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق بعد أن قتلوا شهيدين من شهداء رجال الأمن، هم أيضاً يتجاهلون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حرم دم المسلم وماله وعرضه على جميع المسلمين.. هؤلاء هم أهل الفتنة والضلال... هؤلاء هم من سيظهر فيهم المسيح الدجال). نسوق هذا الدليل لأنه بات في حكم المطلق أن أفعال هذه الفئة الضالة أفعال مشينة ومنكرة ومارقة لا يمكن أن يحتملها مجتمع ناهيك عن أن يكون مجتمعاً مسلماً ومؤمناً بشريعة الله الإسلامية السمحة. لذا يمكن القول إن ثمة وضعاً مريباً لا يزال قائماً وعالقاً في أذهان المواطنين لظاهرة الفئة الضالة وعملياتهم الإرهابية ضد الوطن والمواطنين التي بدأت تتكشف حقائقها منذ عدة سنوات، وظهر وجهها القبيح في بعض أنحاء المملكة، وهي حقيقة بشعة لا يطيقها عقل إنسان. بل إن هناك ثمة ما يدعو للتساؤل حول حقيقة أهداف وغايات الفئة الضالة من أهل الفتنة ومن يحرضهم من جماعة التكفير، وصحة ما يرومون تحقيقه جراء اللجوء إلى وسيلة العنف والقتل والدمار لتحقيق غايات منحرفة وأهداف مشبوهة لا يمكن أن ترتقي لعقيدة سماوية صحيحة ناهيك عن أن تكون للعقيدة الإسلامية السمحة. إن جميع المؤشرات والبراهين تدل على أن فكر التحريض لا يقل خطورة عن فكر التكفير، ففي كليهما يكمن الانحراف عن الجماعة والخروج عليها، وفيهما ما فيه من جنوح على الحقوق الشرعية والإنسانية.. السبب لأن كلاً من المفكرين ضلّ عن طريق العدل والحق والصواب. ولعمري فإن انحراف الفئة الضالة عن مسار الدين الذي يسير في طريق الحق، دفعهم للتحريض ضد المسلمين وتحليل إزهاق أرواحهم والدعوة لسفك دمائهم وترويعهم... هذا الفكر المنحرف لأهل الفتنة لا يمكن أن يرقى إلى مستوى سماحة الإسلام وعدالته وإنسانيته التي فاقت كل عدالة وسماحة وإنسانية. الحقيقة التي لا غبار عليها تؤكد، بعد أن اتضحت للجميع، أن الفئة الضالة ومن ضللها من فكر التكفير وجماعته وتنظيمه، ينضوون في التيار الجهادي الذي لم يوفق في تفهم معنى الجهاد ووعي حقيقته وضرورة ارتباطه التام بتوجيهات الحاكم الشرعي الذي يمثل الجهة الوحيدة المسؤولة عن الدعوة للجهاد. بمعنى أدق إن فئة الفتنة والتكفير والضلال لم تدرك أهمية ارتباط الدعوة للجهاد لولي الأمر من جهة، ومن الجهة الأخرى ضرورة توافقها مع حقائق ومسوغات ومتطلبات الأوضاع السائدة والأحداث المتواترة على المستويين الإقليمي والدولي، إضافة إلى مدى تفهم ولي الأمر وقدرته على التعامل مع منطق العصر ومتطلباته سواء من حيث القوة أو التغير في أجواء العلاقات والتحركات التي تربط بين الدول والشعوب. نعم قد يكون فقدان القدرة على التمييز بين الحق والباطل، أو غياب الوعي المنطقي والموضوعي العاقل، أو ضياع الصواب، وراء انحراف الفئة الباغية عن أهل الحق والجماعة وتأثرها بفكر التكفير وتنظيمه. بيد أن الواقع والحقائق تؤكد جميعها بأن تلك المسببات برمتها كانت ولا زالت وراء انحراف تلك الفئة الضالة عن المجتمع كل المجتمع. ومع وجود فكر ضال ومندفع اندفاعاً لا يميز بين الحق والباطل تحولت تلك الفئة إلى فئة منحرفة دامية دافعت باهوجاج عنيف ومن ثم تحركت باعوجاج بائن لا رجعة فيه إلى مسالك الهلاك وطرقاته. نعم وبكل أسف لقد ركب موجات ذلك الفكر التكفيري بعض من (أهل الصحوة) بمعنى الصحوة من غفلة الماضي وضياع الحاضر. إلا أن تلك الصحوة الخاطئة كانت فجائية لدى البعض وعنيفة لدى البعض الآخر، بعد أن أفاقوا من كابوس نوم عميق وحقد دفين على المجتمع كل المجتمع، إما لأن المجتمع لم ينم معهم طوال تلك الفترة، أو لأن المجتمع انطلق في طريقه مواكباً للركب العالمي شاقاً طريقه بعيداً عن مستنقعات التخلف وكهوف الرجعية وأوكار القتل والدمار والترهيب. ولعمري أن المسمى الأنسب لهؤلاء بعد أن اتضحت حقيقتهم بلا خداع ومواربة لا بد وأن يكون (أهل الفتنة) أو (أهل الضلال). لهذا لا زال البعض من هؤلاء... من أهل الغفلة والفتنة والضلال.. يفكر بصنوان مسميات علمية (كالتأصيل العلمي) الذي في حقيقة الأمر والواقع العلمي لا يمكن أن يرتقي لمستوى العلم نظراً لكون مفهوم العلم يعني التطرق لنظريات علمية وفقاً لفرضيات معينة يمكن دحضها وإثبات عكسها، فيما لو قادت التجارب العلمية التي يجريها العالم نحو ذلك الاتجاه وليس العكس. الوضع هذا يقودنا أخيراً إلى اكتشاف حقيقة ذلك التأصيل العلمي من كونها حقيقة متحجرة قادت بدورها إلى تقسيم العالم والبشر إلى قسمين: (الذين هم معهم، والذين ليسوا معهم). التقسيم القطعي هذا دفع البعض منهم للتجاسر والإعلان رسمياً عن (ممارسة شعيرة الجهاد في عمق الدول وشعوب الأمة الإسلامية). هذا لعمري قمة الغلو في حركة التأصيل العلمي في تلك الحركة التي لم تعِ حتى الآن قول الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه (لا غلو في الدين).
|
|
|
| |
|