| |
نوافذ ربع قرن أميمة الخميس
|
|
غالبية التكتلات الإقليمية بين الدول التي قامت في المنطقة العربية لم يكن لها حظ وافر من النجاح، ابتداءً من جامعة الدول العربية أو اتحاد مصر وسوريا أو اتحاد الدول المغاربية، ولربما يرجع ذلك إلى أن غالبيتها قامت على كم وافر من الشعارات والأماني واللغة الحماسية دون أن يكون هناك جدول زمني للخطط والمشاريع، أو أجندة مستجيبة لمتطلبات الواقع. ولعل التكتل الوحيد الذي نجا من مصير الفشل بشكل أو آخر، هو مجلس التعاون الخليجي، وهو إن كان في بدايته تأسس استجابة لواقع إقليمي خطر ومهدد أثناء الحرب العراقية الإيرانية، إلا أنه استطاع على المستوى الواقعي أن ينجو بهذا المجلس من الكثير من عوامل الفشل التي ترصدت بالتكتلات السابقة، واستمر في طريقه نحو المزيد من طموحات الوحدة الخليجية في ظل محيط ملتهب ومهدد بالانفجار في أي لحظة. ولكن أعتقد أن مجلس التعاون معرقل بشبكة ثقيلة من البيروقراطية، تجعله يعاني البطء الشديد في برامجه وعدم تفعيل البرامج والخطط التنموية الخاصة بالمجلس بالشكل المطلوب. وها نحن اليوم بعدما يقارب الربع قرن على إنشائه، لم تظهر العملة المشتركة بعد, ولم نتنقل بين الحدود بكل حرية وسهولة، أيضاً لم نمارس التحرك السياسي والدبلوماسي ككتلة واحدة متماسكة في مواجهة العالم. ولعل هذا الأمر يرجع إلى أن المجلس نفسه يعتمد سياسة ردة الفعل (كغالبية تحركاتنا في المنطقة) فهو حين يكون هناك خطر واضح وحصار في المنطقة، فنجد أن المجلس يقوم بتحركات مكوكية ويحرك جميع آلياته وأهداف التكتل باتجاه الخطر أو مصادره، ولكن حينما تهدأ الأمور وترتخي نوعاً ما، فإن المجلس سرعان ما يهدأ ويعود إلى نمطه البطئ الهادئ. بالطبع نعلم بأن ليس هناك انسجام كامل وتطابق تام بين سياسيات دول المجلس، وأن هناك بعض بؤر الخوف والتوجس والمناطق الملتهبة، ومن ضمنها خوف وتوجس الصغير من الكبير، ورفض الكبير للتدخل الخارجي الانفرادي دون التنسيق بين دول المجلس، ولكن هذا جميعه لا يمنع أن يستمر العمل الدؤوب لتحقيق الأهداف بمجملها لتجاوز هذه العقبات ودفع هذا التكتل الذي بات عمره الآن ما يقارب الربع قرن إلى الأمام، ونحو المزيد من الأمن والرفاهة والتقدم الحضاري لشعوب الخليج. في المرحلة الحالية هناك الكثير من الآمال والطموحات المعلقة بالمجلس، ومن أبرزها هو أخذ جميع جداول الأعمال المقررة منذ سنوات طويلة من خانة الآمال والطموحات إلى خانة العمل الفعلي والإيجابي، الأمر الآخر الذي يمثل واقعاً مهماً لجميع الدول الأعضاء بأن السعودية هي الأخت الكبرى وذات الاقتصاد الأقوى في المنطقة، مهما بدت (دبي) ملونة وزاهية، أو ظهرت الدوحة مزهوة ببهرجة ألوان الألعاب الأولمبية الآسيوية، إلا أن الثقل الإستراتيجي للسعودية في المنطقة هو الذي يصنع لمجلس التعاون دوره وأهميته، سواء على المستوى السياسي أو الاقتصادي، بالطبع هذا لن يشكل هيمنة أو وصاية، لكن يقود الأعضاء إلى الوعي بأهمية المزيد من التنسيق والانخراط في الخطط المشتركة التي تخدم المنطقة وتفعل خطط نهضتها التنموية بما يخدم الجميع.
|
|
|
| |
|