| |
أوقفت الإسقاطات السياسية ودعت الجميع إلى الصحوة (صح النوم) عادت بعد 35 عاماً وفيروز تسرق لتخدم الناس
|
|
* بيروت - هناء حاج: خمس وثلاثون سنة وأكثر غابت فيها السيدة فيروز عن خشبة المسرح في أعمال مسرحية بعد (لولو وصح النوم) التي شهدت آخر حقبة من الأعمال المشتركة بين فيروز والأخوين رحباني. وبعد هذه المدة الطويلة عادت السيدة فيروز وتحدّت الأوضاع القلقة خارج مركز بيروت للمعارض لتقف وتقول للناس والمسؤولين والزعماء وكل الشعوب (صح النوم). عمالقة المسرح لم يغيبوا عن المسرح الرحباني فوجود أنطوان كرباج (الوالي) وإيلي شويري (المستشار) ورموز فنية قيّمة زينت المسرح بغياب حشود رسمية ودبلوماسية، لأن الجمهور الذي تجاوز الخمسة آلاف شخص على مسرح (البيال) كان خير دليل على الوحدة التي تمكنت فيروز من تحقيقها للشعب اللبناني، نسي الجميع التظاهرات والمواكب المضادة والاعتراضات والأحاديث السياسية، لتكون هي وحدها رمز لبنان الموّحد. فالكل لديه هدف واحد هو فيروز. أغنياتها جمعت الكل على رغم الاختلافات في السابق، كان دوي المدافع بين كل الاطراف يتحدث عن اختلافات الرأي في الداخل والخارج، وكان صوت فيروز وحده الذي يوحدهم، واليوم تعيد الكرة في (صح النوم) التي كانت قالتها قبل 35 سنة واليوم تكرر كلامها على مسامع الجيل الجديد الذي جاء إلى المسرح ليمتع نظره بفن وصورة الفنانة التي طالما حلم برؤيتها وجهاً لوجه. (صح النوم) بين السرقة والحق قد يقول البعض كلام حق يراد منه باطلاً ولكن في (صح النوم) تصرف باطل يراد منه حق، يمكن أن تكون هذه خلاصة الفكرة الأساسية من العمل، فكل حوار بين قرنفل (فيروز) والمستشار (إيلي شويري) أو الوالي أنطوان كرباج، لا يتحدث عن واقعة ظرفية بل عن محاور يمكن ان تكون موجودة في كل العصور والأزمنة وكل مكان في العالم عربياً كان أم أجنبياً. في البداية لا بد أن تسمع أنغاماً رحبانية تنذرك ببدء المسرحية التي شخصت الأبصار نحو خشبة المسرح ليس لرؤية الديكور الجميل ببساطته أو ازياء فيروز التي لا تتحدث سوى عن لغة البساطة بعيداً عن الزركشة، بل ليروا محبوبتهم لمرة واحدة بانتظار موعد جديد. والمفاجأة كانت أن المسرحية تتحدث عن مرة كل موسم. طلة فيروز وسط عاصمة قوية من التصفيق والتهليل والتصفير تصدح موسيقى الرحابنة معلنة بداية المسرحية، وتقابل السيدة فيروز بعاصفة هادرة من التصفيق والصفير، بمجرد أن تواجه الجمهور. تحمل شمسيتها 6 أشهر بانتظار ختم الوالي تدور المسرحية حول يوم واحد (القمر فيه بدر) يرغب فيه الحاكم أن يصحو من نومه لينجز بعض المعاملات، وليس كلها ويختم على ثلاث أوراق فقط له فيها مصلحة شخصية، ليعود إلى ثباته لينتظر الشعب صحوة جديدة لإنجاز أمورهم المستعجلة، ففي هذا اليوم, ينتظر أهالي البلدة صحوة الوالي لينزل إلى الساحة ويقابل رعيته ويعطي صاحب النصيب ختمه الكريم، لأن حياة الأهالي متعلقة بختم من الوالي ليتابعوا حياتهم، وكلهم متعلقون بإرادة الوالي وختمه. وبين الأهالي الفتاة البسيطة (قرنفل) التي تعيش تحت شمسيتها (مظلتها) ستة اشهر لأن سقف منزلها تهدم وتريد ترميمه قبل حلول موسم الشتاء لكي تحمي نفسها من البرد والأمطار. ولكن انتظارها يكون دون جدوى، لأن الوالي نزل الساحة وأثناء ختمه للمعاملات غالبه النعاس فقرر النوم بالساحة وطلب من مستشاره أن يخلي الساحة لكي لا تقلق راحته، وكان له ما أراد. وما كان من قرنفل التي انتظرت لعدة أشهر إلا ان تبدأ مشاكساتها لأنها لا تستطيع انتظار مزاجية الوالي. ومع هذا الوضع قررت قرنفل سرقة ختم الوالي لتنقذ نفسها وأهل بلدتها وتختم المعاملات التي تنتظر لعدة أشهر، وتتجرأ لسرقة مفتاح الصندوق الذي يخبىء فيه الوالي الختم من عنقه وتختم كل المعاملات، وتدب الفرحة في قلوب السكان ولكنها تستثني من بينهم الكندرجي (السكافي) الذي أوصته على حذاء من اشهر ولم يصنعه لها. وخلال نوم الوالي يتم بناء البلدة وتصلح الأمور ويتحول الركود إلى حياة جميلة وتزدهر البلدة وتتجمل معالم ساحة البلدة، ولكن لا بد للوقت ان يمر يوماً بعد يوم واسبوعاً بعد اسبوع إلى ان انقضى الشهر وحان وقت استيقاظ الوالي من جديد، وهنا بدأت تمنيات قرنفل بعدم إيقاظه لكي لا تنكشف لعبتها، ولكن فرحتهم منعتهم لأنهم يريدونه ان يرى الإنجاز الذي حصل بغيابه لعله يفرح. وبعد إنقاذها الأهالي وقعت قرنفل بحيرة من أمرها، ماذا ستصنع بالختم الذي لا تستطيع إعادته إلى الوالي. فتقرر رميه في بئر قديم مهجور لتخفي جرمها. ويحصل ما توقعت قرنفل فقد استيقظ الوالي وصدم بالتغيير الذي حصل للساحة خلال نومه، ويكتشف سرقة الختم فيقرر الانتقام ومحاكمة الجاني. وبما أن قرنفل فتاة طيبة وصادقة ولا تعرف الكذب تعترف أثناء استجوابها بفعلتها، ويقرر معاقبتها بربطها بفرس وحشي يمشي بها طيلة عمرها، فيطلب الناس من الوالي الرحمة والرأفة بها لأنها قدمت لهم خدمة طالما انتظروها. وفي مواجهة هذا القرار الغريب لا يستطيع رئيس الدرك تنفيذ الأوامر بحجة أن الأمر يحتاج معاملات رسمية ممهورة بختم الوالي لكي يكون التنفيذ قانونياً. ويقع الوالي هنا بحيرة من أمره فتتعطل السلطة وتتوقف كل الأعمال الإدارية والقانونية، خصوصاً ان الاهالي رفضوا تلبية طلب الوالي بالبحث عن الختم لتنفيذ الحكم بقرنفل. والحيرة الاكبر كيف سيؤمن الوالي على نفسه مرة جديدة بوضع المفتاح في عنقه، فيفضل ان يبقى مصيره ومصير قرنفل متعلقاً بالختم المفقود.
|
|
|
| |
|