| |
نوازع الماء د. محمد بن عبدالرحمن البشر
|
|
الماء ثم الماء ثم الماء، أعود لأكتب عنه؛ فهو سلعة غير مرنة، وزيادة الطلب عليه لا يمكن الحد منها؛ لأنها تزيد بزيادة عدد السكان والمكان والمصنع والحديقة. والترشيد قد يقلل من نسبة الزيادة غير أنه عاجز عن الحد أو إيقاف الزيادة ذاتها؛ لذلك لا بد لنا أن نتحول بأنظارنا إلى جانب العرض لنزيد منه بمقدار زيادة الطلب، وكلنا يعلم أن المكمن الرئيسي للماء المستخدم في الأغراض المدنية هو البحر، والبحر وحده القادر على إروائنا، ومنع عطشنا - لا سمح الله - وهو وجهة تعطشنا، وخيارنا الأوحد في الوقت الحاضر مع روافده القابلة للنضوب من المياه الجوفية. البحر لا ينضب، والبحر يمكن التعامل معه بتقنية متاحة يمكنها أن تكون أقل تكلفة للمتر المكعب الواحد بمزيد من الأبحاث والتطوير. البحث التطويري الجاد القادر على تطويع التقنية في مجال تحلية مياه البحر يمكنه خفض التكلفة لسلعة سوف تستمر مع جيلنا والأجيال القادمة؛ لذا فمن الحكمة إعطاؤه الأولوية مع عدم إغفال التوسعة في التحلية بما هو متاح من تقنية. الصيف لا بد له من القدوم وصفوف اللاهثين وراء شربة من ماء قادمة أيضاً، فهل يمكن لنا أن نقلل من تلك الصفوف وكيف؟ ستكون هناك أزمة لا محالة، وسيكون هناك حديث على صفحات الجرائد، وسيكون هناك من يدافع بحق، وسيكون غير ذلك. هل ستستمر هذه الحلقة من الأزمة ثم التهدئة ثم الأزمة، وكل ما أخشاه أن يتجاوز الأمر الأزمة إلى نفاد الكمية الكافية لتغطية الحاجة مهما غلا سعرها، فماذا بعد يمكن أن يكون؟! الماء لا يمكن الاستغناء عنه ولا بد من توفيره، وتحلية ماء البحر هي الوسيلة المثلى، وقد تكون الوحيدة المتاحة في الوقت الحاضر لتوفير المياه، فعلينا أن ننشئ المزيد من محطات التحلية مهما كانت التكلفة، ومهما كانت العوائق الإدارية؛ فأمر التحلية ليس خياراً بل ضرورة لتوفير مياه كافية. الطاقة المفترض إنتاجها لا بد لها أن تسير وفق نهج معين وتزداد بنسبة تزيد عن الزيادة المفترضة في الطلب الذي لا بد له من الزيادة لا محالة. هذه الزيادة يمكن أن يرافقها شيء من التأطير الإداري الذي يمكن من خلاله تقليل نسبة زيادة الطلب، وإيجاد التوفير اللازم والكافي لهذا الماء الثمين في أهميته، سواء من خلال القطاع الخاص أو غيره. الماء هو عصب الحياة، ونحن - ولله الحمد - ننعم بخير عميم، وقد يكون من المناسب استثمار المزيد في مجال التحلية إلى حين طرح التخصيص أو إيجاد وسيلة مثلى يمكن من خلالها توازن العرض مع الطلب. الأمر ذو أهمية تستحق المراجعة، وتستحق الاستثمار، والسعي في ذلك هام، ونحن جميعاً ننتظر المزيد من المياه المحلاة.
|
|
|
| |
|