| |
لما هو آتً خيريّة إبراهيم السقّاف
|
|
من يلوّن بغير السّائد؟... مقاربات طبيعية أنّ الشر كالخير في طبيعة البشر... لا يخلو مجتمع إنساني منهما.... كما المفارقات المدهشة لتصاعد الشر وتنوع أساليبه... من كشح الماء السَّاخن في الوجوه.... لدفن الأحياء عن نيّة.... الصباح الذي يفتح عينيه على أخبار الخير لن يكون اعتيادياً.... الاعتيادي أن الشرّ طغى وتفشى.... حدّاً تسنَّم فيه مقودي الوقت والمكان وباء بالمساحة والمسافة... قهوة الصباح المزعفرة لم تعد تجد لها مجرى كمسرب الورد للحلق بل حلت مكانها القهوة السوداء المرَّة... كلُّ حلوٍ لم يعد يُستساغ على فسحتي الزمان والمكان... كلُّ فرحٍ الآن مبالغة في الهدر... نادرة هي أخبار الخير وعصيَّة تلك ملاحم الفرح.... الفرحون الآن سذّجٌ وبُلهاء... والريَش الآن أصابع تنبش في تلافيف الحركات.... والنوايا.... والأصوات.... وما وراء الأقنعة... والأسوار... والأبواب.... فتلوِّنها بالسَّائد الذي ترون... الألوان داكنة... داكنة..... الشر فيها أحمر.... اللون الأحمر ذاته يتبرأ من المحابر.... إعادة النظر فيمن لطخ المسافات والمساحات بالقذى ورائحة القهر والفناء لا تجدي.... السَّماع لتصدية الكفوف لمسرحية هزلية لن تزيدها إلا التهاباً.... المسرح كله مهزلة... قهوتي هذا الصباح بردت جوار عينيَّ الملتهمتين آخر الأخبار.... البرد يجتث أطرافي... بقسوة أقل من شرِّ الأخبار تجز عنق بارقة خير يلوح لي بها أملي.... الخبر أمامي: الأمهات في مصر... بعد سنوات يجدن خبر ضحاياهن الصغار... بعد أن كنَّ يحسبن موتهم مجرد حوادث قطارات.... يكتشفن أنّهم ماتوا بعد تعذيب واغتصاب وانتهاك في الأقبية النتنة على يد جلاد ضائع لم يلمه أبواه حين خرج للشر.... جثَّة طفل في سرداب تُخرج (التوريني) من خبايا الأقبية المظلمة لتفوح الحقيقة.... مئات تشردوا على يديه الملوّنتين بشهيق أرواحهم... انتهى بهم مطاف البغي على يديه لمقابر العجلات.. وسطوح القطارات.... واللحود المظلمة... هذا الصباح سفاح مصر لوث قهوتي... ذكّرني أن أعود لوجه الصباح فلا أرى فيه الوهم بخير يعمُّ.... فرد لي ملاءة الشر التي بسطها الإنسان على مدى المساحة والمسافة..... أيُّ ساذجة سوف أغدو حين أطوي الخبر وأتجه بشبه ابتسامة لممارسة طقوس اليوم؟....
|
|
|
| |
|