| |
لتعزيز دور المئوية يجب التعامل بحزم مع المتخلفين عن سداد مستحقات الصندوق
|
|
دعيت، شاكراً من دعاني، إلى احتفالية صندوق المئوية قبل عدة أيام وذلك بمناسبة تجاوزهم الرقم 100 في عدد المقترضين، وبمناسبة حصولهم على شهادة الجودة ( الايزو). وحقيقة فقد غمرتني مشاعر السعادة وأنا أرى نتائج صندوق المئوية المفرحة، حيث تم إقراض أكثر من مائة وعشرين شاباً وشابة استطاع بعضهم تحقيق نجاحات كبيرة في فترة قصيرة مما جعله أهلاً للتكريم من قبل المحتفلين، وكانت سعادتي أكبر وأنا أرى همة القائمين على صندوق المئوية وهم يتحفزون للمزيد من العطاء والإبداع لتعزيز دور الصندوق في التوسع في منح القروض الإنتاجية الداعمة لتطوير المشاريع الصغيرة ليتحول الشاب من باحث إلى مزوّد للعمل. وبعد يومين من الحفل حزَّ في نفسي ما اطلعت عليه في الصحف المحلية حول مقاضاة أربعة أشخاص امتنعوا عن سداد مستحقات (صندوق المئوية) رغم نجاح مشاريعهم. نعم حزَّ في نفسي هذا التصرف المشين الذي بدر من هؤلاء المقترضين.. للأسف الشديد.. لأنني أعلم الآثار السلبية لمثل هذه التصرفات الفردية اللا مسؤولة، حيث تؤدي وبشكل دراماتيكي إلى التشدد في التعامل مع المقترضين الجدد مما قد يشكِّل عائقاً أمام تحقيق أهداف الصندوق السامية. وهذا ما اعتدنا عليه في بلادنا، حيث تسود ثقافة العقاب الجماعي على ثقافة الإصلاح من الأساس والمعالجة المنفردة للحالات الشاذة وحيث يعاقب الجميع نتيجه خطأ حفنة من الأفراد السيئين وذلك بفرض المزيد من الشروط والمتطلبات لتحقيق المزيد من الضبط والرقابة رغم الآثار السلبية لهذه السياسة التي بات يلمسها الجميع، وما رد أحد المعلقين على الخبر في موقع صحيفة الرياض إلا إثبات لذلك التخوف، حيث خاطب أحد المعلقين على الخبر سعادة الأستاذ هشام طاشكندي قائلاً (الحل سهل جداً ويكمن في تسجيل المشاريع المقترضه من صندوق المئوية باسم الصندوق حتى يتم سداد مستحقات الصندوق بالكامل ليتم الإفراغ لصاحب المشروع بعد ذلك). والكل يعرف الآثار السلبية لهذا الشرط المقترح على المقترض والصندوق معاً، ولكن بضعة متخلفين أنانيين يدفعون الجميع إلى هذا النوع من التفكير كحل سهل يقفز إلى عقولنا دون أن ندرك آثاره السلبية على المدى البعيد، فليس كل باب نسده سنستريح وإن بدا لنا ذلك في بادئ الأمر، فكم من باب أغلقناه فكانت نتائج ذلك وخيمة على المديين المتوسط والبعيد. إذن ما العمل؟! بداية يجب أن نعرف الأسباب التي أدت إلى مثل هذه السلوكيات المشينة، وعندما نبحث في ذلك نجد أن التهاون في الجريمة هو السبب الأساسي في ذلك، نعم التهاون، والتهاون هنا يأتي من السلطتين القضائية والتنفيذية اللتين تتراخيان في الضبط والإحالة وإصدار الأحكام وتنفيذها، ومن المجتمع الذي جعل من بعض الصغائر كبائر وتغاضى عن بعض الكبائر باعتبارها إنجازات ورجولة - خاصة الجرائم المتعلقة بسرقة أموال الناس والأموال العامة بالباطل - وهذا التهاون والتشجيع جعل المجرم (أياً كان نوع ومتسوى جريمته) يشعر بالأمان بما يجعله بتفاخر بجريمته بما يحفز غيره لاقتفاء أثره وهو يتفاخر بجريمته، وهذا ما حدث مع مع كافة صناديق التنمية (العقارية، الصناعية، الزراعية)، حيث امتنعت نسبة كبيرة من المواطنون عن السداد وتفاخروا بذلك وتراخت الحكومة في ضبطهم وإحالتهم ومعاقبتهم أو على الأقل دفعهم للسداد من خلال جدولة تلك الديون بقاعدة (لا ضرر ولا ضرار). تشجيع المجتمع والسلطتين القضائية والتنفيذية لبعض المجرمين (بعلم أو بدون علم)، حيث كما أشرت إلى أن بعض الجرائم لا تندرج ضمن قائمة الجرائم الوعي الحكومي والمجتمعي، وهذا التشجيع غير المقصود والذي قد يكون حسن المقصد، حث المزيد للتملص من تسديد إلتزاماتهم تجاه الغير، حتى رأينا الكثير يتخلف عن سداد إيجار المنازل والسيارات والأجهزة الإلكترونية مما جعل الجهات التمويلية تتشدد في تقديم القروض بكافة صيغها وتبالغ الجهات التمويلية غير الحكومية في نسبة الفائدة لأن هناك تناسباً طردياً بين نسبة المخاطرة من عدم التسديد ونسبة الفائدة على القرض. فأصاب المحسن ما أصابه بفعل المسيء المنفلت، كما أصاب بعض الاستثمارات بضمور كما هو الحال في تطوير الشقق الإسكانية، حيث أحجم المستثمرون عن تطوير الشقق للإيجار لمعاناتهم من المتخلفين عن السداد. وإذا اعترفنا بهذه الأسباب واتفقنا على هذا التشخيص أعتقد بأننا سنضع الحل المناسب، والحل مجرب ومعروف وهو الحزم ولا غير الحزم، وأنا هنا أضع يدي بيد الأستاذ طاشكندي مدير صندوق المئوية وأشدد على قوله بأن هذه الممارسات لا تتماشى مع خطط الصندوق الهادفة إلى التوسع في دعم مشاريع الشباب، وأوافقه في ضرورة مقاضاة هؤلاء أمام الجهات الرسمية لإجبارهم على تسديد القروض واسترداد مستحقات الصندوق حتى ولو كلفه هذا الأمر أكثر من مليون ريال أتعاباً للمحاماة، ذلك بأن الحزم سيكون الرادع الأساسي لكل من يفكر بالاقتراض من الصندوق والاستهتار والتلاعب بعد ذلك وهذا يشكل حماية لحقوق الجادين الذي يرغبون بالاستثمار الشخصي لتطوير أعمالهم وحياتهم. ختاماً أقول لهؤلاء المتخلفين عن السداد مهما كانت الأسباب اتقوا الله ولا تتحملوا ذنب معاناة من يأتي بعدكم ليحصل على قرض يعزز فرص نجاحه لينعم هو وأسرته بحياة كريمة، أتقوا الله فمن يفلت من العقاب في الدنيا لن يفلت منه بالآخرة.
د. عقيل محمد العقيل
alakil@hotmail.com |
|
|
| |
|