| |
سلوك العنف الأسري 2-2 مندل عبد الله القباع
|
|
عرضنا في مقال سابق لتلك الدراسة التي أعدتها وزارة الشؤون الاجتماعية عن ظاهرة العنف الأسري، وهي دراسة استكشافية يليها - إن شاء الله - دراسات تحليلية نقدية في ضوء ما خرجت به هذه الدراسة من نتائج أوضحت أن العنف الأسري في المجتمع السعودي في حالة ازدياد. وبالنسبة للفئات التي تعرضت لها الدراسة فتمثلت في الإهمال، وهو نمط من أنماط العنف يلاقيه الأطفال والمسنون، أما النساء فيتعرضن للعنف النفسي، بينما الخادمات يتعرضن للعنف الجسدي وحرمانهن من رواتبهن، ويزداد العنف لدى الأسر المفككة التي يتعرض أحد أفرادها للإدمان. وإزاء ذلك التزايد الذي نعرفه جميعاً ونعرف أنماطا أخرى من العنف لم تتعرض لها الدراسة وربما تركتها للدراسات التالية، ولمواجهة هذه الظاهرة والحد منها يتطلب تعزيز وحدات الوقاية والعلاج تتبع المديريات الاجتماعية وتفعيل دور إدارة الحماية الاجتماعية التابعة لوكالة الرعاية والتنمية الاجتماعية فهي الإدارة المسؤولة عن طريق كوادرها المخصصة لفهم المشكلة والبحث عن العوامل المسببة والمهيئة ورسم مخططات العلاج المناسبة، حيث إن لكل حالة ظروفها الخاصة بها وما يحوط بها من مشكلات. إذن فإن الإرشاد والتوجيه في مجتمعنا الحديث يمتد تأثيره على مستوى الفكر والممارسة وعلى سلوكيات التفاعل في العلاقات الأسرية. إن عملية الإرشاد والتوجيه تعتمد على دراسة وتحليل المشكلة والتعرف على العوامل المتسببة في وقوعها والتعرف على اتجاهات أطرافها والقيم ذات الأثر في سلوك التفاعل والعلاقات والتعرف على تاريخ الأسرة والظروف الاجتماعية والاقتصادية وتاريخ المشكلة المبحوثة وخبرات الممارسة في مكون العلاقات بين أفراد الأسرة؛ مما يساعد على رسم تخططات العلاج وتوجيه الطاقات الفاعلة. ومما يجدر ذكره أن الإرشاد والتوجيه الاجتماعي كمهنة متخصصة يعمل به إخصائيون في الاجتماع وعلم النفس الاجتماعي، حيث يمتلكون رصيدا من المعارف والمبادئ والأسس والطرق والمهارات التي يمكن أن تساعد القائمين عليه على العمل العلمي المنظم، وذلك بالاعتماد على المحددات التالية: أولاً : حدود المسؤولية المهنية في مجال الإرشاد والتوجيه الاجتماعي بطرقه وفنياته التي يمتلكها الاختصاصيون. ثانياً : امتلاك مهارات وأسس العمل المهني واكتساب الخبرات اللازمة في التعامل مع المشكلات الاجتماعية والصعوبات السلوكية. ثالثاً : تحديد الدور الخدمي الذي يمكن الاضطلاع به في حل المشكلات المادية والنفس اجتماعية. رابعاً : الاهتمام بخطوات العمل العلمي باعتباره أساسا للتنظيم الذي هو أداة العمل وإطاره في الواقع. خامساً : وضع دليل العمل الإجرائي المحدد لسبل وكيفية التعامل مع المشكلة تعاملاً منهجياً واضحاً ومبيناً عوامله. سادساً : مد العاملين في المجال بالخبرات والمهارات اللازمة وتأهيلهم أكاديمياً وميدانا. ويواكب هذه المحددات تغيير الأحكام والاتجاهات الجامدة، تلك التي يترتب عليها نزوع السلوك لاستخدام العنف ويترتب على ذلك رؤية تكاملية لأسباب العنف ودواعيه. ويعتبر العنف من أخطر المسلكيات اللاسوية والنزعة اللاإنسانية، وحسبنا في ذلك أن سلوك العنف ينبني على الشعور بالكراهية والازدراء ضد الحب والتعاون والتقبل، وضد أخلاقية السلوك حيث يئد كرامة الإنسان وقدره. وتقر شريعتنا الغراء على تحريم سلوك العنف البغيض ولعل حوادث العنف التي يشهدها واقعنا المعاصر، وهي من الحوادث المخفية التي يصعب حصرها نتيجة للحرج ولبعد إدارات الإرشاد والتوجيه والخوف من اللجوء للشرطة أو القضاء، واعتبارها من الخصوصيات التي يتوجب إخفاؤها وعدم الإفصاح عنها. على أية حال وحسبما ورد بالدراسة التي نعلق عليها هنا فإن العنف قائم وتزداد وتيرته ويحتاج الى التصدي والمواجهة. وإذا كان العنف على المستوى النفسي يعتبر عملية سيكولوجية لها جذورها منذ الصغر وممارسة التنشئة الاجتماعية فضلا عن أنه في جزء كبير منه يرجع لاستعداد الإنسان الكامن لاستخدام العنف لسد احتياجاته أو رد فعل لسلوك مناهض من قبل الآخر. ولإمكانية التصدي لهذا السلوك فضلا عن دور إدارة الإرشاد والإرشاد والتوجيه، تحديد طرق الوقاية منه، وتتبع أسباب وتطور الاتجاهات العدوانية وتفسير سلوك العنف وأساليب علاجه، ونأمل أن تكون هذه مؤشرات لإجراء دراسات منهجية مكملة للدراسة الحالية ممتنين ومقدرين لجهد من قاموا بها فقد أبلوا بلاء حسنا.
|
|
|
| |
|