| |
أجهزة الدولة تضرب فئة من الفتنة الضالة د. وحيد بن حمزة عبد الله هاشم
|
|
ألقت أجهزة الأمن في المملكة قبل عدة أيام القبض على 136 شخصاً ممن ينتمون إلى الفئة الضالة، فئة الإرهاب والتكفير والتطرف، الفئة التي خرجت عن طريق الحق والعدل والصواب، الفئة الباغية المارقة التي هددت أمن واستقرار الدول والشعوب العربية والإسلامية، العملية الأمنية حقاً كانت عملية استباقية وضربة إجهاضية لجماعة ضلت عن طريق الجماعة وتعمقت في مسارات الجهل والضلال والغي. هؤلاء لا يمكن إلا أن ينظر إليهم على أنهم من الخوارج الذين واصلوا خروجهم المتمرد على الأئمة والملوك والسلاطين في التاريخ الإسلامي وتسببوا في حدوث شرخ كبير في واقع الأمة الإسلامية منذ أن خرجوا عليها حتى اليوم.. ومع الأسف لن ينتهي خروجهم على الطاعة والجماعة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها، وذلك طالما بقيت عقول الضلال وفكر التكفير ومسالك التطرف والغلو. نعم لقد خرج الخوارج على ابن عم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وزوج ابنته، وأول من أسلم من الشباب، الخليفة الرابع من الخلفاء الراشدين، علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، بعد أن اختلفوا معه عقدياً وسياسياً وفكريا حول أدبيات ووسائل إدارة المعركة في موقعه (صفين) خصوصاً بعد أن مال (علي رضي الله عنه) إلى قبول منطق التحكيم والسياسة في تلك الموقعة بعد أن رفع (معاوية بن أبي سفيان) كتاب الله على أسنة الرماح طلباً لتحكيمه في الخلاف الذي وقع بينه وبين علي بن أبي طالب جراء مطالبته بدم الخليفة الثالث عثمان بن عفان، رضي الله عنه وما تمخض عنه أيضاً من صراع على الخلافة الذي دار بينهما بعد ذلك. الخليفة علي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يتمكن من التواصل مع الخوارج بعد أن اعتزلوا معسكره وعادوا إلى العراق إلى حل معقول ومقبول، بل ولم يتسن له إيجاد منطق موضوعي منصف معهم يضمن له على الأقل كف شرهم وآثارهم عن حرمات المسلمين، بل ولو على الأقل الوسيلة السليمة التي تضمن حيادهم وامتناعهم عن الإفساد في الأرض ونشر الفوضى وإيقاع الفتن بين المسلمين، ناهيك عن سفك دمائهم وتدمير ممتلكاتهم. هذا ما كان من دأب الخوارج وأمرهم وسلوكياتهم وأفعالهم في عهد الفتنة الكبرى، فهم لم يخذلوا علي بن أبي طالب وحسب، وإنما انقلبوا عليه وعلى جميع المسلمين، وتواصلت ثوراتهم على الرغم من قضائه على أعداد كبيرة منهم. ومن ذلك ورغماً عنه تواصلت أفعالهم السوداء وأعمالهم المارقة منذ ذلك العهد حتى اليوم، حيث لم يهنأ أو يأمن أو يرتاح منهم المسلمون في كافة العهود التي توالت منذ ذلك التاريخ حتى العصر الحديث. ولم يتمكن المؤرخون حتى الوقت الراهن (بل ولا حتى من درس التاريخ بمناظير مختلفة عقدية أو اجتماعية أو سياسية) من معرفة منطلق معقول أو مبررات وافية وكافية لخروج الخوارج الدموي على الخلفاء والأئمة والملوك والسلاطين في العصور الإسلامية، إذ ثبت للجميع ألا منطق لمن لا منطق له، ولا حجة لمن لا حجة له، ولا مبرر لمن لا يؤمن بالمبررات ولا بالبراهين والحجج الدامغة.. فالخوارج يخرجون ويثورون ويقتلون ويدمرون لأسباب واهية، ولحجج سخيفة، وبمبررات مخجلة ومضحكة.. وبالطبع مبكية معاً. ولا شك أن خروج الإنسان على أهل جلدته وعلى أهل ملته، بل وعلى عقيدته الإسلامية وعلى فطرته الإنسانية بارتكابه أعمال العنف وتنفيذ العمليات الإرهابية علامة بينة على اختراق جرثومة الشر والضلال لعقله وهيمنتها على روحه وتحكمها في وعيه. وعندما تضرب جرثومة الشر والضلال عقل ذلك الإنسان بعد أن تصيب فكره بمرض عضال يتم الفصل كلية بين العقل والمنطق، وتدمر بعمق خلايا الحق ويحل محلها خلايا الباطل، ويطفئ نور العلامة البارزة بين طريق الخير وطريق الشر. بمعنى آخر إن جرثومة الخوارج التي هي جرثومة التنظيمات والجماعات الإرهابية دائماً ما تتسبب في الخلط العميق بين الحقيقة والخيال، ومن ثم تعمل على تدمير قدرة الإنسان على التمييز بين خطوط الحق والباطل، وبين ما هو خير وما هو شر، فينظر إلى الحياة ومن حوله من البشر بمنظار الحقد والغضب والحنق ويشرع في إلقاء اللوم على المجتمع كله محاولاً التهرب من واقعه المنحرف إلى مرحلة واقع الانتقام من الآخرين، بل وأحياناً الانتقام من ذاته. الخروج على الأمة وعلى ولاة الأمر في الإسلام خروج عن الدين الإسلامي الحنيف، وفكر الإرهاب وسلوكياته وتنظيماته وبؤره وجماعاته ومن يتعاطف معهم إذن وفقاً للدين الإسلامي وللعلم المستنير به انحراف واضح عن فكر العقيدة وعن فكر الفطرة الإنسانية التي فطر الله عليها خلقه. وانحراف السلوك الإرهابي وفقاً للدين والعلم أيضاً انحراف عن مسلك العقيدة ومسلك الفطرة الإنسانية القويمة التي نهاها الله تعالى عزّ وجلّ عن سفك الدماء الإنسانية إلا بالحق. التفسير المنطقي الوحيد إذن لما فعله الإرهابيون مسبقاً ضد الأمة العربية والإسلامية بل وحتى ضد شعوب العالم من عمليات إرهابية وحشية وما حاولوا ارتكابه من أفعال إرهابية، بأنهم من الخوارج المارقين الذين انعدمت الرحمة والمشاعر الإنسانية القويمة من قلوبهم بعد أن طمس الله عليها وعلى عقولهم. هؤلاء حقاً وصدقاً خرجوا على الدين، فكرهوا الحق ودين الحق، وعندما نقضوا المواثيق وتجاهلوا تعليمات شرعة العدل ودين العدل ومجتمعه، ضلوا منذ عهد الفتنة الكبرى حتى اليوم عن طريق الحق والصواب.
|
|
|
| |
|