| |
الحوار في قاعات الجامعة د. فهد بن علي العليان *
|
|
يدور في مجتمعنا السعودي في السنوات الأخيرة ما يمكن أن نطلق عليه حركة الحوار التي أطلقها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - بدعوته إلى الحوار ليدخل كل بيت، وتوج هذا بإنشاء مركز الملك عبدالعزيز للحوار الوطني. وعند الحديث عن ثقافة الحوار وأهمية نشرها بين أفراد المجتمع لتصبح ثقافة مقبولة ومن ثم يستطيع أفراد المجتمع أن يتحاوروا في موضوعات شتى دون تسطيح أو مصادرة لرأي الآخر، فإن هناك - من وجهة نظري - أمرا مهما له علاقة بهذه القضية. إنَّ ثقافة الحوار لا يمكن نشرها بأي حال من الأحوال بمعزل عن موضوع التعليم، بمعنى أن ثقافة الحوار لا بد أن تنطلق من الفصول الدراسية في مدارس التعليم العام لتتربى وتتدرب عليها الأجيال القادمة، ولا بد من تضمينها في المقررات الدراسية. كما أنه لا بد أن يكون المعلم قادرا على نشر هذه الثقافة بين طلابه، بحيث يتقبل آراءهم ويترك لهم الفرصة ليطرحوا أفكارهم ويقدموا تصوراتهم. أما إذا كان المعلم غير قادر على ذلك فإن المشكلة تعد كبيرة. ومن هنا فإن كليات التربية وإعداد المعلمين والمعلمات يقع عليها عبء كبير في إعداد المعلم الذي ينشر هذه الثقافة ويتعامل بها بأسلوب علمي وجذاب. وإذا كنا - عزيزي القارئ - متفقين على ذلك، فإن سؤالا يفرض نفسه وهو: هل أساتذة الجامعات وكليات إعداد المعلمين يحاورون طلابهم أثناء المحاضرات وخارجها؟ خاصة أن هؤلاء الطلاب - غالبا - سيتولون التدريس مستقبلا. إن الحقيقة المرة - من خلال الحديث مع بعض طلاب الجامعات - أن بعض الأساتذة يتشدقون بالحوار ونشر ثقافته في المجتمع، لكنهم هم أنفسهم لا يقومون بهذا الدور مع طلابهم. نعم أقولها وبكل مرارة: يوجد في جامعاتنا أساتذة يطبقون مع طلابهم الرأي الأوحد، وعدم إتاحة الفرصة للطلاب للنقاش أو الحوار في موضوع المحاضرة أو أي موضوع اجتماعي أو ثقافي. إنه ليس شرطا أن يتفق معهم ويوافقهم بالرأي، لكن المهم أن يسمع منهم ويحاورهم. كيف نعد معلما قادرا على نشر ثقافة الحوار مع طلابه في المدرسة وهذا المعلم هو نتاج الجامعات وكليات إعداد المعلمين التي يوجد فيها أساتذة لا يقبلون وجهات نظر طلابهم، ولا يتيحون لهم فرصة التعبير عن آرائهم وانطباعاتهم حيال أي قضية مطروحة للنقاش، بل إن الابتسامة عند بعضهم فيها قولان. والمزعج أن يمتنع بعض الأساتذة في الجامعات عن استقبال الطلاب في مكاتبهم وقت الساعات المكتبية المحددة، بل ويتجنب بعضهم الأحاديث مع طلابهم خارج القاعة بحجة حفظ الهيبة!!. إنها دعوة صادقة - وأنا أول المعنيين بهذا - إلى أن ننشر ثقافة الحوار في قاعات الكليات، وفي ردهات الجامعات لطلابنا وطالباتنا معلمي ومعلمات المستقبل، إذا كنا جادين في محاولة نشر هذه الثقافة في التعليم العام الذي هو بحق المحك الحقيقي لهذه العملية. وأقولها بصراحة ما لم يكتسب المعلمون هذه الثقافة من أساتذتهم في الجامعة، فلن يستطيعوا أن يقدموها لطلابهم في مدارس التعليم، ولن تتحقق آمالنا وطموحاتنا في نشوء جيل يقبل ثقافة الحوار، ولن تنفع مع المعلمين الندوات واللقاءات التي تنادي بغرس هذه الثقافة في نفوس الناشئة. إن المهمة الأساسية - من وجهة نظري - تقع على عاتق أساتذة الجامعات. ولكي تحقق الجامعات والكليات نشر هذه الثقافة فإنه من الممكن أن تطرح الأقسام العلمية من وقت إلى آخر موضوعات للنقاش يشترك فيها الأساتذة والطلاب، ويتم فيها تبادل وجهات النظر بأسلوب علمي؛ سعيا إلى تدريب معلمي المستقبل على الحوار وتقبل الآراء والنقد.
* أكاديمي وكاتب سعودي
alelayan@yahoo.com |
|
|
| |
|