| |
أضواء كيف ظهرت المليشيات بالعراق؟ جاسر عبدالعزيز الجاسر
|
|
المراجعات التي تقوم بها دول الجوار في التعامل مع ما يحدث في العراق، ليس هدفها ولا يمكن أن يكون مساعدة أمريكا لإخراجها من المأزق الذي قادته إليها الإدارة الأمريكية، بل الهدف وما يجب أن يكون هو مساعدة الشعب العراقي الذي أغرقته أمريكا وعملاؤها الذين قدموا مع قواتها الغازية إلى هذا البلد العربي، في أتون ومستنقع التسييس المذهبي ثم قادته إلى الاقتتال المذهبي، فالتسييس المذهبي وضع أسسه المخرب الأمريكي الكبير بول بريمر من خلال إنشاء مجلس الحكم الذي أنشئ على أسس مذهبية مقيتة، ثم جاء جون نغروبونتي السفير الأمريكي الأول بعد الحاكم بريمر تاركاً منصبه السابق في الأمم المتحدة محملاً بخلفية أعماله السابقة في دول أمريكا اللاتينية و(إنجازاته) في تشكيل المليشيات والعصابات المسلحة، لينقل تجربته إلى العراق، حيث تم في عهده ظهور المليشيات الطائفية الشيعية في العراق، كتنظيمات شبه عسكرية لمساعدة قوات الاحتلال الأمريكي في مواجهة المقاومة العراقية الوطنية التي اعتمدت على العناصر السنية مستفيدة من محاولات إقصاء شبابها وقادتها السياسيين وتهميشهم. وهكذا ظهرت أولى المليشيات الشيعية بعد إسباغ شبه شرعية على تنظيم بدر التابع لحزب الحكيم الذي قدم مرشحين ضمن الائتلاف الشيعي، وتبعه حزب الدعوة الذي يعد نوري المالكي الشخص الثاني في قيادته، فشكل مليشياته، وقبل ذلك أطلق التيار الصدري تنظيمه العسكري تحت مسمى جيش المهدي الذي ضم العاطلين من الشيعة وكل من أراد (راتباً) من مكتب الشهيد، فشكل جيشاً رديفاً تكفلت إيران بتسليحه وتقديم رواتب إلى أفراده، وأرسلت قادة محترفين لقيادته، وفي الجنوب تشكلت مليشيات حزب الفضيلة، ثم ظهرت عصابات احترفت القتل والنهب و(التسليب)، وكثيراً ما شهدت المحافظات الجنوبية وحتى بغداد اشتباكات بين المليشيات أنفسها من أجل السيطرة أو للاحتفاظ بالغنائم كما حصل في البصرة حينما اقتتلت المليشيات فيما بينها من أجل الاحتفاظ بمبلغ سبعمئة مليون دولار قيمة ما تم تهريبه من النفط العراقي من المنافذ البحرية الجنوبية في العراق. كما حصل أيضاً اشتباك بين المليشيات الشيعية أنفسها وحصلت كوارث ومآسٍ كبيرة يعرفها العراقيون، وبخاصة المسؤولون في المنطقة الخضراء بعد توصل التحقيقات إلى الأسباب الحقيقية لما حصل في العام الماضي من كارثة على جسر الأئمة الفاصل بين الكاظمية والأعظمية، إذ أشارت التحقيقات إلى مسؤولية إحدى المليشيات الشيعية التي أرادت من تنفيذ الجريمة الحد من نفوذ مليشيات شيعية أخرى، وهي أسباب تنفيذ الجريمة نفسها التي شهدتها مدينة الصدر التي نفذتها جهات شيعية للاقتصاص من (تحرك جيش المهدي). إخفاء نتائج هذه التحقيقات التي تبرئ السنة ولا يريدها القابعون في المنطقة الخضراء حتى يظل أهل السنة هم المتهمون في مثل هذه الأعمال لزيادة الاحتقان الطائفي والسياسي ولتنفيذ أجندة القادمين للعراق من الخارج. غداً.. من يصرف على المليشيات ومن أين تستمد غطاءها السياسي؟
jaser@al-jazirah.com.sa |
|
|
| |
|