المدح مهما بلغ من الفصاحة والوصف والتشبيه ناقص، خديج، قصير، ضعيف، هزيل إن لم يوافق وصف ممدوحه.. وأصدق الأبيات وأجملها هي التي تُكتب بأقلام الواقع، ومنظار الحقيقة، وروح الإنصاف، ووشائج البوح وعين التلقائية. 1ورجل بقامة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وحنكته، ومآثره، ومكارمه أكبر من كل الكلام الذي يُقال فيه من قبل عشاق أخلاقه، وحكمته، وحسن تصرفه، وحلمه، وكبريائه، ومواقفه الرجولية..
كما أن صفاته تغنيك عن البحث في التاريخ للعثور على قدوة قيادية.. حتى إن الشعر يظل في سباق مع تدوين تلك المآثر والمكارم قاصراً عن مجاراتها.. وأقرب مثال على ذلك النهضة التي تنعم بها أم العواصم الرياض تحت ظل سلمان بن عبدالعزيز.. فالرياض نبتة حضارية رعاها الأمير سلمان بن عبدالعزيز الابن البار الذي استطاع أن يصنع من الرياض واجهة حضارية لم تقف عند حدود أم العواصم بل تجاوزت بالثقافة العمرانية تلك القرى المتناثرة في نجد وأصبحت مدناً تضاهي الرياض بكافة الخدمات والتطور الحضاري كل هذا تم في نصف قرن.. في خمسين عاماً..
ولكن يظل التغني بمآثر سموه ضرباً من الواجب، حتى ولو لم نستطع كتابة القصيدة التي تقترب من عطاء ومكارم ورجولة سلمان بن عبدالعزيز.. ويظل العشق ل(نجد) رمزاً لحبنا لأميرها..
مُنى كل نفسٍ حيث كان حبيبها).. |
قراءة: محمد بن حمدان المالكي
وهذا (شاعر آل سعود) الأمير عبدالعزيز بن سعود بن محمد آل سعود يجدد المحبة لأميرها ممتطياً صهوة الواقع للوصول إلى أطراف بحر العطاء والحكمة (لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود) أمير الوفاء، والعطاء، والإباء..
يقول (شاعر آل سعود) في أول أبيات رائعته (مر خمسين عام) التي سطر معانيها في صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز:
مر خمسين عام كنها ربع يوم |
مثل برق نشوفه كاشف في سحاب |
بدأ شاعرنا أبياته بفكرة رائعة عظيم ما فيها، مشوقة لما بعدها..
هنا كان شاعرنا حذقاً في استخدام مفرداته الشعرية بحرفية الشاعر المثقف، فقد استخدم كلمة (عام) التي أعطت صورة متفائلة، فالعرب عندما يستخدمون كلمة (سنة) في حديثهم، فإنهم يعنون بها القحط، أما عام ففيها رمز التفاؤل..
وقد اصطاد شاعرنا فكرة جميلة في تركيبة وفكرة الشطر الأول (مر خمسين عام كنها ربع يوم)، والفكرة هنا أن صاحب السمو الملكي أمضى في إمارة الرياض خمسين عاماً مرت كالبرق، لأن من نحبه يمضي وقتنا معه في لمح البصر، والعكس صحيح، والأمير سلمان بن عبدالعزيز رجل أحببناه وأحبنا فمضى الوقت دون أن نشعر، بعد أن ملأه بالمنجزات والعدل، والصلة، والحكمة، والتضحية.
يقول المثل:
(الوقت الممتلئ يمضي سريعاً).. |
للسياسة سلوم وللإمارة سلوم |
والعدل ما له إلا طول الأيام باب |
فيه سلمان واقف ناظره ما ينوم |
دون ظلم الخطايا ينتصر للصواب |
وهنا يشير شاعرنا إلى أن الأمير سلمان قد بنى مجده بعدله، فالعدل أساس، وللحكم نبراس..
بنى العدل في قلوبنا.. فأحببناه بكل جوارحنا..
بنى العدل بيننا.. فعشقنا مآثره..
بنى العدل في حكمه.. فزدنا به إعجاباً..
آثر الحق، فكان طريقاً للمحبة..
وحصن حكمه بالعدل، فكان سوراً منيعاً، لا تحرقه نار، ولا يرومه أشرار..
منه رسم الفضايل كثر عد النجوم
جفت أقلام قومٍ يضبطون الحساب
للأمير سلمان صفات جمة تميزه عن غيره من الرجال، ومنها اختصاصه في زرع الفضيلة في ذاته وفي الآخرين..
يقول هرقليطس:
(الفضيلة هي أقصر طريق إلى المجد)..
وهذا هو ديدن سموه، تحلى بالفضيلة، فعلا نجمه وسطع في سماء المجد..
فقد رجح الفكر على الكلام، وغلب الفضيلة على الفكر فسما في قلوبنا..
منتهى الطيب كله جعل عزه يدوم |
منشآت التطور فالسهل والهضاب |
هو جنب كل حظ في وطنا يقوم |
يشهد الشعب من شيبانها والشباب |
ما خبرنا به أحد من نداه محروم |
عند حل السؤال وعند حل الجواب |
حي راس لعز الشعب كله يروم |
لأبيض الحق والتقدير سهل الجناب |
تنتهي عند سلمان الرياض العلوم |
كلما كبرت القالات راحت هباب |
القصايد بمدحه مفطرة ما تصوم |
وقاف ما هوب في سلمان يا شعر شاب |
المتصفح لسيرة صاحب السمو الملكي الأمير سلمان يجد رصيداً عظيماً من الإنجازات، وجبالاً من الأعطيات، وبحوراً من الحكمة، وشموساً من المواقف السامية التي سطر بها مجده، حتى أصبح مثالاً للوفاء، ورمزاً للتضحية، وعنواناً للإباء، وقبلةً للعطاء، ومأرزاً للفطنة، ومنبعاً للفضيلة، لذلك لم يجد شاعرنا صعوبة في كتابة مثل هذاالنص الرائع في عظيم من عظماء العرب والمسلمين، لأن مواقفه كالنجوم بأيها اقتديت اهتديت..
به تروم المعالي طامحات العزوم |
هاجس العز عن سلمان أبد ما يغاب |
الكرم والشهامة في سجاياه توم |
سلة السيف راية واليقين النصاب |
كلما حام في عال السما ما تحوم |
كاسرات الجوارح يوم يشهر تهاب |
في الحقيقة أن هذه الدرة التي سطرها شاعر آل سعود صاحب السمو الأمير عبدالعزيز بن سعود بن محمد آل سعود لن تمر بسهولة عن الذائقة الشعرية، كما أنها لن تمر بسهولة على المفكر الراقي، والأكاديمي المتخصص، والباحث التاريخي الأمين، فهي درة تلألأت بتلألؤ مَنْ قِيلت فيه، وسَمَتْ بِسمو مَنْ سُطِّرَتْ فيه صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله..
القصايد بمدحه مفطرة ما تصوم
وقاف ما هوب في سلمان يا شعر شاب
|