Al Jazirah NewsPaper Friday  01/12/2006G Issue 12482تحقيقاتالجمعة 10 ذو القعدة 1427 هـ  01 ديسمبر2006 م   العدد  12482
رأي الجزيرة
الصفحة الرئيسية

الأولى

محليــات

الاقتصادية

الريـاضيـة

مقـالات

المجتمـع

فـن

استراحة

الثقافية

دوليات

متابعة

أفاق اسلامية

أبناء الجزيرة

منوعـات

نوافذ تسويقية

شعر

الرأي

عزيزتـي الجزيرة

الطبية

تحقيقات

مدارات شعبية

زمان الجزيرة

الأخيــرة

أساليب مبتكرة ومتنوعة للإيقاع بالمتعاطفين
مكافحة التسول مسؤولية جماعية واجتماعية

* المدينة المنورة - مروان عمر قصاص:
التسول ظاهرة تنتشر في العديد من مناطق المملكة وتشكل في بعض المناطق، وبخاصة مكة المكرمة والمدينة المنورة، ولا سيما في بعض المواسم الدينية مثل شهر رمضان وموسم الحج؛ وضعاً يرقى بها إلى أن تصبح مشكلة. وهذه الظاهرة تساهم في إزعاج رواد المساجد وتشوه جمالية شوارعنا، وهي مرفوضة من المجتمع وينبذها المبدأ، وتسعى الدولة من خلال آليات عمل منسقة إلى الحد منها ومن انتشارها، وتقوم عدة جهات بمكافحتها، وذلك بعد نشر العديد من المؤسسات الاجتماعية التي تساعد المحتاجين بعد دراسة حالتهم، ومنها الضمان الاجتماعي والجمعيات الخيرية المنتشرة في أرجاء الوطن.
وتقوم إدارات مكافحة التسول في مناطق المملكة بجهود مكثفة ومتواصلة لمكافحة هذه الظاهرة، وتقوم فرق التفتيش بجولات ميدانية لهذا الغرض، وتقوم خلال هذه الجولات بالقبض على المتسولين. ولأن بلادنا تحتضن أعداداً كبيرة من المقيمين فإن غالبية المتسولين الذين يتم القبض عليهم هم من الأجانب المقيمين بالمملكة. وعلى رغم أن التسول ظاهرة مرفوضة من المجتمع إلا أن الكثير من العلماء والمشايخ يحذرون من الكسل في طلب لقمة العيش والركون إلى التسول، فيقول أحد العلماء: (لا يليق بالرجل القادر أن يرضى لنفسه أن يكون حملاً على كاهل المجتمع ثقيلاً مرذولاً، وأن يقعد فارغاً من غير شغل، أو أن يشتغل بما لا يعنيه. إن هذا لمن سفه الرأي وسذاجة العقل والجهل بآداب الإسلام، قال عمر رضي الله عنه: إني أرى الرجل فيعجبني شكله، فإذا سألت عنه فقيل لي: لا عمل له، سقط من عيني). ويقول: إن العمل مهما كان حقيراً فهو خير من البطالة وخير من سؤال أحد من ذوي المال.
تسوُّل تقني عبر الإنترنت
لجأ بعض المتسولين إلى استخدام وسائل التقنية والاتصالات في التسول كنوع من التطور. إن شبكة الإنترنت تستخدم لهذا الغرض من خلال رسائل تصل على الإيميل، وأيضاً من خلال اتصالات هاتفية من هواتف مجهولة وبأساليب رخيصة. وقد نشرت مؤخراً قصة تؤكد هذه الحقيقة؛ فقد طلب أحدهم في دولة غربية وبطريقة لبقة ومهذبة من رواد شبكة الإنترنت أن يرسلوا له دولاراً، وبعد أكثر من سنة على إطلاق هذه الفكرة جمع هذا الرجل البالغ الأربعين من العمر أكثر من 3100 دولار. فقد أنشأ هذا الرجل موقع (أرسلوا لي دولاراً) على الإنترنت الذي يختصر اسم الفكرة، ألا وهي إقناع غرباء بأن يرسلوا له بالبريد دولاراً أو ما يعادله بالعملات الأجنبية دون أي مقابل. وتبيّن له لاحقاً أن هذه الفكرة لاقت رواجاً كبيراً عكس توقعاته، وروى الرجل في اتصال هاتفي أجري معه من نيويورك: (كنت أودّ إطلاق فكرة مبتكرة على الإنترنت، وكنت أعمل لإعداد مجلة على الإنترنت، وتبيّن لي أن هذه الفكرة لن تهم أحداً؛ لأن هناك ملايين المجلات على الإنترنت). ومضى يقول: تحقّقت من وجود 300 مليون مستخدم لشبكة الإنترنت، وقلت لنفسي: ماذا سيحصل لو بعث 10% منهم لي دولاراً بالبريد؟ لماذا لا أنشئ موقعاً يحمل اسم (أرسلوا لي دولاراً)، وبسرعة فائقة تأكَّدت من أن هذا الاسم ليس مستخدماً. وأشارت شركة ياهو إلى أنه (موقع الأسبوع)، وهكذا سارت الأمور بنجاح لم يكن متوقّعاً. وتابع: (لقد حصلت على ما بين 30 إلى 40 ألف ردّ في غضون ثلاثة أو أربعة أيام. إن الأمر مسل للغاية، وأتلقى أجوبة من جميع أنحاء العالم). ومضى يقول: (لا أحد يدري أين يصل بي المطاف عندما يبدأ مفعول الدعاية في العمل)، وخلال فترة بسيطة انتشرت هذه المواقع وأصبحت بالعشرات تستجدي مستخدمي الشبكة العنكبوتية.
آراء حول الظاهرة
ومن أجل التصدي لهذه الظاهرة حرصنا في (الجزيرة) على استقصاء العديد من الآراء حول التسول بمنطقة المدينة المنورة؛ حيث تولي حكومتنا الرشيدة اهتماماً كبيراً لمعالجة هذه الظاهرة، ومن ذلك إصدار مجلس الوزراء الموقر توجيهاً لدراسة ظاهرة التسول وتكليف وزارات الداخلية والعمل والشؤون الاجتماعية بمتابعة هذه الظاهرة والوقوف على أسبابها الحقيقية، مع وضع حلول مناسبة للحد منها، وهو تأكيد على اهتمام قيادتنا الرشيدة بهذه الظاهرة، وهو ما سيفعل الجهود لمكافحتها، كما أن شرط المناطق تتولى حالياً مهمة مكافحة التسول والقبض على المتسولين.
يقول مدير مكافحة التسول بالمدينة المنورة الأستاذ فهد الزغيبي: إن المكتب وبتوجيهات من المسؤولين يحرص على التوعية بأهمية محاربة التسول في المجتمع، وضرورة تعاون المواطنين والمقيمين للحد من هذه الظاهرة، وتحذير المواطنين من مغبة ترويج هذه الظاهرة من خلال التعاطف مع هذه الفئة التي تمتهن التسول ونحن في بلد يكفل الحياة الكريمة لكل فرد فيه من خلال سلسلة من المؤسسات الحكومية والأهلية التي تسعى إلى مساعدة المحتاجين وتتم حملات التوعية من خلال وسائل الإعلام ومن خلال اللوحات التوعوية التي يتم وضعها في الشوارع والأحياء، إضافةً إلى نشرات توعوية يتم توزيعها في الأسواق والمساجد والأجهزة الحكومية، وقد لمسنا صدى جيداً لهذه التوعية، إلا أننا نطمع في المزيد؛ لأن جهودنا لا تكتمل إلا بتعاون الجميع معنا للحد من هذه الظاهرة التي تشوّه مدننا وشوارعنا وتعطي مؤشرات خاطئة عن حياتنا الاجتماعية التي يسودها التكافل الاجتماعي والتراحم.
وحول عمل المكتب قال الزغيبي: إن المكتب أصبح بعد تحويل عمليات القبض على المتسولين للشرط داراً للإيواء؛ حيث يتم استلام المتسولين المقبوض عليهم - مواطنين وأجانب - من الشرطة، وتتم إعاشتهم ورعايتهم جميعاً، وبالنسبة للأجانب يقوم المكتب بمتابعة إجراءات ترحيلهم حسب النظام، أما السعوديون فتتم دراسة حالاتهم والبحث عن السبل الكفيلة بعدم ممارستهم للتسول، كما يتم التعرف على ظروفهم الحقيقية والدافع لهم للتسول، ثم يتم تحويل كبار السن منهم إلى دور العجزة بعد دراسة حالتهم من قبل المكتب للتأكد من حالتهم، كما تتم إحالة بعض الحالات إلى الضمان الاجتماعي، أما الشباب فيتم تحويلهم لمكتب العمل للبحث عن أعمال مناسبة لهم.
وبيّن الزغيبي أن إجمالي عدد المتسولين الذين تم القبض عليهم خلال الشهور التسعة الماضية من هذا العام - من محرم إلى رمضان المبارك - بلغ (1047) متسولاً ومتسولة، وهؤلاء تم القبض عليهم من قبل المكتب في بداية العام، ثم من شرط المناطق بعد إناطة هذه المهمة إليها.
ويقول أحد المراقبين في مكتب التسول: إن أكثر ما يزعجنا أن بعض المتسولين المقيمين ممن يجيدون اللهجة السعودية يقومون باستئجار سيارات فاخرة من مكاتب تأجير السيارات للتسول من خلال بعض الحكايات الوهمية؛ مثل أن يقف أمام إحدى محطات الوقود ويدّعي أنه نسي محفظته ويطلب مبلغاً من المال أو لشراء دواء، وقد يطرح اسماً معيناً لأخذ المال، وعندما تقول له: أنا أشتري لك ما تريد، يدعك وشأنك. وحذّر المراقب من الوقوع في مثل هذه الخدع الوهمية التي تنطلي على بعض المواطنين الذين يتعاطفون مع هذه الحالات. وحول تسوّل الزوار والمعتمرين والحجاج يقول: إن الجهات المختصة تضع برامج جيدة للحد من هذه الظاهرة.
جهود مكثفة من الشرط
من جهة أخرى، أكد العقيد محسن بن صالح الردادي مدير شعبة التوجيه بشرطة منطقة المدينة المنورة أن شرطة المنطقة تتولى منذ شهور عملية القبض على المتسولين ضمن حملات منظمة، وتقوم بتسليم المقبوض عليهم لمكتب التسول. ويوجه مدير شرطة المنطقة اللواء أحمد الردادي بتكثيف هذه الحملات للحدّ من هذه الظاهرة. وبيّن االعقيد الردادي أن إحصائية صادرة من شرطة منطقة المدينة المنورة تشير إلى أن إجمالي المتسولين الذين تم القبض عليهم خلال شهر رمضان الماضي بالمدينة المنورة بلغ (557) متسولاً ومتسولة، منهم (51) سعودياً. وطالب الردادي بضرورة تكثيف جهود التوعية في المساجد والمدارس حول سلبيات التسول، وكذا دعا المواطنين إلى أن يكونوا أكثر وعياً، وألاَّ يتجاوبوا مع المتسولين حتى لا نشجّعهم على امتهان هذه المهنة التي فيها إذلال وامتهان.
نحتاج إلى جهود جماعية
وقال الأستاذ أسعد حسني القبلي مدير إدارة المطبوعات بفرع وزارة الثقافة والإعلام بالمدينة المنورة: إن الإنسان يشعر بالأسف والأسى كلما شاهد رجلاً أو امرأة أو طفلاً يستجدي الآخرين في المساجد أو الأسواق أو داخل بعض المؤسسات الحكومية، وترتفع درجة الأسف والألم حين يرى المتابع أن هذه الظاهرة في تزايد، وبخاصة في المساجد؛ حيث يلجأ المتسول إلى الوقوف أمام المصلين فيعكّر صفوهم ويشتت تسبيحهم؛ حيث يشرح حالته من مرض أو فقر حتى تعوّد الناس وقلّ اهتمامهم بتفاصيل تلك الحالات، ونجد أن الكثيرين يحرصون على مساعدة هؤلاء المتسولين، وكان الأجدر ألاَّ نشجع هذه الظاهرة، وبخاصة إذا عرفنا أن عدداً من المتسولين ليسوا بحاجة للتسول، بل أصبحت حالة مرضية ووسيلة للتكسب والثراء غير المشروع، وهو ما يجب علينا كمجتمع أن نتصدى له مع الجهات المسؤولة حتى نقضي على هذه الظاهرة السلبية التي تشوه جمالية وطننا.
نعم لحملة وطنية ضد التسوّل
يقول العميد المتقاعد وعضو المجلس البلدي بمحافظة خيبر عائض بن عبد الحميد العوفي: إنني ضد انتشار هذه الظاهرة، وبخاصة أننا في بلد يكفل الحياة الكريمة للجميع من خلال العديد من الهيئات، مضيفاً: إنني مع ما طرحه بعض الأكاديميين الذين طالبوا بضرورة تنسيق مكافحة التسول من خلال حملة وطنية تشارك فيها كافة الجهات الحكومية والخاصة، وطالب بأن تستند الحملة المقترحة إلى معلومات موثقة وخطط وبرامج ومؤسسات تنفذ وتعالج. وقال العوفي: إن الحملة المقترحة تحتاج إلى بذل جهد كبير، وتكون مصحوبة بحملة إعلامية وتوعوية منظمة، وتستدعي تجنيد آلاف من المتطوعين من الرجال والنساء والشباب من طلاب الجامعات والمدارس وغيرهم، كما تحتاج إلى مشاركة أئمة المساجد والخطباء والمصلين في هذه الحملة.
التسوُّل مرفوض
ويري المواطن علي حميد العوفي أن التسول يبدو كأنه وسيلة سهلة لكسب النقود؛ حيث لا يحتاج المتسول إلى جهد، ولا يحرص على الاستيقاظ مبكراً كل يوم للتوجه إلى عمله، ولهذا يمكنه أن ينفق بغير حساب ويتمتع كما يشاء، ونسمع عن حكايات أبطالها متسولون يقطنون في دور بسيطة، ويحدث لسبب من الأسباب أن يكتشف المحيطون بأحدهم أنه نائم على ثروة طائلة. وأضاف: إنني على ثقة أن الجهات المختصة في بلادنا لم تدخر جهداً إلا وبذلته في سبيل الحد من هذه الظاهرة التي ليس لها مسوّغ مقبول في ظل حرص الدولة - أعزها الله - على توفير الحياة الكريمة للجميع، وليس أدلّ على ذلك من الفكرة الأخيرة القاضية بصرف العلاج وتسديد فواتير الخدمات للفقراء التي تدرسها وزارة العمل لتُنفَّذ خلال الشهور القادمة بمشيئة الله.
دراسة الظاهرة ووضع الحلول
ويقول الأستاذ أحمد البكري (معلم): إن هذه الظاهرة تستحق اهتمام الجميع والإحاطة بكافة جوانب هذه الظاهرة ووضع الحلول المناسبة لها، وذلك من خلال تكليف عدد من الأكاديميين لدراستها وطرح مجموعة من الأسئلة المؤرقة حول تفشي هذه الظاهرة في مناطق المملكة، وخصوصاً أن نسبة المواطنين المتسولين قليلة بالنسبة للمتسولين الأجانب، والخروج بنتائج علمية حول أسباب تسوّل المواطنين هل هي مرضية؛ أي أن المتسول دأب على هذه العادة، أو أنها لحاجة فعلية؛ حيث لا يجد الرجل ما يعول به نفسه فيلجأ للتسول، أو بسبب البطالة أو قلة الدخل المادي أو كبر السن وغير ذلك، ومحاولة علاج هذه الحالات والتصدي لها بالتعاون مع المجتمع والهيئات والجمعيات التي تساعد المحتاجين.
تحذير
ويؤكد أحد الباحثين الاجتماعيين المهتمين بالقضايا الاجتماعية في دراسة عن ظاهرة التسول ارتباط هذه الظاهرة بجريمة السرقة، بل إنه - أي التسول - قد يكون لدى البعض من مجرمي السرقات مجرد ستار للوصول إلى أهدافهم والتخطيط لسرقاتهم؛ حيث يتعرف المتسول الذي قد يكون هو السارق أو أنه جسر لعصابة سرقة على مواقع المحتويات المطلوب سرقتها ثم التسلل مرة أخرى لتنفيذ جريمة السرقة، وقد اكتشف رجال الأمن في بعض القضايا بعض الحالات من المتسولين قاموا بسرقة محلات تجارية وشقق سكنية، وكثيراً ما تحذر بعض الجهات الأمنية من مغبة العطف أو التعاطف مع المتسولين أو إدخالهم إلى المنازل والمحلات؛ حتى لا يكونوا طعماً لسرقة يخطّط لها بعض ضعاف النفوس من خلال تجنيد بعض ممتهني التسول كمخبرين.
أساليب مبتكرة للفت الانتباه
يتَّبع المتسولون أثناء قيامهم بالتسول أساليب كثيرة لاستدرار عطف المواطنين، فبعضهم يصطحب الأطفال الصغار في هيئة رثة، وبعضهم يدَّعي المرض والإعاقة أو ترويج بعض الأدوية والخزعبلات على المواطنين أو من خلال توزيع تقارير طبية كاذبة ويدّعون أنها لأقرباء لهم، وهناك من يقصد قصور الأفراح للتسول بطريقة توزيع أوراق مكتوبة ثم جمعها مع ما تجود به نفوس معازيم الفرح، وهناك من يدَّعي أنه يروّج لمشروع خيري كبناء مسجد في دولة ما أو مدرسة وغير ذلك، ولكن رجال المكافحة يعرفون كافة هذه الأساليب ويتعاملون معها.. وهنا أودّ أن أدعو المواطنين إلى الانتباه لأساليب المتسولين وهي في غالبيتها غير حقيقية.





نادي السيارات

موقع الرياضية

موقع الأقتصادية

كتاب و أقلام

كاريكاتير

مركز النتائج

المعقب الإلكتروني

| الصفحة الرئيسية|| رجوع||||حفظ|| طباعة|

توجه جميع المراسلات التحريرية والصحفية إلىchief@al-jazirah.com.sa عناية رئيس التحرير/ خالد المالك
توجه جميع المراسلات الفنية إلى admin@al-jazirah.com.sa عناية نائب رئيس التحرير/ م.عبداللطيف العتيق
Copyright, 1997 - 2006 Al-Jazirah Corporation. All rights reserved