| |
أضواء الصحفيون العرب... كيف الحال؟!! جاسر عبدالعزيز الجاسر
|
|
لم يعد الإعلام ترفاً تمارسه المجتمعات، إذ لم تعد وسائل الإعلام تقدم مساحات للترفيه والتوعية والثقافة فحسب، بل أصبح الإعلام شريكاً أساسياً في التأسيس لخيارات المجتمعات ومساهماً أصيلاً وأساسياً في صنع القرارات وصياغتها، وقد احتل الإعلام مكانته في المجتمعات المتقدمة، حيث أخذ ينظر بعين الاهتمام لما تذكره وتعرضه وسائل الإعلام من مقترحات ودراسات وأبحاث، وتحلل الانتقادات والمعلومات والمخالفات التي تكشفها وسائل الإعلام ليس في البلد الذي تصدر فيه المؤسسات وتبث محطاتها الإذاعية والتلفزيونية، بل يتعدى ذلك إلى خارج الحدود، فبعد تطور التقنية التي أتاحت استقبال الرسائل الإعلامية أينما يكون المتلقي والسعي الحثيث للمرسل، أصبح كل شيء مباحاً ومعروفاً، فالمعلومة تنتقل بسرعة لا يحتاج الباحث عنها إلا تحريك زر أو يوجه (الريموت كنترول) أو مؤشر البحث حتى تتدفق المعلومات أمام ناظريه، وعليه أن يختار ما يخدم الفكرة والموضوع الذي يتناول.. ومثلما اعتبرت مقولة (العالم قرية كونية) يصح اعتبار الصحفي مواطناً عالمياً يكتب عن بلده والبلدان الأخرى بالاهتمام نفسه، والأهمية، خصوصاً إذا كان المجال يخدم الإنسانية ويدافع عن البشرية وحقوق الإنسان في العيش الكريم، مدافعاً عن الإنسان والبيئة... وحتى الحيوان مدافعاً عن التوازن البيئي والملك الإنساني. هذا المواطن العالمي يحظى بالاحترام والتقدير في كل الدول المتقدمة منها والنامية، إلا في الدول العربية، فالصحفيون كما في العراق وفلسطين أهداف جاهزة لرصاص قوات الاحتلال والإرهابيين، ففي العراق قتل أكثر من 145 صحفياً منذ الغزو الأمريكي عام 2003م حتى الآن، وفي الأسابيع الثلاثة الأخيرة فقط قتل ثمانية صحفيين وصحفيات على أيدي قوات الاحتلال والإرهابيين في العراق، وهو أمر يتكرر بصورة مشابهة في فلسطين. هذا في البلدين المحتلين، أما في الدول العربية الأخرى فيواجه الصحفيون تهميشاً، حيث تحجب المعلومات وتضع العراقيل أمام الصحفيين الذين يتعرضون لمضايقات عدة من أهمها ممارسة الضغوط الرسمية، ومن لا يستجيب وينفذ التعليمات تلفق له الاتهامات وتعقد المحاكمات للصحفيين، وعادة ما تنتهي تلك المحاكمات بصدور أحكام واجب التنفيذ تقيد حرية الصحفي وترميه بالسجن مع حرمان من يعولهم من العيش الكريم. هذه الإجراءات والمضايقات والقتل الموجه للصحفيين العرب جعل من هذه المهنة ليست مهنة خطرة فقط، بل حولت نسبة كبيرة من الصحفيين إلى مدّاحين للأنظمة والحكومات متخلين عن واجبهم في خدمة مجتمعاتهم.
jaser@al-jazirah.com.sa |
|
|
| |
|