| |
ظاهرة تكريم الطلاب المتفوقين محمد أبو حمرا
|
|
لو أردت إحصاء الأسر والبلدان التي تقيم احتفالات لتكريم المتفوقين ما استطعت ذلك؛ لأننا نسمع أو نحضر مناسبات عدة لتكريم المتفوقين في عدد من المدن والقرى، وتلك الاحتفالات تقيمها أسر أو لجان متخصصة بتكريم الطلبة، ولعل آخر حفل حضرته كان في مدينة جلاجل في الأسبوع الذي بعد العيد، وهو حفل كبير وجاد وجميل، بنيت له صالة تتسع لألف مشاهد قام بنفقاتها الشيخ عبدالعزيز الشويعر (أبو زكي) جزاه الله خيراً، (الشويعر أنفق الكثير على مشاريع خيرة في مسقط رأسه جلاجل وفي غيرها) وقد علمت أن هنالك الكثيرين ممن يحملون الدكتوراه والماجستير من أبناء جلاجل، ومنهم الطبيب الشهير الدكتور عبدالله الربيعة، وغيره كثر من مشاهير هذا الوطن، لذا جاء المجتمع الجلاجلي متفتحاً ومرحباً بتكريم البراعم لتكون مثل الآباء في العلم، ولو كان الجهل والعامية أكثر عندهم ما وجدتهم يتحركون ذلك الحراك، لكن الثقافة تصنع الحوافز للرجال. وفي منطقة سدير هناك الكثير من الاهتمام بتشجيع الطلاب في مختلف المراحل، سواء من البلدات أو من أسر من تلك البلدات، فهناك أسرة الماضي أهل حرمة تقيم احتفالاً سنوياً في بيت الشيخ عبدالله الماضي (أبو عبدالمحسن) بالرياض لتكريم المتفوقين من أسرة الماضي، وفي جلاجل كما ذكرت آنفاً وفي روضة سدير يقام حفل سنوي للتكريم بمكتبة الشيخ أبا بطين، وفي حوطة سدير يقيم الأهالي حفلاً هناك للمتفوقين على مستوى الأسر أو المجموعة، أما المجمعة فهناك أعداد كبيرة من الأسر الكثيرة تقيم تلك المناسبات الجميلة لتكريم الطلاب، وهي كثيرة لا يمكن حصرها، وفي القصيم هناك مثلها وكذا في الوشم أشهر احتفال تكريم لأسرة الجميح يقيمونه في شقراء، لكنها تصب في مورد الوطن. المهم أن الذي يعرف أهل سدير جيداً سيجد أن هناك حراكاً ثقافياً لا ينقطع على مدار السنة، فكثيراً ما سمعت عن محاضرة دينية أو فكرية أو عن أمسية شعرية أو قراءة أدبية ونقدية لكتاب صدر مثلاً، وأصبح هذا الهم الفكري محل اهتمام ومنافسة بين الناس هناك، وهو دليل على الوعي الفكري والحس الثقافي الراقي الذي بدأ ينتشر على مستوى المجموعات لا الأفراد مثلاً، وانشغل المجتمع السديراوي بهم الثقافة وملاحقة الأفكار التي تصب في خدمة الوطن كله، ولعل ظهور جيل جديد من الباحثين في التاريخ والأدب والفكر أصبح يبشر بخير للبلاد كلها، فأنا أعرف الكثيرين من الباحثين مثلاً من المجمعة وجلاجل وروضة سدير وحوطة سدير وجنوبية سدير ومن عشيرة والتويم والعطار وغيرها من قرى وبلدان سدير الكثيرة، هؤلاء الشباب المتحمسون تجد لديهم الكثير من الوثائق التي كان الأجداد يحتفظون بها ويخفونها خوفاً عليها، لذا جاء جيل جديد واع من المثقفين والباحثين يهتم بتاريخ المنطقة، وهذا الاهتمام ليس لصالح سدير وحدها بل هو حراك ثقافي له إيجابياته على تاريخ المملكة كلها (ذكرت سدير بالذات لأن الاندفاع للتاريخ والفكر أصبح واضحاً على مدار الخمس السنوات الماضية). أعتقد أن حفلات تكريم المتفوقين إنما هي حافز ودعم لعقول الصغار لأن يتنافسوا في التحصيل المتفوق والجيد لكي يكونوا لبنات جديدة في بناء وطن وأمة، أحيي وأرحب بتلك الظاهرة المشرقة التي بدأت تنتشر في الكثير من مدن المملكة وبلدانها وبين الأسر وأعرف أن مثلها سيكون مردوده على الوطن ككل، وهذا هو المهم والأهم.
فاكس 2372911 |
|
|
| |
|