| |
الباحث المصري محمد حسام الدين لـ (الجزيرة ): اليهود والغرب يحاولون نسب حضاراتنا إلى أنفسهم
|
|
* جدة - صلاح مخارش: الباحث المصري (محمد حسام الدين) الوكيل السابق لمديرية الثقافة في الإسكندرية بمصر يعمل بجهود حثيثة وبارزة في الوقوف والتصدي إلى المحاولات التي تهدف تشويه الحضارات العربية القديمة، فبحث وتعمق في هذا المجال ووقف مع القلة القليلة في وجه التيار المعادي والمضاد الذي يحاول رسم ملامح صورة مختلفة عن أصل الحضارات العربية القديمة؛ لذا ركز جهده في الوصول إلى مجموعة كبيرة من المؤلفات العالمية التي ساهم في ترجمتها إلى اللغة العربية، والتي كانت بمثابة الرد على بعض الادعاءات أو المزاعم التي يريد البعض ترويجها حول (التشكيك) في الحضارات العربية القديمة ونسبها إلى الآخرين فجنّد جهوده وعمل لكشف الحقائق، واعتمد في ذلك على حصيلته اللغوية التي تتكون من عدة لغات أجنبية، فترجم العديد من الكتب التي كانت ترد بدورها على افتراءات البعض. وفي لقائنا مع (محمد حسام الدين) حاورناه من هذه النقاط، إذ حاول أن يكشف لنا كيف أن البعض يحاول النَّيْل من حضاراتنا.. فإليكم نص اللقاء: * من خلال ما قدمته في ترجمة العديد من الكتب، نرى تركيزك على المؤلفات التي تهتم بالحضارات القديمة والحياة الأسطورية أو الغيبية المجهولة.. فما هو السر في ذلك؟ - لكل إنسان ميوله واتجاهاته المتفردة والمنفردة عن الآخرين، وأعتقد أن التخصص في مجال الحضارات القديمة تعمقت فيه كثيراً لأنني أحببته، وقد قام البعض بسبر أغوار الحضارات القديمة ولكن لم يكن بشكل منطقي وصحيح؛ لذا أرى أن الغرب واليهود بشكل كبير تطرقوا إليه ولكنهم حاولوا تحريف نواحي منها بالذات في نسب بعض الحضارات العربية القديمة إلى أنفسهم، فمثلاً نجد أن أكثر من مائتي كتاب يهودي كلها تحاول النَّيْل من الحضارات العربية ونسبها إلى اليهود. * لو أخذنا كلامك الأخير حول الافتراءات اليهودية على الحضارات العربية ونسبها إليهم وكأن العرب من دون حضارة.. فهل ما زالت ساحة هذه الحضارات تشهد حرباً عربية - يهودية حول أحقية كل فريق بهذه الحضارة أو تلك؟ - حتى الآن ما زالت حرب الحضارات قائمة بين العرب وإسرائيل ومتأججة، ولم يخمد أوارها، وهذه الحملة الصهيونية قديمة جداً بدأها بوسيفوس المؤرخ اليهودي ولا تزال مستمرة حتى يومنا هذا، ولهذا لم نستبعد قول مناحم بيجن رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق في السبعينيات وبداية الثمانينيات عندما وقف أمام الأهرام وقال: ها أنا أطل على الأهرامات التي بناها أجدادي، فهما محاولة منه لتزييف الحقائق حيث جاءت معاول الحفر لتكشف مدى زيف وادعاءات بيجن، فقد تم الكشف عن مقابر العمال ورؤسائهم بناة الأهرام، ومن دراسة وتحليل العظام تأكد لنا أنهم مصريون لحماً ودماً وليسوا يهوداً أو قوماً جاؤوا من الفضاء.. هذا الكشف أخرس ألسنة من ادعوا أن الأهرامات قد بناها غير المصريين، فهم يحاولون دائماً أن ينالوا من حضاراتنا، وأن ينسبوا إلى أنفسهم أغلى ما نملك؛ لذا وجدت دوري مهماً في الرد على تلك الافتراءات التي كانت من خلال ترجمة العديد من الكتب لمؤلفين غربيين والتي اهتمت بتسليط الضوء على حضارات العالم.. وعلى الرغم من المحاولات القليلة لبلورة رؤية عربية إسلامية موحدة، فنحن نحاول في ذلك تقديم أدلة محايدة من خلال رؤية تاريخية وحضارية تثبت حضارتنا.. وهم يزعمون أن حضارة الشرق هي في الأصل من الغرب، وهذا عكس النظريات المعروفة، وهناك كتاب اسمه (سقوط الحضارة) لكولن ولسن، وهو مؤلف إنجليزي شهير كتب عن الحضارة الغربية قال إن هذه ليست حضارة بل مدنية تضم فقط أشياء مادية مثل المباني وغيرها، ولا توجد أي دلائل تشير لوجود حضارة حقيقية، فالحضارة تشمل الفكر والعقيدة والفنون والأدب والحياة اليومية، وليست ناطحات السحاب أو المدن الكبيرة والشوارع الواسعة المزدحمة بالسيارات والضوضاء. * هل من خلال هذا ترى أن اليهود عن قصد يحاولون التغلغل في ثقافات الغرب لتغيير الحقائق محاولين أن تكون لهم اليد في معظم الحضارات العربية؟ - دور النشر اليهودية في أوروبا وأمريكا لا تكف عن التلاعب والتحريف والكذب والافتراء في محاولة منهم إلى تشويه تاريخ المنطقة وإبعاده عن مساره الصحيح وإهمال الشعوب الفاعلة في هذا التاريخ.. فنحن لا بد أن نأخذ مأخذ الجد كلامهم هذا، فنحن ورثة هذه الحضارة، فيجب أن نكتشف أكثر في حضاراتنا القديمة، أرضهم.. علومهم.. وآثارهم.. ونبحث.. ونسبق العالم الحديث فيما يعجزون عنه.. كما سبق أجدادنا عالمهم القديم.. ولدينا العلماء في كل التخصصات، ولن نعجز أن نوفر لهم كل السبل المتاحة لدراسة هذه الأفكار والنظريات.. ونطلع على العالم بأسرار هذه الهندسة المبهرة.. والرياضيات الرائدة.. ونكتشف العالم.. علميا وحضاريا.. مثلما اكتشفناه قديما وعلمناه.. ولا نرض أبدا بأن تتأكد نظرية تفوّق التلميذ على أستاذه.. خصوصا لو كان التلميذ غير مجتهد. آثارنا.. ليست مجرد أحجار.. وأهراماتنا ليست مجرد مقابر.. وكتاباتنا القديمة.. علوم العالم قديما وحديثا ومستقبلا.. وعلماء الآثار.. في كل العالم العربي عليهم أن يخرجوا إليها وترجمة كل حرف ونقش عليها.. في الأقصر.. وأسوان وإدفو والمنيا والبدرشين وسوهاج والفيوم.. وباقي العالم العربي وأوروبا.. فليقلبوا كل حجر وكل بردية.. بحثا عن العلوم الخفية.. والأسرار الدفينة التي تركها لنا الأجداد.. حتى تعود بلادنا.. مرة أخرى.. مركز العالم.. قديما وحديثا. إن الأوروبين يأتون إلى مصر.. ليس لكي يشاهدوا تماثيلها ومعابدها الأثرية.. ولكن يأتون للدراسة وتصوير النقوش التي لا توجد في بلادهم والعودة بها لبنوك المعلومات وتحليلها والخروج منها بما تشتمل عليه من معلومات طبية وعلمية وهندسية وقضائية.. ثم ينفذونها.. ويطلعون علينا من حين لآخر.. باختراع جديد أو مجدد.. فلماذا نترك لهم تراثنا وعلومنا.. ألسنا جديرين بذلك؟ فيجب أن ندرس كل كلمة ونقش ونترجمها إلى عمل ومبتكرات.. وحياة أفضل.. فقد ترك لنا الأجداد الأسس والمبادئ الخاصة بها.. ألم يوصِ ديننا الحنيف في قول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم بأن نطلب العلم من المهد إلى اللحد. * وجدنا في الكتب التي قدمتها أن لدى الحضارات القديمة هندسة وعلوما تكاد تكون خارقة.. فكيف تكشفت تلك الأمور؟ - على سبيل المثال في عصر ما قبل الإنكاس عثر في مدينة أولاتاهوامبو ومدينة ساكسهومان في بيرو على أحجار ضخمة للبناء تزن مائة طن، وبالرغم من هذا الوزن الهائل فإن الأحجار لم تكن تسمح بمرور ورقة خفيفة ولا توجد حتى مونة ترى بالعين المجردة.. ولا يوجد هذا النوع من المباني بأي مكان في العالم إلا في مصر القديمة، وبالطريقة التي وجدت عليها المباني في بيرو.. والهرم الأكبر أو هرم خوفو الذي يعد من أعظم المباني الهندسية في العالم القديم.. لا بد أن بانيه الملك خوفو كانت لديه معرفة ممتازة بالعلوم الهندسية والمعمارية، ولكن الأهرام تضحك من الذين يحاولون كشف أسرارها والوصول إلى حقيقة بنيانها. فهناك عند القاعدة أحجار تزن 15 طنا مرصوصة فوق بعضها أو بجوار بعضها بدقة متناهية تصل إلى درجة 1% من البوصة ولا يمكن لورقة خفيفة أو رقيقة أن تدخل ولو قليلا بين حجرين.. وهذا قبل عصر التكنولوجيا المعاصرة، ولم توجد أمة كررت ما فعله المصريون القدماء ولن توجد.. وإذا قبلنا أن تاريخ بناء الهرم الأكبر تم في زمن لم تكن فيه رافعات ضخمة أو عجلات أو ناش وبقي رغم ذلك شامخاً عاليا محيرا يتحدى العقول.. ويقولون إن الهرم الأكبر كانت بداية بنائه بعد مائة سنة فقط على استخدام المصريين الطين في بناء منازلهم وقبورهم.. فهل من المعقول أن يظهر هذا التطور المعجزة في قرن واحد من الزمان، الذي استغرق بناؤه عشرين عاماً؟ أو يكون هذا الصرح عاليا في العالم كله حتى اليوم؟ وكيف بنى خوفو هرمه المعجزة؟ حتى الآن لم يصل أحد إلى جواب شاف لهذا السؤال. يقول المؤرخ (ديودور الصقلي) في كتاباته عن مصر وآثارها إن 360 ألف رجل قد اشتركوا في بناء الهرم لمدة عشرين عاما.. ويقول هيرودوت إن العدد مائة ألف فقط ولمدة عشرين عاما أيضا، ويقول إن الهرم الأكبر دفع بالملك خوفو إلى الإفلاس وأصبحت خزائنه خاوية على عروشها؛ ما دفعه إلى أن يستغل أجمل بناته ويدفعها إلى احتراف الدعارة.. وحتى لو صحت هذه الفرية.. فكيف تجمع كل هذه الأموال حتى لو بقيت جميلة لمائة عام وليس عشرين عاما؟. لقد نبعت الحضارات من الشرق وانتقلت إلى الغرب، بل سلبت.. ولكن سوف تعود بإذن الله تعالى إلى موطنها الأصلي، فلن تدوم، فبقاء الحال من المحال، فأصل الحضارة من الشرق، وستعود إلى الشرق، وما هذه إلى سحابة صيف، فقد أشرق نور الإسلام من هذه الديار لينتشر إلى كل أرجاء المعمورة.
|
|
|
| |
|