في الأساس الفلسفي لعلم الاقتصاد ينظر للثمن الذي يدفع مقابل الحصول على سلعة أو خدمة على أنه أسلوب للتعبير عن الرأي تجاه مجموعة من القضايا إضافة إلى كونه أداة لتخصيص السلع والخدمات بين المشترين. فالفرد عندما يوافق على دفع ثمن سلعة أو خدمة ما فهو إلى جانب كونه يعبر عن حاجته إلى هذه السلعة أو الخدمة ورغبته في الحصول عليها فهو يعبر أيضاً عن قبوله للكيفية التي أنتجت بها ودعمه لمن يعمل في إنتاجها وللمكان الذي أنتجت فيه ولأسلوب عرضها والدعاية لها إلى غير ذلك من الأمور. وقد لا تكون هذه الجزئيات حاضرة في ذهن المشتري عند اتخاذ قرارات الشراء إذ إنها عمليات تتم بشكل تلقائي ولا يؤبه عادة إلا للوظيفة المباشرة للأسعار. لكن وإن ظل حق ممارسة التصويت عن طريق جهاز الأسعار غير مستخدم في أحيان كثيرة إلا أنه في أحيان أخرى يحفز ليكون حاضراً عند اتخاذ قرارات الشراء اليومية حتى أنه ليكاد يطغى على الوظيفة الأساس. وتأتي على رأس هذه المحفزات المطالبة بمقاطعة منتجات أو شركات أو دول لأغراض دينية أو سياسية أو اجتماعية أو اقتصادية أو بيئية أو غيرها من الأغراض, أو دعمها للأغراض السابقة نفسها. وكثيراً ما استخدم رفض شراء سلع أو خدمات معينة على الرغم من الحاجة إليها وتفوقها على بدائلها كأسلوب للتعبير عن رفض الشخص أو المجتمع لممارسات الشركات أو الدول المنتجة مثل مصادمتها لقيم ومبادئ المجتمع أو لقيامها بتشغيل الأطفال أو لاختبار منتجاتها على الحيوانات أو لإضرارها بالبيئة. وربما دعمت شركات وكسبت منتجاتها شهرة واسعة لكونها تعمل على احترام منظومة الأسس والمبادئ المجتمعية. ويبدو هذا واضحاً في حملات هذه الشركات الدعائية والنشرات التعريفية المرافقة للمنتجات, فلربما قرأ كثيرون عبارات على غرار منتجاتنا غير ضارة بالبيئة, أو نحن لا نقوم بتشغيل الأطفال, أو العبوات المستخدمة هي من منتجات تم إعادة تدويرها, أو منتجاتنا تستخدم مكونات وطنية 100%, و غيرها من العبارات التي تسعى إلى التأثير في أصوات الناخبين (المشترين) فتجعلهم يفضلون البرنامج المصاحب لسلعة أو للخدمة ومن ثم يصوتون لصالحه عن طريق شرائها. ونظراً لضعف شيوع ثقافة التصويت في مجتمعات الدول النامية فإن هذه الوظائف لجهاز الأسعار تكون غائبة, وينحصر دور السعر في الوظيفة التقليدية وبهذه الممارسة يتنازل المشتري عن حقه في التصويت تجاه مجموعة من القضايا المؤثرة في حياته بدون مقابل.
|