إنها لغة الضاد، وما أدراك ما لغة الضاد؟! لغة القرآن، ولغة الفصاحة والبيان، قد زادها الله تشريفا إذ أنزل بها كتابه الإلهي (القرآن الكريم)، فقال الله تعالى: (إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) وزادها الله رفعة وسموا على سائر اللغات في كثرة ألفاظها، وغزارة معانيها ودلالاتها الواسعة، وأصبح لديها من مقومات القوة والاستمرار، ومواكبة أحداث العصر. إنها اللغة العربية، ذلك التراث اللغوي الذي زاد تألقا وإبداعا وعطاء في تلك العهود الماضية، عهود الآباء والأجداد الذين حافظوا على اللغة العربية بالحوار والتخاطب، وحفظوها ودونوها بالمعاجم العربية الواسعة، إذ سخر الله عز وجل علماء للغة يشافهون الأعراب أهل اللغة، ويدونون الألفاظ العربية ودلالاتها الواسعة من مصادرها الصحيحة، ويحفظونها من التحريف والضياع. وعندما ترتبط اللغة العربية بالدين الحنيف فهي ليست لغة التواصل والتخاطب بين المسلمين فحسب، بل هي لغة دين وفكر وحضارة، تملك من مقومات القوة والثبات والإقناع الحضاري المأمول والمنشود ما لم تملكه أي لغة أخرى.. ولكن ما واقع لغتنا العربية اليوم؟! وما موقف المسلمين من لغتهم؟!.. إن حال اللغة اليوم ليس سارا أبدا!! فها هم شباب اليوم، ومع الأسف الشديد الذي يندى له الجبين، يتباهون بالكلمات الغربية والمصطلحات الدخيلة، ويرددونها باسم الحضارة والمدنية، وهم لا يدركون من معانيها شيئا أهي مدح وثناء، أم قدح وهجاء، وها هم الآباء والأمهات ومَنْ لديهم عمالة في الشركات أو البيوت وغيرها، لا يدربون هذه العمالة على اللغة الفصيحة، بل يخاطبونهم بلغة مقطعة رديئة، وليست واضحة تحقق المعنى، وتؤدي الغاية، بل يضحك منها كل إنسان لديه حس لغوي مثل: (أنت يروح شركة، أنت ما فيه معلوم، سيارة أنت يركب).. والأعجب من ذلك أن بعض العمالة الوافدة من دولة واحدة لغتهم مختلفة ويتحدثون بلغة (مكسرة) فيما بينهم. وهذه صور قليلة من كثير تبين إهمال المسلمين للغة العربية خاصة بالحوار والمشافهة بين أفراد المجتمع.
وإذا كان هذا حال اللغة العربية اليوم فما واقع النحو العربي؟! الذي يسعى أعداء الأمة الإسلامية جاهدين إلى هدمهما فقالوا: (إذا أردت أن تهدم حضارة قوم فابن على أنقاض نحوهم لغة جديدة). وإن هجر اللغة العربية أو الانصراف عنها إلى لغة أخرى يعني الانصراف إلى ثقافة أو حضارة ثانية ثم الانصراف عن الكتاب والسنة.
أما آن الأوان أن نخدم لغتنا العربية خدمة جليلة، وأن نبرزها إلى العالمية؛ إذ يكفيها فخرا أن الله قد حفظها، ورفع من قدرها بحفظ كتابه الكريم، وألا نحصرها في المجالات العلمية والأدبية بين المحاضرات والندوات فنُضيّق دلالاتها الواسعة.. تلك الألفاظ التي وسعت كلام الله.. ولله در شاعر النيل حافظ إبراهيم الذي نعى اللغة العربية الفصحى لأهلها الذين هجروها حيث يقول: