| |
ملاحظة مهمة عن المساهمات
|
|
قال أبو عبدالرحمن: ليس منا من لم يقع في كثير من الذنوب كالكلام في غيبة صديق غير مُضَرِّ، ولكن قد لا يرضى عنه، وكالوقوع في كُذيبات لا تقطع حقّاً ولا تحق باطلاً، وكتعمد إضحاك القوم بنكت قد لا تخلو من المجون، وكالاستمتاع بالغناء إطلاقاً عند من يبيحه بشروط.. مع التسويف في كل ذلك بالتوبة؛ فهذه تُزاحم بذكر الله والاستغفار والنوافل وقراءة القرآن تعبُّداً، وسلامة القلب، والسعي في الخير للمسلمين، والإكثار من الحسنات ولو كانت صغيرة كعيادة المريض تعبُّداً لا عادة، وتشييع الميت المسلم تعبُّداً لا عادة يلومه بحكمها أقرباء الميت الأحياء إذا تخلَّف، وإماطة الأذى عن الطريق.. إلخ.. أما الربا فهو من السبع الموبقات، وهو محاربة لله بنص القرآن الكريم، وقد يمكر الله بالمرابي فلا يُختم له بخير، وإنك لترى على وجه المرابي ظُلْمة ظاهرة؛ وبهذه المناسبة أحب من علمائنا ومشايخنا إبراء الذمة ببحوث محقَّقة مدقَّقة عن حكم المساهمات تُشاع إعلاميّاً.. والمساهمات مضاربة مشروعة، ولكن حسب علمي القاصر لا تكون مضاربة مشروعة إلا أن تكون في شراء بضاعة مباحة، أو عمل مباح كالبناء.. ولا يضير أن المساهِم لا يعرف عيناً حقَّه المتعيَّن من البضاعة، بل يكفي أن يعلم أن حقه المشاع بمقدار ما ساهم به من المال من مجموع البضاعة بالنسبة إلى عدد الأسهم للآخرين.. ويترتب على ذلك أحكام يجب مراعاتها حتى نسلم من الربا: الحكم الأول: أن من ساهم لا يجوز له أن يبيع أسهمه قبل وجود العوض وتعيُّنِ الحق فيه.. ويتعيَّنُ الحق فيه بعد دعوة المشاركين بإعلامهم بمقدار ما ربحه السهم أو خسره؛ فحينئذ فقد تحقَّقَ حظه المشاع من البضاعة وإن لم يكن متعيِّناً بعينه.. أما بيع السهم قبل تحقّق البضاعة فهو بيع نقد بنقد متفاضلاً؛ فإن كان مؤجَّلاً فذلك أشدّ حُرمة؛ ولهذا سمعت من يبيع أسهمه في مشروع خادم الحرمين الشريفين - أيَّده الله - بثلاثة أضعافه ولم تتعيَّن مادة المضاربة بعد على ساحة الواقع. الحكم الثاني: أن كل شركة مساهمة لا تُشغِّل جميع رأسمالها، بل تحتفظ بجزء منه كالثلث مثلاً للطوارئ، فيجب توزيع الربح وإسقاط الخسارة من قيمة البضاعة لا من جزء الرأسمال المدَّخر؛ فإن ذلك بيع نقد بنقد لا يجوز إذا كان متفاضلاً، وأسوأ من ذلك التأجيل مع التفاصيل. والحكم الثالث: أن بيع النقد بالنقد متفاضلاً فقط، أو متفاضلاً مؤجَّلاً هو الربا بعينه، ولا يُتصوَّر الربا في غير هذا.. وما كان عندي من صواب فمن الله، وما كان عندي من خطأ فمن نفسي والشيطان، وإنما ألتمس كلمة الراسخين في العلم، والله المستعان. وكتبه لكم
أبو عبدالرحمن بن عقيل الظاهري -عفا الله عنه -
|
|
|
| |
|