في كل بلاد الدنيا تُعلّق صور الحكّام في المؤسسات الحكومية، وتُرفع أعلامها في المناسبات العامة، ويُردّد نشيدها الوطني، إلى غير ذلك مما يعبّر عن وحدة البلاد والانتماء لها، والمملكة العربية السعودية مثل غيرها من دول العالم لديها تعليمات وتوجيهات عن كيفية تعليق صور ولاة الأمر ورفع العَلم وتحيته، وترديد النشيد الوطني، والمتابع يلحظ أن هناك تفاوتاً في التعامل مع هذه التعليمات والتوجيهات، بين ملتزم بإنفاذ ذلك كلّه وحسب ما بُلِّغ به، وبين متردّد ومحجم، وقد تعرض المترددون والمحجمون إلى حملة تشكيك في ولائهم وانتمائهم الوطني، واستنكار لمواقفهم المتخاذلة عن أداء واجب يجسد الوحدة الوطنية، ويغرس الحب للوطن الغالي. وكل منتمٍ لهذا البلد الكريم، محب له، يتفهم حماسة الكتّاب الذين تشككوا واستنكروا المواقف المترددة والمحجمة عن إنفاذ ما يُعد بحق تجسيداً لوحدة هذا الوطن وحبّه والانتماء إليه.
وحتى لا تُظلم هذه الفئة - المترددة والمحجمة - دعونا نقف مع هذا البيت:
أعدّ أحد المشرفين تقريراً عن مدير مدرسة أحجم عن إنفاذ التعليمات المبلّغة له عن أداء النشيد الوطني وتحية العَلم، أوصى فيه بإنهاء تكليف المدير وتمكينه من عمله الأساس معلّماً، وقبل الموافقة على التوصية استدعيت مدير المدرسة وسألته لماذا: لم تنفِّذ التعليمات المبلّغة لك عن النشيد الوطني وتحية العَلم؟ فأجاب قائلاً: والله الذي لا إله إلا هو أنني أحب بلادي الحبيبة المملكة العربية السعودية، وأحب قادتها وولاة أمرها ولهم في ذمتي بيعة وولاء، وأنني في حالة حرج وصراع بين التعليمات المبلّغة لنا وبين آراء علماء فضلاء كلّنا نجلّهم ونقدرهم ونسمع لهم، وأنتم في توجيهاتكم المستمرة تؤكدون على احترام العلماء والتقيّد بما يفتون به، ويوجهون إليه، قلت له: وماذا لديك؟ فسرد موقف عدد من العلماء المعتبرين من النشيد الوطني وتحية العَلم، وطلبت منه ذلك موثّقاً، وفي الغد أحضر ذلك كلّه.
أقول هذا ليس دفاعاً عن المديرين والمعلمين، فهم في العموم أهل ثقة وصلاح، محبون لوطنهم منتمون له، يجلّون ولاة أمرهم وعلمائهم، يسمعون لهم ويطيعون، ويبذلون جهوداً عظيمة جليلة في تربية الناشئة على حب بيتهم الكبير المملكة العربية السعودية، والولاء والسمع والطاعة لولاة الأمر الأجلاء، والشاذ لا حكم له ولا يمكن أن يعمّم موقفه على العامة، وفي الوقت نفسه لا أحرّض على موقف العلماء وأشكك فيه، بل أنوّه إلى أمر يجب تفهّمه ومعالجة الشُّبه المُثارة حول النشيد الوطني وتحية العَلم، قبل لوم العاملين في الميدان التعليمي والتشكيك في ولائهم وانتمائهم.
للحديث بقية
|