| |
السوق المختطفة فضل بن سعد البوعينين
|
|
أوردت صحيفة عكاظ في عددها الصادر بتاريخ 3-11-2006 تصريحاً إيجابياً، ومسؤولاً، للدكتور عبد الرحمن التويجري، رئيس هيئة السوق المالية، جاء فيه: (أكدت هيئة السوق المالية عدم وجود أسباب جوهرية لما يحدث من انخفاض في سوق الأسهم، وقال الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز التويجري رئيس هيئة السوق المالية المكلف والأمين العام للمجلس الاقتصادي الأعلى ل(عكاظ) ان الهيئة تهمها بشكل رئيس مصلحة المتداولين في سوق الأسهم ولا تريد أن ترى استثماراتهم تتأثر سلباً بما يحدث في السوق، وأضاف ان الهيئة تتمنى من المتداولين عدم الانقياد وراء الشائعات وما تروجه بعض المنتديات والتروي والحكمة في اتخاذ قراراتهم المتعلقة باستثماراتهم في سوق الأسهم). نثق ثقة تامة بما يقوله الدكتور التويجري، وثقتنا كبيرة باقتصادنا الوطني وبسوق الأسهم السعودية التي ما زالت تتعرض إلى هجوم منظم بغية القضاء على ما تبقى لها من الكفاف. لم يعد الأمر خافيا على أحد أن ما يحدث في سوق الأسهم السعودية لا يمكن تصنيفه ضمن العمليات المنطقية لحركة الأسواق المالية، بدءاً من ارتفاعها الصاروخي الذي كاد يوصلها مشارف 21000 نقطة، وانتهاء بانهيارها الدراماتيكي الذي ما زالت تكابد تبعاته حتى يومنا هذا. لا يمكن أن نفصل بين حركتي صعود وهبوط الأسواق المالية، فمن رضي بالصعود واحتفل به فلا بد أن يقتنع بالهبوط ويحذر منه، فالأسواق المالية تتأرجح ضمن حركة ديناميكية تحكمها المعطيات الاقتصادية، والأوضاع السياسية، وبعض الأمور الفنية الأخرى. ومن هنا نقول إن التعامل مع الأسواق المالية ذات الكفاءة العالية لا يمكن أن يخلق كثيراً من المشاكل، بغض النظر عن عاملي الربح والخسارة، فالجميع قانعون بما تحقق لهم اعتمادا على مبدأ العدالة المطبق، وسلامة السوق المالية، وتطابقها مع المعطيات الاقتصادية والفنية المحيطة التي بنوا عليها قراراتهم الاستثمارية. في مثل هذه الحالة لا يمكن أن يرجع المتداولون خسائرهم إلى جهات خارجية، ولا يمكن أن يطالبوا الجهات الرسمية بالتدخل من أجل حمايتهم، فأسباب الشكوى تكاد تكون منعدمة. أما إذا تحركت السوق المالية بعكس المعطيات الفنية، الاقتصادية، والسياسية، رغما عن تأكيدات المسؤولين الذين تُبنى على تصريحاتهم ورؤاهم القرارات الاستثمارية فإن الأمر يصبح أكثر غموضاً من ذي قبل، وأكثر حاجة إلى التوضيح والحماية، خصوصا أننا نتحدث عن قلب الاقتصاد النابض وهو (السوق المالية). لا أعتقد أن الأمر على علاقة مباشرة بالشائعات بقدر ارتباطة بتحركات منظمة يصعب على المتداولين فهمها، فالشائعات يمكن أن تحدث تأثيرا وقتيا لا يلبث أن ينجلي بوضوح الحقيقة، ومتى تجاوز زمن تأثيرها الحدود المنطقية، وتحولت قوتها إلى قوة تدميرية هائلة تفقد السوق أكثر من 52 في المائة من مكاسبها، فإن المنطق والحكمة يدفعاننا إلى البحث عن أسباب أخرى ما زالت تحتفظ بقوتها التدميرية حتى يومنا هذا. غالبية عقلاء المستثمرين كانوا على ارتباط وثيق بكل ما يصدر عن الجهات الرسمية، وكثير منهم أعادوا تشكيل استثماراتهم بناء على تصريحات المسؤولين عن السوق المالية، بدءاً من تصريحات معالي محافظ مؤسسة النقد لوكالة رويترز للأنباء التي نشرت بتاريخ 12-10- 2005 التي تحدث فيها بإيجابية متناهية عن الاقتصاد السعودي، والنمو المتوقع، وعن سوق الأسهم التي قال عنها (إن هناك أسباباً جوهرية قوية وراء المكاسب لكن (ساما) مستعدة لمعالجة أي آثار سلبية لهبوط حاد لاسعار الاسهم في حالة حدوثه). عندها كان مؤشر السوق قد أغلق على 15039 نقطة تقريبا ليوم 11-10-2005، مرورا بتصريحات المتحدث الرسمي لهيئة سوق المال التي نشرتها صحيفة الجزيرة بتاريخ 19- 4-2006, وجاء فيها.. قال د. عبد العزيز الزوم (إن مؤشرات الاقتصاد السعودي المزدهر تجعل أي قرار من مالكي الأسهم بالتفريط فيما يملكونه منها قراراً سيندمون عليه). عندها كان مؤشر السوق قد أغلق على 13121 نقطة بتاريخ 18- 4-2006، انتهاء بالتصريحات الرسمية الأخرى الإيجابية والمحفزة للاستثمار في سوق الأسهم. هؤلاء العقلاء هم الآن أكثر تضررا مقارنة بأولئك الذين اعتمدوا على توصيات بعض كبار المضاربين، وتحذيراتهم التي أشارت بوضوح منذ بداية الانهيار إلى إمكانية وصول المؤشر إلى حدود 9000 نقطة أو أقل من ذلك، وهو ما حدث بالفعل. كل ما سبق يثبت أن السوق أصبحت تتحرك وفق معطيات أخرى لا علاقة لها البتة بالاقتصاد، ورغبة المسؤولين، ومنطقية الاستثمار، وهي حقيقة لا يمكن تجاوزها ولا القبول بنفيها. لا يمكن أن نقلل أبدا من صدق نوايا المسؤولين، وإيمانهم التام بكل ما يصدر عنهم من تصريحات، وحرصهم على المستثمرين ورغبتهم الجامحة في إعادة الاستقرار إلى السوق، وانتشالها مما هي فيه، إلا أن ذلك لا يمنع من أن نقول ان بعض الحقائق قد تضر بالمستثمرين من حيث قدر لها أن تفيد، في الوقت الذي يمكن للأخبار غير الرسمية أن تسهم في حماية المستثمرين من الهزات العنيفة، خصوصا إذا ما تحدثنا عن سوق مختطفة تفتقر إلى أدنى معدلات الكفاءة.
f.albuainain@hotmail.com |
|
|
| |
|