| |
إشراقة على جازان أ.د. علي بن يحيى العريشي *
|
|
ذات يوم خرج فتى يافع من دار أهله يهيم على وجهه بعد مشهد طفولي تعرض له مع أسرته ، اتجه الفتى لا يعرف إلى أين يسير حتى داهمه الليل حيث الظلام والبرد وعواء الذئاب ووحشة الطريق ، وفي الطريق رأى بصيصاً من نور خافت يتسلل من بين أحراش أشجار السدر والأثل ، اتجه نحوه يقطع أحشاءه البرد والجوع ، أقبل على الضوء ، استقبلته أسرة قروية ثم وضعته مع جوعه وبرده داخل عجرة من حصير حتى يطلع الفجر ، لم ينتظر الصغير الفجر ، انسل من الحصير وذهب إلى حقل مجاور ليدخل الفزع في قلوب حاصدات الذرة أأنت إنسي أم جني ؟ ضحك بابتسامة الطفولة وقال لهن أنا ..... كان هذا المشهد المثير جزءاً من مشاهد متعددة تتشابه معه أو تختلف، ولكنها تبقى مشاهد مظلمة في ذاكرة الأجداد الذين عاشوا في جغرافية ملؤها التعب والشقاء والخوف والجوع والشعور بعدم الأمان. وعندما أشرقت شمس هذا الوطن إذا الجميع ينتقلون من الأحراش إلى حدائق النجاة ، ومن محاضن الذئاب إلى أحضان الأمان ، لم تعد هناك شمعة داخل الأحراش ، بل اختفت الأحراش لينبت مكان كل ساق منها عمود من نور ، وتختفي حصر الفقر والحرمان ليزرع مكانها وسائد الحنان والأمان وفرش الراحة والاطمئنان ، وتختفي الذئاب لتظهر أصوات الفرح وترجيع الحمام . أهلا بك يا خادم الحرمين الشريفين في جازان ، فقبل والدكم العظيم كان أجدادنا في حيرة في رؤوسهم ألف سؤال وسؤال ! سؤال عن كيف يأكلون ؟ وكيف يبيتون في أمن وأمان ؟ وآلاف أخرى من علامات الاستفهام ، وبعد والدكم العظيم وأبنائه الخالدين اختفت كل الأسئلة داخل فيض الأجوبة وغزير الخيرات وكريم العطاءات . أهلا أيها القائد النبيل في جازان حيث يتألق الفل في كل الردائم وتتوشح الجبال بالغمائم وتشرق الشمس على التهائم ، أهلا يا خادم الحرمين في جازان وقد أشرقت شموس العلم في كل تضاريسها وتوشحت جمالاً في كل تقاطيعها وأشرقت القلوب إشراقة المحب لأغلى من يحب .
* مدير عام التربية والتعليم للبنين بمنطقة جازان
|
|
|
| |
|