| |
الإنسان هو الثروة
|
|
لا يمكن لأية تنمية أن تنجح وتؤتي أكلها إذا لم تكن تستهدف تطوير الإنسان، الذي هو رأس المال الحقيقي لأية دولة أو كما قال خادم الحرمين الشريفين (الرجال هم الثروة التي نعتز بها). فالمباني الشاهقة والأجهزة التقنية الحديثة والمواصلات المتطورة وغيرها من المظاهر الحضارية المبهرة تصبح عديمة الجدوى بدون الإنسان الذي يحافظ على المكتسبات التنموية والقادر على الاستفادة من المظاهر المدنية وتسخيرها لصالحه. ولهذا كان لابد لأية دولة تريد أن تحقق تنمية حقيقية وتسعى للوصول إلى مصاف الدول المتقدمة أن تستثمر في شعبها، عن طريق تعليم مواطنيها وتثقيفهم من جهة وعن طريق توفير الحياة الصحية وتحصينهم من الآفات المرضية. لأن الشعب الجاهل والمريض لا يمكن أن ينتفع بالتنمية، بل إنه يكون عقبة في وجهها. ومن يلاحظ تجربة التنمية في المملكة يجد أن الأهداف التعليمية والصحية تحتل الأولوية في الخطط الخمسية. ولهذا انتشر التعليم في بلادنا، فلا يكاد يخلو شارع من مؤسسة تعليمية وفنية، كما لا يكاد يخلو حي سكني من مركز صحي. وعلى سبيل المثال يجد المتابع لجولة خادم الحرمين الشريفين للمناطق الجنوبية التركيز على كل ما يعتبر استثماراً مباشراً في الإنسان، من خلال المشاريع التعليمية والصحية التي تبلغ قيمتها مليارات الريالات. وعادة ما يصاحب التنمية ظواهر اجتماعية خطيرة كما نبه إلى ذلك خبراء التنمية في العالم، كالصراع الثقافي والاجتماعي، فالانتقال من طور حضاري إلى آخر أو ما يسمى بالتمدن، يحدث صدمات اجتماعية وثقافية خطيرة، وإن لم يكن الشعب مستعداً لاستيعاب هذه النقلات الحضارية، وقادراً على التكيف معها، بل وتسخيرها للعيش في حياة أفضل فإن هذه الظواهر الاجتماعية السلبية والمصاحبة للتنمية تصبح قاتلة وربما تدخل المجتمع الانتقالي في دوامة من عدم الاستقرار. ومن هنا كان لابد لأية تنمية ناجحة أن تكون مدروسة ومخططاً لها، وألا تكون عشوائية ومتسرعة بسبب وفرة المال مثلاً. وهذا ما يميز خطط التنمية في المملكة، فهي خطط استراتيجية وتقوم بناء على دراسة المجتمع واحتياجاته، والآثار السلبية التي يمكن أن تحدثها التنمية. ولهذا لم تشهد المملكة بفضل الله تعالى صراعات اجتماعية بسبب التنمية إلا ما لا يذكر بالمقارنة مع الدول النامية الأخرى.
|
|
|
| |
|