| |
دور المؤسسات العسكرية في التنمية الوطنية الاتجاهات الأربعة في مشروع التنمية السعودي د. علي بن شويل القرني(*)
|
|
الكلمة التي وجهها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز ولي العهد عشية بدء خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز زياراته للمنطقة الجنوبية ترتكز على محورين أساسيين تلخصان هذه الزيارات الملكية، وهما التوازن التنموي للمناطق، ودور القوات المسلحة في بلادنا في مشروع التنمية السعودي.. ويضاف إلى ذلك مشاهد من التلاحم بين القيادة والشعب التي تتكرر دائماً، وفي كل مناسبات التواصل.. التلاحم الشعبي بين القيادة السعودية وبين المواطنين في المنطقة الجنوبية ليس جديدا، ولكنه متجدد على الدوام، فإطلالة القيادة ممثلة في خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله وإطلالة سمو ولي عهده الأمير سلطان بن عبدالعزيز وغيرهما من أركان القيادة السياسية في بلادنا تعبير عن تلاحم حقيقي، وقوة ارتباط طبيعية، وتعاضد محتوم بين القيادة والمواطن.. وكما هو معروف ونعرفه أن معرفة أبناء أي قبيلة من قبائل تلك المنطقة أو غيرها من المناطق تشعر باعتزاز وفخر كلما علمت أن إحدى الشخصيات القيادية في بلادنا ستأتي لتزور تلك المنطقة.. وتعقد الاجتماعات المتكررة، وتتحاور مشيخة القبيلة مع أبناء القبيلة لمعرفة كيف يستقبلون تلك الشخصيات وماذا يقدمون، ومن يتقدم منهم، لأن كل واحد منهم يتمنى أن يحظى بلقاء مباشر ومصافحة شخصية وحديث خاص.. ولكنهم يضطرون إلى اختيار الأكبر سناً لحسم مثل هذا التنافس فيما بينهم.. وخلال الأسابيع التي تسبق مثل هذه الزيارات تكون الجهود على قدم وساق وباتصال مستمر نحو اكتمال تجهيزات الإنسان والتنظيم.. وتختلف هذه الزيارات التي يقودها الملك عبدالله وسمو ولي عهده الأمير سلطان عن غيرها من بعض الزيارات السابقة في نقطة محورية.. ففي زيارات سابقة كان أبناء المنطقة عندما يستقبلون قيادتهم يتوجهون لهم ببعض المطالب التنموية التي يحتاجون فيها كهرباء، أو مدارس، أو مستشفيات، أو مياها، أو طرقا، أو كليات أو هاتفا أو غيرها من الاحتياجات التنموية.. وتحقيق مثل هذه أو بعضها يعد أكبر إشباع شعبي يتحقق لأبناء المنطقة.. أما الزيارات الحالية التي انتظمت بشكل واضح في عهد الملك عبدالله فقد انعكست تماماً، فقد أخذ الملك عبدالله وسمو ولي عهده يأتيان إلى هذه المناطق ليس ليسمعا لما تحتاجه هذه المنطقة أو تلك، بل ليعلنوا عن انتهاء مشروع أو متابعة مشروع أو وضع حجر الأساس لمشروع جديد.. ولهذا تصبح مهمة أبناء المنطقة هو تقديم الشكر والتعبير عن العرفان للقيادة على اهتمامها وحرصها على تنمية المنطقة وتقدمها.. وقد أثيرت أسئلة كثيرة عن موضوع التوازن في التنمية بين مناطق المملكة، وهنا ينبغي ملاحظة الجوانب التالية: 1. لا يشك أحد أبداً في حرص القيادة على التنمية السعودية في كافة المناطق، وتقديم وتذليل سبل العيش الرغيد لكل مواطن في بلادنا.. ونحن نعلم أن القيادة عندما تعلم عن احتياج شخص أو قرية أو منطقة تسارع إلى تفعيل الخدمات إلى ذلك المواطن أو تلك القرية.. ونتذكر أنه قبل أشهر قليلة وليست مناسبة وحيدة بل متكررة عندما قرأ الأمير سلطان بن عبدالعزيز في إحدى الصحف السعودية وهو في إجازة خارج المملكة عن وجود عائلة كبيرة منقطعة عن الناس والخدمات في منطقة تبعد مائتي كيلو عن مركز ظلم الذي يبعد هو حوالي مئيتي كيلو عن الطائف.. ومعظم أبناء هذه العائلة من ذوي احتياجات خاصة، وحالات هذه الأسر المعيشية صعبة.. فما كان إلا أن أمر سموه بالتبرع بعشرة ملايين ريال لشراء منازل لهم، ومعالجتهم، وتعليم أبنائهم.. فهذه الحالة تعكس حرص القيادة على تقديم كل سبل التقدم والرقي لأبناء البلاد.. 2. المدن التي حظيت بتنمية شاملة في الخطط الخمسية الماضية مثل الرياض وجدة والدمام هي واجهات حضارية للمدن السعودية، وهي مقر استقرار القادمين من مختلف مناطق المملكة الأخرى، ولهذا فتنميتها هي فائدة كبيرة تعم جميع أبناء المملكة وتقدم الخدمات التي يحتاجونها في مختلف مناحي الحياة المدنية، فمدينة مثل الرياض بسكان يصلون إلى حوالي الخمسة ملايين نسمة من أبناء الرياض ومن أبناء المناطق الأخرى وكونها العاصمة السياسية لبلادنا فهي تستحق الخدمات التنموية التي توجهت إليها. ونفس الشيء يمكن أن يقال عن جدة والدمام.. 3. من الملاحظ أن وزارة الدفاع والطيران قد ساهمت بشكل كبير في تنمية عدد من المدن الأخرى من خلال تأسيس مدن عسكرية متكاملة زرعت التنمية والتطور والحياة في تلك الأماكن، فمثلاً مدن مثل حفر الباطن، وتبوك، وخميس مشيط.. ومدن أصغر مثل شرورة والوديعة والخرخير والسليل وغيرها من المدن هي نتاج تنموي مباشر لمفهوم الدور التنموي للقوات المسلحة في بلادنا، وجهود شخصية من الأمير سلطان بن عبدالعزيز الذي كرس حياته خلال أكثر من خمسين عاماً في خدمة هذا القطاع العريض من قطاعات التنمية في بلادنا، حيث حرص على أن تكون هذه المدن متكاملة في بنيتها التحتية، والخدمية، والترفيهية لأبناء هذا القطاع حتى يتوفر لهم الاستقرار والطمأنينة لهم ولذويهم، كما أن هذه المدن قد جلبت للمدن والقرى المحيطة نهضة تنموية كبيرة.. وسبق أن زرت أكثر من مدينة عسكرية وشاهدت أنها فعلاً مدن كبرى ومتكاملة، ولهذا فعندما أشار الأمير سلطان في كلمته الترحيبية إلى أن التنمية هي هاجس لدى وزارة الدفاع والطيران فهو يقصد تحديداً زراعة التنمية في أطراف المملكة البعيدة. 4. وهناك شكل آخر من أشكال التنمية ساهمت فيه القطاعات العسكرية وهو المجال الصحي، فقد أغدقت وزارة الدفاع والطيران والرئاسة العامة للحرس الوطني ووزارة الداخلية في إنشاء عدد كبير من المستشفيات في مختلف المدن والمناطق، وقد عملت هذه المستشفيات على تقديم خدمات واسعة وكبيرة للمواطنين كرافد محوري في مشروع التنمية الصحية في بلادنا. 5. وأحب أن أضيف هنا جانباً آخر من جوانب الاهتمام بالتنمية في بلادنا، وهو ما يتعلق بالإسكان الشعبي الذي حظيت به بلادنا والحمد لله.. وفيه تنمية سكنية للمواطنين من ذوي الدخول المتواضعة، فمنظومة الإسكان الشعبي من خلال جهود كبيرة ومستمرة قامت بها مؤسسة الملك عبدالله بن عبدالعزيز للإسكان التنموي، ومؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية للإسكان، ومشروعات الإسكان الخيرية للإسكان التي يرأسها الأمير سلمان بن عبدالعزيز.. جميع هذه المشروعات والتي توزع في مختلف المناطق والمحافظات والمراكز في بلادنا ساهمت وتساهم بشكل كبير في تنمية الفرد السعودي من ذوي الدخل المحدود، والارتقاء به إلى مستوى حضاري مشرف. وختاماً، فقد ساهمت هذه الزيارات الميمونة للمنطقة الجنوبية لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده وقبلها وبعدها مناطق أخرى في تعزيز التلاحم والألفة والتعاضد بين القيادة وعموم المواطنين.. وهذه الزيارات هي مشاهد حميمية لا تتكرر في أي مجتمع أو دولة أخرى.
* رئيس مجلس إدارة الجمعية السعودية للإعلام والاتصال أستاذ الإعلام المشارك بجامعة الملك سعود
alkarni@ksu.edu.sa |
|
|
| |
|