| |
أضواء استراتيجية التنمية المتوازنة جاسر عبدالعزيز الجاسر
|
|
الدول كالأفراد تتاح لها الفرص التي إن لم تستثمر فإنها تضيع، والدول التي تتمتع بقيادة متفهمة وواعية تقتنص الفرص وتستثمر الظروف المواتية لرفع مستوى شعوبها وتطوير أوطانها، والمملكة العربية السعودية واحدة من الدول النامية التي حباها الله بثروة نفطية، وهي مثلها مثل العديد من الدول المنتجة لهذه المادة الحيوية التي بات الاقتصاد العالمي يحتاج اليها بشدة، ولكن وبالرغم من ضخامة الإيرادات التي يوفرها إنتاج البترول إلا أن العديد من الدول المنتجة بعثرت تلك الإيرادات في الصرف على الحروب والتورط في مغامرات جلبت المآسي لشعوب تلك الدول بدلاً من أن تسعدها ثروات البترول وإيراداته، إلا أن دولا أخرى منتجة للبترول ومنها الدول الخليجية وبالذات المملكة العربية السعودية، استثمرت إيرادات البترول بحكمة نقلت هذه الدول والمملكة في صدارتها من حالة التخلف والحرمان في كثير من مقومات التحضر والتقدم إلى دول متقدمة تجاوزت بكثير التصنيف الموضوع للدول النامية، فالمملكة ودول الخليج استثمرت إيرادات البترول في إقامة بنية أساسية وقاعدة اقتصادية متينة، وبالنسبة للمملكة فقد استثمرت الفرصة التاريخية استثمارا جيدا وخيراً، فبالإضافة إلى تطوير كل نواحي الحياة في البلاد ورفع مستوى الإنسان السعودي من خلال التعليم والتدريب وتوفير أفضل الخدمات الصحية والعلاجية والاجتماعية، إضافة إلى التأسيس التنموي من خلال بناء قاعدة قوية تسمح بانطلاق تنمية اقتصادية وصناعية متقدمة بدأت البلاد تجني ثمارها، وهو ما سمح بالانطلاق إلى المرحلة الأخرى في الاستثمار التنموي وأيضا من خلال الاستفادة من الفرصة التاريخية المتمثلة في ارتفاع أسعار البترول، حيث بدأت القيادة انتهاج استراتيجية تتمثل في تنويع الاستثمارات الاقتصادية وشموليتها لجميع مناطق المملكة، بحيث تتحقق تنمية متوازنة تشمل جميع مناطق المملكة دون استثناء، وبتوظيف إمكانات المنطقة المستهدفة بمشروعات التنمية، حيث شهدت السنتان الأخيرتان اللتان شهدتا ارتفاع أسعار البترول، افتتاح وانشاء ووضع حجر الأساس للعديد من المشروعات الاقتصادية العملاقة دون إغفال تلبية حاجات المواطن والوطن من متطلبات الحياة الكريمة، فرفعت البرامج الاجتماعية ورعاية الأسر ومواجهة حالات الفقر، إضافة إلى تكثيف برامج التدريب والتوسع في إنشاء المدارس والكليات والجامعات وفق خطة تستهدف إنشاء أكثر من جامعة في المنطقة الواحدة، مع رفع مستوى الخدمات الصحية وتحسين وزيادة إنتاج الطاقة الكهربائية وتحلية المياه المالحة لسد النقص بعد ازدياد سكان المملكة. هذه المسيرة الرائعة للتنمية والاستثمار الحكيم والخيِّر لصالح المواطن والوطن يتجلى الآن بوضوح من خلال جولة خادم الحرمين الشريفين للمناطق الجنوبية، حيث ستشهد مناطق نجران وعسير وجازان افتتاح وتأسيس العديد من المشروعات التي تجسد نهج حكومة المملكة في تحقيق التنمية المتوازنة التي تشمل كل مناطق المملكة من شمالها إلى جنوبها ومن شرقها إلى غربها.
jaser@al-jazirah.com.sa |
|
|
| |
|