| |
أضواء مصير الجيش العراقي جاسر عبدالعزيز الجاسر
|
|
في اجتماعاته المغلقة يشتكي نوري المالكي رئيس الحكومة العراقية، والقائد العام للقوات المسلحة العراقية من تلكؤ الأمريكيين من رفع كفاءة الجيش العراقي وعدم تسليحه التسليح الكافي، إذ لا يزال الأمريكيون يقدمون الأسلحة التي تُنتج في دول أوربا الشرقية ذات الأصناف القديمة التي تقل كفاءتها بعدة مراحل عن الأسلحة الأمريكية، وحتى عن الأسلحة الروسية التي تطورت كثيراً، ولا يزال الأمريكيون أيضاً يشترون الأسلحة الروسية القديمة من الدول الأوربية الشرقية التي تحاول التخلص من هذه الأسلحة ضمن برنامج تحديث التسلح في جيوشها ضمن خطط توحيد التسلح في دول الاتحاد الأوربي. وقد وجدت الشركات الأمريكية التي دخلت في مناقصات تزويد الجيش العراقي الذي تحاول أمريكا إنشاءه في العراق (كنزاً) في هذه الأسلحة القديمة التي يعدها الخبراء خردة تخلصت منها مخازن جيوش أوربا الشرقية لتباع بأسعار متدنية يقايضها المقاولون الأمريكيون بمبالغ كبيرة تستقطع من الموازنات الضخمة المخصصة لإنشاء الجيش العراقي الحديث. وهكذا لم تحصل التشكيلات الجديدة في الجيش العراقي ولا تشكيلات الشرطة إلا على أسلحة قديمة يتندر العراقيون ويسخرون منها، حيث تمتلك المقاومة العراقية والمليشيات والجماعات المسلحة التي تحارب هذا الجيش أسلحة أكثر تطوراً وبعضها لا يوجد حتى عند كثير من قوات التحالف التي تشارك القوات الأمريكية. ويعتقد المراقبون للشأن العراقي أن الأمريكيين بالإضافة إلى عمليات الفساد التي تشوب مناقصات تزويد الجيش العراقي بالأسلحة ووجدت فيها الشركات الأمريكية والسياسيون العراقيون الذين أسندت إليهم ملفات شراء الأسلحة مجالاً خصباً للإثراء غير النظيف، إضافة إلى ذلك يعتقدون أن الأمريكيين لا يريدون إنشاء جيش عراقي قوي لعدة أسباب منها محلية وأخرى إقليمية.. ولهذا فإن الجيش العراقي مقرر له ألا يتجاوز عدد أفراده الخمسين ألف جندي. فالأسباب المحلية: يتخوف الأمريكيون من أن يكون الجيش تحت هيمنة وسيطرة طائفة عراقية واحدة مما يعطي هذه الطائفة قوة ضاربة تفرض عن طريقها خياراتها السياسية. أما الأسباب الإقليمية، فالأمريكيون لا يريدون تكرار تجربة وجود جيش عراقي قوي جداً يتعدى حاجة العراق مما يجعله يشكل تهديداً لدول الجوار مثلما كان في عهد النظام السابق. الآن وبعد تزايد الأصوات في واشنطن بضرورة جدولة خروج الجيش الأمريكي من العراق، بدأت الأحاديث تتزايد هي الأخرى بضرورة إعداد جيش يستطيع أن يغطي الفراغ الذي سيتركه انسحاب الجيش الأمريكي، وهذا لن يتم في ظل الإعداد الضعيف والتسلح الأضعف لما يسمى بالجيش العراقي الحديث. ولهذا أيضاً تتحدث التقارير عن ضرورة إحياء الجيش العراقي القديم على أن يكون بعيداً عن التسييس وعن هيمنة الطائفة الواحدة من خلال تقاسم قوى الحضور والقيادة بين السنة والشيعة والأكراد، وهي معادلة صعبة لا يمكن أن تتحقق في ظل فترة زمنية قصيرة هي عمر بقاء القوات الأمريكية التي تفكر بالخروج من المستنقع العراقي بعد تزايد خسائرها وقتلاها.
jaser@al-jazirah.com.sa |
|
|
| |
|