| |
أمام هذه الكثافة من المعتمرين في رمضان هذا هو الحل لتلافي الزحام والتدافع والسلبيات الصحية والاجتماعية حمد بن عبد الله القاضي / عضو مجلس الشورى
|
|
** لا جرم أن كل مسلم يسعده ويفرحه هذا الإقبال الكبير على بيت الله الحرام عمرة وطوافاً وصلاة الذي تجلى بأبرز ملامحه في شهر رمضان المبارك.. فهو يعني الإقبال على الله والتوبة إليه، والرغبة في مزيد من العمل الصالح! لكن تبقى مسألة مهمة، وهي التي تطرح منذ سنوات ألا وهي: مدى استيعاب الحرم الشريف، والأماكن المحيطة به للمعتمرين وهؤلاء الزائرين لبيت ربهم. إن (الحرم) ذو مساحة محدودة مهما كانت كبيرة وهو مثل أي شيء آخر عندما يدخله أكثر من طاقته فإنه لا يمكن أن يستوعبه، وأنا أشبهه بإناء يتسع لثلاثة ليترات من الماء، ولو وضعت فيه أربعة ليترات لفاض وخرج الماء الزائد عن حجم الاناء! وهنا لا يصلح أن تعالج الأعراض والنتائج بل لابد من معالجة السبب لأن هذه الزيادات المباركة في كل عام، وهذه الأعداد المهولة في رمضان لها - لا سمح الله - خطورتها وآثارها من خلال الزحام والتدافع وعدم اتساع المكان، وهذه الآثار لا تتوقف على مسألة الزحام أو التسول أو النوم في الحرم أو افتراش الطرقات فقط، بل قد يكون لها آثارها الأمنية، ومن المؤكد أن لها أضرارها الصحية والبيئية والاجتماعية من تسول وسرقات وغيرها، وقبل ذلك وبعده أن هذه الأعداد الكبيرة داخل الحرم وساحته وطرقه تفقد المصلي الطمأنينة والروحانية التي بدأ يفقدها الناس في الحرم بسبب كثرة الناس وتزاحمهم فضلاً عن الغلاء الفاحش والخيالي بالسكن حول الحرم الذي يسيء إلى بلادنا أكثر مما يحسن إليها. *** ** إن أهم سبب - في تقديري وتقدير كل متابع - لكل هذه الآثار السلبية هو فتح (باب تأشيرات العمرة) على مصراعيه بحجة الهدف الاقتصادي، وأنا أستغرب العزف على هذا السبب، فالحق أن غالبية من يأتون للعمرة ظروفهم المادية متواضعة جداً، وهم يستفيدون من وضع البلد المادي أكثر مما يفيدونه وثانياً أن المملكة لم تضع طوال تاريخها (الفوائد الاقتصاية) في حسابها وهي تخدم الحرمين وزوارهما، وتنفق عليهما آلاف المليارات دون أن تنتظر جزاء أو شكوراً سوى ثواب الله، ناهيك عن أن الله أغنى بلادنا - ولله الحمد - عن أي مردود مادي يأتي عن طريق العمرة أو الحج، ولعل من أسباب هذا الفضل هو ما تقدمه هذه البلاد لضيوف الرحمن من حجاج ومعتمرين وزوار. إني أرى ويرى معي الكثيرون المبادرة إلى تقليص أعداد المعتمرين طوال العام وتحديد سقف معين وبخاصة لشهر رمضان، وذلك دون أدنى تساهل أو مجاملة لهذه الدولة أو تلك فضلاً عن تقليص مدة العمرة بشكل عام ورمضان خاصة، بحيث لا تتجاوز أسبوعاً واحداً، أما أن تكون طوال شهر كما هو الحال الآن، وبخاصة في رمضان، فهذا أحد أهم أسباب الزحام والمشاكل الصحية والاجتماعية وربما الأمنية وغيرها، ونحن نلحظ أن السعوديين - ما عدا قلة منهم - يعتمرون ويبقون يوماً أو يومين ثم يعودون، وأغلبهم قادرون على السكن وتأمين الغذاء وكافة الخدمات دون أدنى آثار من تسول أو غيرها أو افتراش أو غيره. *** ** إن الحل واضح، وأي معالجة بغير هذا الحل لن تجدي مهما بذل من إمكانات، ووضع من أموال، وبني من عمائر وأبراج، فالمكان محدود والطاقة محدودة، ولا حرج على بلادنا عندما تقنن أعداد القادمين للعمرة - كما حصل في الحج - وهو ركن والعمرة سنة، وليست ركناً ثم إن العمرة قد تقرن بالحج وحجتنا البالغة أمام الآخرين أن المكان محدد لا يستوعب أكثر من طاقته. وأمر ثالث أن المعتمرين في الأعم والأغلب يكررون العمرة كل عام في رمضان وفي العام الماضي قرأت في صحيفة (المدينة) لقاء مع (معتمرة عربية) أفادت أنها تعتمر في هذا ال(رمضان) للمرة الخامسة والعشرين وهي كيبرة في السن، ويبدو من خلال إجاباتها عن الأسئلة انها لا تملك سوى قيمة تكلفة السفر إلى مكة المكرمة!! *** لابد من نظرة عاجلة وقرار حاسم وسريع في هذا الشأن المتمثل في هذا الشأن المهم في تقليص تأشيرات العمرة وتحديد أيامها ووضع سقف لا يتم تجاوزه وبخاصة في شهر رمضان المبارك، وإلا - لا سمح الله - قد تحصل مشاكل وآثار وسلبيات وبعدها لا ينفع الندم بقدر ما يكون اللوم على تأخير اتخاذ الحل العاجل والناجز والجاهز. وتقبل الله من الجميع أعمالهم المباركة وجعل الله هذا البلد آمناً.
|
|
|
| |
|