| |
الاختراق القطري للإجماع العربي
|
|
دعوة قطر للوفد الإسرائيلي برئاسة وزيرة الخارجية تسيبي ليفني لحضور مؤتمر بالدوحة يثير كثيراً من الاستياء في الأوساط العربية والإسلامية لأسبابٍ كثيرة ومعروفة، أهمها أن إسرائيل مستمرة في مجازرها بحق الفلسطينيين، وقد أفرطت في التضييق عليهم، خصوصاً بعد وصول حركة حماس للسلطة. ولم تقتصر إسرائيل في مذابحها على الفلسطينيين وإنما ارتكبت جرائم حرب شنيعة في حملتها العدوانية على لبنان هذا الصيف. وبالتالي فإن دعوتها لحضور المؤتمر وخصوصاً أنه عن الديمقراطية والحكم الرشيد يعتبر صك براءة لإسرائيل من جرائمها، ويعطي إشارة إلى أنها دولة ديمقراطية ومحبة للسلام، وتسعى إليه. وهو الأمر الذي يخالف كثيراً الوقائع على الأرض. الأمر الآخر أن هذه الدعوة تضعف الموقف التفاوضي العربي، وتعطي ورقة لإسرائيل للقيام باختراقات سياسية في الصف العربي. فقطر ليست لها حدود مشتركة مع إسرائيل، أي أنها ليست من دول المواجهة، وبالتالي ليس هناك ما يفيد من وجهة النظر العربية من عقد لقاءات سياسية مع مسؤولين إسرائيليين خارج إطار التنسيق العربي. فالعمل داخل إطار جماعي يعطي للموقف العربي زخماً وقوةً، وأي محادثاتٍ أو لقاءاتٍ من هذا النوع يجب أن يكون وفق مقررات الجامعة العربية. فالمبادرات التي لا تتبناها الدول العربية الأخرى لا تصب إلا في مصلحة إسرائيل. فإسرائيل التي تعرقل عملية السلام في المنطقة، وتريد سلاماً وفق المقاييس التي تناسبها، لا يُرجى من اللقاء بمسؤوليها فائدة سياسية تُذكر سوى تشجيعها على مزيدٍ من التعنت ووضع العقبات، بل وأكثر من ذلك بارتكاب مزيدٍ من المجازر في حق اخوتنا الفلسطينيين، عدا عن الأعمال الاستفزازية في الأجواء اللبنانية. والأدهى من ذلك أن إسرائيل هي التي قررت عدم مشاركة وزيرة الخارجية في المؤتمر، مما يحرج كثيراً المضيفين، ويُظهر الدولة العبرية على أنها الدولة المظلومة التي لن تشارك في مؤتمر تحضره حركة (إرهابية) وفق نظرتها كحركة حماس. وبالتالي، فإن التمنع الإسرائيلي من زيارة ليفني للدوحة موقف سياسي له مدلولات كثيرة. إن لكل دولة الحق في أن ترسم السياسات التي ترى أنها تصب في مصلحتها، لكن الوضع في مسألة العلاقات العربية الإسرائيلية لا يمكن إخراجه من إطاره العربي، وأي خطوةٍ سياسية في هذا السياق يجب ألا تكون خطوة فردية، لأن العرب بحاجة ماسة إلى التكاتف والوقوف صفاً واحداً تجاه الدولة المحتلة لنيل الحقوق أو حتى جزءٍ منها وذلك أضعف الإيمان.
|
|
|
| |
|