| |
تحريم الغناء ليس تحريماً مطلقاً
|
|
تعقيبا على مقال الأخ/ صالح بن عبدالله الزرير في 25 أكتوبر عن رأي الشرع بالغناء. واستدل بالتحريم بقوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ) ولا خلاف أن كل فعل يتخذ سبيل الله هزوا فهو محرم. ومن فعل ذلك كان كافراً بلا خلاف، لكن قول الله عز وجل في مطلع تلك الآية (ومن الناس) يدل على أن هناك تحديداً لبعض مستمعي لهو الحديث. وهم كل من يريد أن يضل عن سبيله ويتخذه هزوا. فليس كل غناء لغوا بل إنه يأخذ حكمه وفق نية صاحبه فبعض الأحيان يكون اللهو مباحاً وأحياناً مستحباً ولا تحريم إلا بنص صحيح صريح من كتاب الله تعالى، أو سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أو إجماع ثابت متيقن، فإذا لم يرد نص ولا إجماع. أو ورد نص صريح غير صحيح، أو صحيح غير صريح، بتحريم شيء من الأشياء، لم يؤثر ذلك في حله، وبقي في دائرة العفو الواسعة، قال تعالى: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ). وقد أباح الإسلام الغناء بضوابط عامة ككل الأعمال وهي ألا يشتمل على فحش أو خنا أو تحريض على إثم وألا يلهي عن طاعة، ولا بأس أن تصاحبه الموسيقى غير المثيرة. ويستحب في المناسبات السارة، إشاعة السرور، وترويحا للنفوس وذلك كأيام العيد والعرس وقدوم الغائب، وفي وقت الوليمة، والعقيقة، وعند ولادة المولود. فعن عائشة رضي الله عنها أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا عائشة (ما كان معهم من لهو؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو). البخاري. وقد ذكر الإمام الغزالي في كتاب (الإحياء) أحاديث غناء الجاريتين، ولعب الحبشة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وتشجيع النبي لهم بقوله: دونكم يا بني أرفدة. وقول النبي لعائشة تشتهين أن تنظري، ووقوفه معها حتى تمل هي وتسأم، ولعبها بالبنات مع صواحبها. -انتهى النقل من كتاب الإحياء- ألا يمكن اعتبار تلك الأحاديث الواردة في الصحيحين نصا صريحا في أن الغناء واللعب ليس بحرام؟ وقد قال القاضي أبوبكر بن العربي (لم يصح في تحريم الغناء شيء) أليس اللهو البريء ومشاهدة اللعب أحسن لتطييب الأخلاق وتهذيبها من خشونة الزهد والتقشف في الامتناع والمنع منه؟ لكننا لا ننكر اقتران الغناء والموسيقى كثيرا بالترف ومجالس الخمر والسهر الحرام مما جعل كثيرا من العلماء ومن ضمنهم -سماحة الشيخ ابن باز- رحمه الله يحرمونه أو يكرهونه، ويدخلونه ضمن قوله تعالى: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَن سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ). لكن تظل هناك مساحة من السماحة التي تجعلنا لا نعمم المجون على كل لهو وسرور. وقد سمعت من الشيخ علي الطنطاوي رحمه الله صفات الغناء المباح وشروطه حيث حددها بعدم فحش الكلام المغنى وعدم إلهائه عن طاعة وعدم إثارته للغرائز وأخيراً عدم التشهير بأحد معين. أيضاً سمعت من الشيخ متولي الشعراوي رحمه الله قوله: لا أرى بأساً بسماع الموسيقى والأغاني غير الماجنة في غير وقت عبادة. وقال: لا أجد حرجا في ذلك إن شاء الله.
صالح عبدالله العريني - البدائع
|
|
|
| |
|