أما بعد
الحصقلة
عبد الله بن عبد العزيز المعيلي

(الحصقلة) كلمة عامية، ترمز إلى معنى معين، دل عليه ما أشير إلى أنها مجموعة أشياء متراكمة غدت مثل الغصة في الحلق - لا تدخل ولا تخرج - وهي بهذه الحالة تشكل خطورة على صاحبها، فيا ترى ما الدلالات والمعاني الرمزية التي قصدها صاحب الفكرة؟ وجسدها الممثلون بدرجة عالية من التهكم والمبالغة في السخرية.
الرسالة التي تلقاها المشاهد هي أن هناك جملة من المتراكمات (قيم، أخلاق، أعراف، آداب) شكلت ما عبر عنه عضو مجلس البلدة (بالحصقلة)، وهي بمثابة غصة اضطرب منها المجتمع وتململ، ومثل لذلك باختلاط الرجال والنساء ولهذا لا بد من إبعاد مدارس البنات عن مدارس البنين، ومنع الاختلاط في المستشفيات والأسواق العامة، ولمعالجة هذه الأوضاع اقترح عضو مجلس البلدة - يمثل التيار الإسلامي - حلولا اتسمت بالمبالغة الشديدة وعدم المنطقية للفت أنظار المشاهدين، وقد جسدت شخصيته بمظهر يبعث على السخرية والاستهزاء في مظهره ومنطقه وطريقة كلامه، والمشاهد يلحظ أن هناك تعمدا واضحا على إظهار من ينتمي إلى هذا التيار بهذا المظهر غير المنطقي وغير العقلاني وغير المنصف، والذي لا يتوافق بحال مع سمت وسمات السواد الأعظم ممن ينتمي إلى هذا التيار الذي يستمد قيمه وسلوكاته من منبع كريم أصيل، كما جسدت شخصيات بقية أعضاء مجلس البلدة بالسمات نفسها من السخرية والاستهزاء.
أما من يظن أنه يمثل التيار الليبرالي فجسدت شخصيته بالرزانة والوطنية وحسن المنطق والإنصات والغيرة على مستقبل الوطن، ووصف صاحب (الحصقلة) بأنه مريض يسعى إلى تخلف الوطن وتأخره تعليميا وصحيا واقتصاديا.
بالله عليكم أين المنطق؟ أين الإنصاف في هذه المشاهد؟ كيف يوصف من يدعو إلى الفضيلة بأنه مريض؟ ويسعى إلى تخلف الوطن وتأخره - مع التحفظ على شخصية صاحب (الحصقلة) - فهو بمظهره ومنطقه الذي ظهر به لا يجسد الإطار الذي استهدف بالاستهزاء والتحقير، فالمنتمون للإسلام قيما وخلقا ومنهجا وسلوكا يدركون أهمية بل وجوب الالتزام به شريعة ومنهاج حياة، وكما أمر الله سبحانه وتعالى وحث عليه رسوله صلى الله عليه وسلم، وفق منهج وسطي معتدل متسامح عادل متزن متوازن، يحافظ على الإنسان ويحفظه من مداخل الشيطان ومزالقه التي تؤدي إلى مواطن الهلاك والردى، وليعلم هؤلاء أن المجتمع هو مجتمع مسلم محافظ أصيل يقظ يعرف الحق من الباطل، ولا يمكن أن تزعزعه عن ثوابته الشنشنة والطنطنة مهما علت وتعالت. قيل لأفلاطون: ما معنى الكذب؟ قال: زوال العقل عن موضعه في رسم الحقيقة.