| |
عضو لجنة المناصحة الشرعية بحائل.. أحمد الرضيمان ل( ): هناك سوء فهم لبعض مسائل العقيدة.. والإنترنت وبعض القنوات أسهمت في التهييج
|
|
* حائل - خاص ب(الجزيرة): أكّد الشيخ أحمد بن جزاع الرضيمان عضو لجنة المناصحة الشرعية للموقوفين في القضايا الأمنية والمشرف التربوي للعلوم الشرعية بمنطقة حائل أهمية وجود لجان شرعية رسمية في مناطق المملكة لتكون المرجعية للمواطنين والمقيمين في الإفتاء وبيان الأمور الشرعية، وتكون مرتبطة باللجنة الدائمة للإفتاء. وحذر الشيخ الرضيمان من توظيف الأحداث في مهاجمة المناهج وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وجمعيات التحفيظ، حيث إنه لا بدَّ من معالجة الأخطاء بالحكمة والموعظة الحسنة وعدم إلقاء الاتهامات جزافاً. جاء ذلك في حوار الشيخ الرضيمان مع (الجزيرة) الذي تناول فيه قضايا الاختلاف بين العلماء، وكيفية ترسيخ نهج الوسطية والاعتدال، والنتائج التي توصل إليها في دراسته العلمية عن (منهج الإمام محمد بن عبد الوهاب في مسائل التكفير). والشيخ أحمد الرضيمان حاصل على درجة الماجستير من قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة بكلية أصول الدين بالرياض، ويُعدُّ الآن لدرجة الدكتوراه، وله إسهامات دعوية متعددة.. وفيما يلي نص الحوار معه: * هل الاختلاف رحمة أم عذاب؟ - الاختلاف في مسائل الأحكام إذا لم يؤدِّ إلى فرقة وعداوة وبغضاء قد يكون رحمة، ولهذا لما صنّف رجل كتاباً سماه (كتاب الاختلاف) قال له الإمام أحمد: سمِّه كتاب (السعة). قال شيخ الإسلام ابن تيميه رحمه الله: (الحق في نفس الأمر واحد، وقد يكون من رحمة الله ببعض الناس خفاؤه؛ لما في ظهوره من الشدة عليه، ويكون من باب قوله تعالى: (لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ). فالصحابة رضي الله عنهم اختلفوا، لكن اختلافهم رضي الله عنهم لم يوجب افتراقاً ولا خصومات في الدين، ولهذا قال الشاطبي - رحمه الله - فيما يقع من الخلاف بين العلماء: (كل مسألة حدثت في الإسلام، واختلف الناس فيها، ولم يورث ذلك الاختلاف بينهم عداوة ولا بغضاء ولا فرقة، علمنا أنها من مسائل الإسلام. وكل مسألة حدثت وطرأت، فأوجبت العداوة والبغضاء والتدابر والقطيعة، علمنا أنها ليست من أمر الدين في شيء). * هل ورد الاختلاف في النصوص الشرعية على أنه محمود أم مذموم؟ الاختلاف كما ذكر المحققون من أهل العلم، ومنهم شيخ الإسلام، ورد في القرآن الكريم على أقسام: القسم الأول: الذمّ لكلتا الطائفتين المختلفتين، كما في قوله تعالى: (وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ)، فجعل أهل الرحمة مستثنين من الاختلاف، وكما في قوله تعالى: (وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُواْ فِي الْكِتَابِ لَفِي شِقَاقٍ بَعِيدٍ)، وقوله: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ) . القسم الثاني: المدح لإحدى الطائفتين المختلفتين، وهم المؤمنون، كما في قوله تعالى: (وَلَكِنِ اخْتَلَفُواْ فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ)، ففيه حمد لإحدى الطائفتين، وهم المؤمنون، وذمّ للأخرى. القسم الثالث: يكون كل واحد من المختلفين مصيباً بلا تردّد فيما قاله، كما في القراءات التي اختلف فيها الصحابة، كما في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سمعت رجلاً قرأ آيةً سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ خلافها، فأخذت بيده فانطلقت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرتُ له، فعرفتُ في وجهه الكراهية، وقال: (كلاكما محسن، ولا تختلفوا؛ فإن من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا)، أخرجه البخاري في صحيحه. فكلا القراءتين مشروعة، ولذلك قال: (كلاكما محسن)، لكنه عليه الصلاة والسلام نهى عن الاختلاف الذي فيه جحد كل واحد من المختلفين ما مع الآخر من الحق، فكثير من المختلفين يكون مصيباً فيما يثبته، أو في بعضه، لكن يكون مخطئاً في نفي ما عليه الآخر، كما أن القارئين كل منهما كان مصيباً في القراءة بالحرف الذي علمه، مخطئاً في نفي حرف غيره، وإحاطة الإنسان بما يثبته أيسر من إحاطته بما ينفيه. * الخلاف المذموم ما سببه؟ - إما فساد في النية، وذلك - كما ذكر شيخ الإسلام - لما في النفوس من البغي والحسد وإرادة العلو في الأرض، فيحب لذلك ذمّ قول غيره أو فعله، أو غلبته ليتميز عليه، أو يحب قول من يوافقه لنسب أو مذهب أو صداقة، وإما لجهل المختلفين بحقيقة الأمر المختلف فيه؛ فإن كثيراً من المختلفين جهال في حقيقة ما يختلفون فيه. وقد يكون السبب الجهل بالدليل الذي يرشد به أحدهما الآخر، أو جهل أحدهما بما مع الآخر من الحق في الحكم أو الدليل، وإن كان عالماً بما مع نفسه من الحق حكماً ودليلاً. قال شيخ الإسلام رحمه الله: (نجد كثيراً من هؤلاء قد يكون القول الباطل الذي مع منازعه فيه حق ما، أو معه دليل يقتضي حقاً ما، فيرد الحق في الأصل هذا، حتى يبقى هذا مبطلاً في البعض كما كان الأول مبطلاً في الأصل، كما رأيته لكثير من أهل السنة في مسائل القدر والصفات). * رسالتكم في الماجستير حول (منهج الإمام محمد بن عبد الله بن عبد الوهاب في مسائل التكفير).. ماذا توصلتم إليه من خلال هذه الرسالة؟ - من أهم ما توصلت إليه: 1- أن الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - لا يكفّر إلا بالمتفق عليه دون المختلف فيه، وهذه خاصية تميّز منهج الإمام محمد بن عبد الوهاب في مسائل التكفير، فمثلاً: الصلاة على أهميتها وكونها عمود الإسلام وتركها كفر مخرج عن الإسلام على الراجح من أقوال العلماء إلا أن شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهاب ذكر أن العلماء اختلفوا في حكم تاركها، وذكر عن نفسه أنه لا يكفّر إلا بما أجمع المسلمون على تكفير فاعله، فقال رحمه الله ما نصّه: (أركان الإسلام خمسة: أولها الشهادتان، ثم الأركان الأربعة. فالأربعة إذا أقرّ بها وتركها تهاوناً فنحن وإن قاتلناه على فعلها فلا نكفّره بتركها، والعلماء اختلفوا في كفر تارك الصلاة لها كسلاً من غير جحود، ولا نكفّر إلا ما أجمع عليه العلماء كلهم، وهو الشهادتان، وأيضاً نكفّره بعد التعريف إذا عرف وأنكر). 2- ومن الأمور المهمة التي توصلت إليها أن كثيراً من الذي ينقلون عن الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - لا يرجعون إلى كلامه الذي قرّره في كتبه، وإنما يأخذون كلام غيره فيه، وهذا مخالف للمنهج العلمي، كما أن بعض الناس غير متخصصين في العقيدة، ولا يفهمون كلام العلماء، فأحياناً يحصل منهم التحريف لكلام الإمام محمد وقطعه عن سياقاته واتباع المتشابه. ومن ذلك مثلاً يُقال: إن الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - لا يعذر بالجهل، وهذا - في نظري - غير صحيح إطلاقاً، واستمع إلى قوله رحمه الله: (وإذا كنا لا نكفّر مَن عبد الصنم الذي على قبر عبد القادر، والصنم الذي على قبر أحمد البدوي، وأمثالهما، لأجل جهلهم وعدم من ينبّههم فكيف نكفّر من لا يشرك بالله شيئاً؟!)، وقوله رحمه الله: (وأما ما ذكر الأعداء عني أني أكفّر بالظن والموالاة، أو أكفّر الجاهل الذي لم تقم عليه الحجة، فهذا بهتان عظيم). فالذين يظلمون الإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - ويصفونه بأنه لا يعذر بالجهل، ألم يقرؤوا نصوصه هذه، أم أنهم يغمضون أعينهم عنها لأغراض الله أعلم بها؟! وينبغي أن يعلم أن مسألة العذر بالجهل يكتنفها أمور؛ منها: نوعية المسألة المجهولة، ومنها نوعية الشخص الجاهل، فالكلام في هذه المسألة وغيرها لا بد أن يكون بعلم وعدل. أيضاً ما يقوله البعض من أن الإمام محمد بن عبد الوهاب لا يشترط فهم الحجة؛ لأنه فرّق بين قيام الحجة وفهم الحجة. نقول: ماذا يعني الإمام محمد بن عبد الوهاب بعدم اشتراط فهم الحجة؟ هل يعني عدم فهم الخطاب؟ الجواب: كلاّ، ونصوصه الصريحة تمنع ذلك، إنما يعني - كما صرّح - الفهم المؤدّي إلى التوفيق والاهتداء والانقياد، يقول رحمه الله: (ومن المعلوم أن قيام الحجة ليس معناه أن يفهم كلام الله ورسوله مثل فهم أبي بكر رضي الله عنه، بل إذا بلغه كلام الله ورسوله وخلا من شيء يُعذر به فهو كافر، كما كان الكفار كلهم تقوم عليهم الحجة بالقرآن مع قوله تعالى: (وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ). ولو كان المُخاطَب لم يفهم خطاب الله ورسوله لكان معذوراً كما هو نصّ الإمام المتقدم في قوله: (وخلا من شيء يُعذر به). فالإمام محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله - لم يأتِ بجديد، بل كما تقدّم لم يقل إلا بما أجمع العلماء عليه، وكان يطالب مناوئيه أن يذكروا له شيئاً خالف فيه إجماع العلماء، كما في قوله: (فإن سمعتم أني أفتيت بشيء خرجت فيه من إجماع أهل العلم توجّه عليَّ القول)، وقوله: (وأقول: كل إنسان أجادله بمذهبه، إن كان شافعياً فبكلام الشافعية، وإن كان مالكياً فبكلام المالكية، أو حنبلياً، أو حنفياً فكذلك، فإذا أرسلت إليهم ذلك عدلوا عن الجواب). * ما دام الإمام محمد بن عبد الوهاب من أشد الناس تورُّعاً عن التكفير كما ذكرتم، ففي رأيكم ما أسباب اتهامه بالغلو في التكفير من بعض الناس؟ - من ذلك حسب ما يظهر لي ما يلي: 1- كونه دعا إلى ما دعت إليه الرسل من توحيد الله وإخلاص العبادة لله، وكل مَن أتى بما جاءت به الرسل أُوذي وعودي واتهم بما ليس فيه. قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله: (الذي قلب الناس علينا الذي قلبهم على سيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم وقلبهم على الرسل من قبله: (كُلَّ مَا جَاء أُمَّةً رَّسُولُهَا كَذَّبُوهُ)، ومثلما قال ورقة للنبي صلى الله عليه وسلم: ما جاء أحد بمثل ما جئت به إلا عُودي). 2- ما أشار إليه الإمام محمد بن عبد الوهاب بقوله: (هذا الذي أنكروا عليَّ، وأبغضوني وعادوني من أجله، إذا سألوا عنه كل عالم في الشام واليمن أو غيرهما يقول: هذا هو الحق، وهو دين الله ورسوله، ولكن ما أقدر أن أظهره في مكاني لأجل أن الدولة ما يرضون، وابن عبد الوهاب أظهره لأن الحاكم في بلده ما أنكره، بل لمّا عرف الحق اتبعه). 3- الجهل بالتوحيد، فمَن لم يفهم التوحيد يظنّ أن الاستغاثة بأهل القبور واعتقاد أنهم ينفعون أو يضرون بصفتهم أولياء الله - كما يقولون - لا تناقض التوحيد ما دام يقول: لا إله إلا الله، ويصلي ويصوم. فلما أنكر عليهم الإمام محمد بن عبد الوهاب عبادتهم غير الله قالوا: كيف يصف أعمال الموحّدين بالشرك؟! فهذا من الجهل بالتوحيد. * يجهل بعض الشباب الطريقة الشرعية في معاملة الحكام؛ مما ينتج عن ذلك بعض المفاسد، فكيف ترون ذلك؟ - السمع والطاعة لولاة أمر المسلمين أصل من أصول السنة والجماعة، وقد علم بالضرورة من دين الإسلام أنه لا دين إلا بجماعة، ولا جماعة إلا بإمامة، ولا إمامة إلا بسمع وطاعة. ولهذا قال الحسن البصري في حق الحكام: (والله لا يستقيم الدين إلا بهم). قال الإمام البربهاري في كتاب السنة: (إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى). وقد قرّر أهل السنة والجماعة أن مناصحة ولاة الأمر تكون سراً؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (مَن أراد أن ينصح لذي سلطان فليأخذ بيده علانية، فإن قبل منه وإلا فقد أدّى ما عليه)، ولا يكون النصح على رؤوس المنابر وفي مجامع الناس؛ لما يترتب على ذلك من إثارة الرعاع وإشعال الفتن. فمنهج أهل السنة والجماعة جمع قلوب الناس على ولاتهم، والعمل على نشر المحبة بين الراعي والرعية. قال الشوكاني: (ينبغي لمن ظهر له غلط الإمام في بعض المسائل أن يناصحه ولا يظهر الشناعة عليه على رؤوس الأشهاد، بل كما ورد في الحديث: أنه يأخذ بيده ويخلو به ويبذل له النصيحة). وقد أخرج ابن سعد في الطبقات عن عبد الله بن عكيم أنه قال: (لا أعين على دم خليفة أبداً بعد عثمان)، فقيل له: يا أبا معبد، وأعنت على دمه؟! فقال: (إني أعدُّ ذكر مساويه عوناً على دمه). قال الشيخ ابن باز رحمه الله: (الطريقة المتبعة عند السلف: النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتّصلون به حتى يُوجَّه إلى الخير). * بصفتكم عضواً في لجنة المناصحة للموقوفين في منطقة حائل وشاركتم في المناصحة في بعض مناطق المملكة، فكيف ترون التجاوب؟ - أعتبر أن إيجاد هذه اللجان الشرعية في سائر مناطق المملكة لمناصحة الموقوفين حسنة من حسنات الدولة وفقها الله، وقد لقيت هذه البادرة الكريمة صدى طيباً عند الجميع، وعند الموقوفين أنفسهم، فهم يطرحون ما لديهم بكل أريحية، ويستمعون من أهل العلم التوجيه والإرشاد والإجابة عما أشكل عليهم من مسائل الجهاد والتكفير والولاء والبراء ونحو ذلك من المسائل. وهذا يدلُّ على رغبة الدولة - وفقها الله - وشدة اعتنائها بأبنائها، حتى من زلّ به القدم ووقع في الخطأ، فتحاول إصلاحه وتقويمه ليخدم دينه ووطنه، ولا تعين الشيطان عليه، وقد قال لي أحد الموقوفين: (الدولة كالوالد الرحيم)؛ فالوالد وإن أنكر خطأ ابنه وعاقبه فإنه يرحمه ويسعى في استصلاحه؛ فهو فلذة كبده وثمرة فؤاده.. وإخواننا الموقوفون في حائل وفي غيرها من المناطق يشيدون كثيراً بحسن التعامل الذي يجدونه من المسؤولين؛ مما كان له أعظم الأثر في تسهيل مهام لجان المناصحة لتقوم بعملها على أكمل وجه، وكان تجاوبهم - ولله الحمد - إيجابياً. * ما أهم شبهات التكفيريين؟ - أولاً: مصطلح (تكفيريين) و(تكفيري) ونحوهما انتشر في هذا الوقت عند كثير من الكتّاب والدعاة والخطباء، وفي نظري الشخصي أن هذا المصطلح يحتاج إلى تحرير، وذلك لما يلي: 1 - لم أر - حسب اطلاعي المحدود - أحداً من السلف استخدم هذا المصطلح. 2 - أن التكفير حكم شرعي، وهو إلى الله ورسوله، وليس لأحد في هذا حكم، وإنما على الناس إيجاب ما أوجبه الله ورسوله، وتحريم ما حرمه الله ورسوله. بناءً على ذلك فكما أن من كفّر من لم يكفِّره الله ورسوله فقد وقع في خطر، فكذلك من لم يكفِّر من كفِّره الله ورسوله فقد وقع في خطر، ومن هذا الباب دخل الداخل على الخوارج والمرجئة. 3 - عبارات السلف أعمق علماً وأقوم قيلاً، فانظر مثلاً إلى قول الطحاوي - رحمه الله - لما تكلّم عن التكفير: (اعلم رحمك الله وإيانا أن باب التكفير وعدم التكفير باب عظمت الفتنة والمحنة فيه...)؛ فقد جعل التكفير الذي هو منهج الخوارج من الفتن، وجعل أيضاً عدم التكفير الذي هو منهج المرجئة من الفتن أيضاً. والوسط هو منهج أهل السنة والجماعة، وهو عدم تكفير من لم يكفّره الله ورسوله، وعدم نفي التكفير عمن كفّره الله ورسوله، لا نتجاوز القرآن والحديث. ثانياً: لا ينبغي أن تُذكر الشبهة إلا إذا قُرنت بالجواب عنها، ولو فعلنا ذلك لطال الكلام، لكن بالجملة هناك سوء فهم لبعض مسائل العقيدة؛ كالتكفير والولاء والبراء، وسوء الفهم لضوابط الجهاد، والاغترار بما يعرض في كثير من مواقع الإنترنت وفي بعض القنوات، والاندفاع وراء تهييج كثير من أصحاب البيانات هداهم الله، ولو رجعوا إلى اللجنة الدائمة للإفتاء لكان خيراً لهم وللمجتمع. * ما أهم التوصيات التي ترونها في هذا الصدد؟ - أولاً: أن يلزم الإنسان العافية، وألا يتعرض للفتن والبلاء، فما دام أنه يوجد في بلادنا هيئة لكبار العلماء ولجنة للإفتاء فما الذي يجعل بعض الإخوة - هداهم الله - يتواثبون على الفتوى في القنوات الفضائية وإخراج البيانات؛ لقد كُفُوا المؤنة، فليلزموا العافية. ثانياً: الحذر من الطعن في كبار العلماء وولاة الأمر؛ لأن التقليل من شأن العلماء يؤدي إلى عدم أخذ العلم منهم، والطعن في ولاة الأمر يؤدي إلى التمرّد عليهم، وإذا تمرّد الناس على علمائهم وأمرائهم ضاع الشرع والأمن. ثالثاً: على الشباب أن يعلموا أن بعض القنوات الحاقدة ومواقع الإنترنت تحرص على نشر صور استفزازية من أجل أن يخرج الشباب عن طورهم وينفد صبرهم فيتصرفوا بما لا تُحمد عقباه.. فعليهم أن يقتدوا بالنبي صلى الله عليه وسلم الذي سلك طريق الحكمة، ولم يستفزّه الذين لا يوقنون، وكان إذا رأى أصحابه يُعذّبون يأمرهم بالصبر؛ فقد قال: (صبراً آل ياسر...)، ولم يقم أحد من أصحابه بعمل انتقامي دون إذنه؛ لأن العبرة ليست بالانفعال وردود الأفعال، ومصلحة المسلمين يقرّرها ولاة الأمر وكبار العلماء، ونحن علينا السمع والطاعة بالمعروف عملاً بالنصوص الشرعية. رابعاً: حبَّذا أن توجد في المناطق لجان شرعية رسمية لتكون مرجعاً لسكان تلك المناطق، وتكون مرتبطة باللجنة الدائمة للإفتاء. خامساً: الحذر من توظيف الأحداث في مهاجمة مناهجنا وهيئات الأمر بالمعروف وجمعيات التحفيظ؛ فالخطأ لا يُعالج بخطأ، وإنما يُعالج بالحكمة والموعظة الحسنة.
|
|
|
| |
|