| |
خواطر رمضانية:علماء في الذاكرة عبد الكريم بن صالح المقرن - الرياض
|
|
البسمة الحلوة الرقيقة المرسومة على الملامح، والرفق في التعامل مع الآخرين، والسماحة في كل شيء، كل هذا مما يؤثر أبلغ الأثر في الآخرين، فالرفق والبشاشة والسماحة تبعث في النفس الطمأنينة والانشراح، وتزيد من الألفة والمحبة بين الناس، وتضفي على الحياة السعادة والبهجة. والدعاة إلى الله عز وجل - ولا سيما في هذا الزمان - هم أحوج ما يكونون إلى الاتصاف بهذه الصفات؛ لأنها في حقيقة الأمر كانت صفاتٍ بارزةً في رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم الذي يعتبر الدعاة إلى الله هم أكثر طوائف الأمة التزاماً بالأخذ بسنته والسير على مناهجه. فقد كان أصحابه رضي الله عنهم لا يرونه إلا مبتسماً طلق المحيا، هاشاً في وجه كل من يلقاه. وكذلك الوالدان في البيت ينبغي أن يكونا قدوة للأولاد في رفق التعامل، ودوام البشاشة والابتسام. وكذا المدير مع موظفيه، والمعلم مع طلابه، والداعية مع المدعوين في المسجد وغيره، وإمام المسجد مع جماعة المصلين. لقد أثر كثير من الدعاة إلى الله عز وجل على مدعويهم من خلال رفقهم بهم، وسماحتهم في المعاملة، وبشاشة الوجه التي لا تفارقهم، فكان لذلك أكبر الأثر على الآخرين. وبالمقابل فإن بعض المنتسبين إلى الدعوة، ومن خلال صلفهم، وغلظتهم في التعامل، وشدتهم على الآخرين، ومن خلال عبوس الوجه، وتقطيب الجبين، كان لهم أثر واضح في تنفير الكثيرين من الدعوة، وصرفهم عن طريق الهدى، مع أن كثيراً من أولئك العابسين هم في بدايات طريق الدعوة إلى الله عز وجل. لقد قمتُ بتسجيل حلقات إذاعية مع الشيخ العلامة صالح بن غصون رحمه الله، وذلك على مدار خمسة عشر عاماً، فما رأيت الشيخ - عند باب منزله أو عند باب المسجد قبل التسجيل - إلا مبتسماً ابتسامة عذبة كانت دائماً تنسيني مشاق ومصاعب العمل الإعلامي، كانت ابتسامته - رحمه الله - حانية رفيقة على رغم أننا كنا نسجل أحياناً ست حلقات في الجلسة الواحدة. أذكر موقفاً لي مع سماحته رحمه الله، وكنا في أحد أيام الشتاء وكنت مرهقاً قبل بدء التسجيل من كثرة ارتباطاتي الإعلامية ومشاغلي، فسلمت على الشيخ، فتبسم في وجهي ودعا لي، ودخلنا غرفة التسجيل، وكان الشيخ يدعو لي ويلاطفني قائلاً: (بالعافية يابو خالد، عسى ما أنت تعبان، الله يعينك، الله يسددك، نحن نقدر ظروفك، وأنت على أجر).. عبارات تجعل الإنسان ينسى تعب الحياة ومشاق العمل صدرت من علماء ربانيين نهلوا من معين سنة النبي صلى الله عليه وسلم. وأخيراً، فلست أنسى ما حييت مدرس اللغة العربية إبان دراستي بالمرحلة المتوسطة بابتسامته العذبة الحنونة التي كانت ترتسم دائماً على ملامحه، فكان زاداً لنا - معشر الطلاب - في رحلتنا التعليمية. لست أنساه بوجهه المشرق ومحياه المبتسم دائماً. فما أحرانا أن يحافظ كل منا على طلاقة الوجه، وبشاشة المحيا، ورفق التعامل مع الآخرين؛ ففي ذلك الخير الكثير. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..
|
|
|
| |
|