جمال سليمان يتحدى الصعايدة رغم هجومهم

* بيروت - هناء حاج:
على رغم الانتقادات التي يتعرض لها الفنان السوري جمال سليمان من عدد من الممثلين المصريين على أدائه دور الاستاذ مندور في المسلسل الدرامي (حدائق الشيطان) والذي يعتبر من اشد وأصعب الأدوار على الإطلاق، استطاع جمال سليمان أن يثبت قوة تمثيلية عالية الجودة، وهذه القوة جمعت حوله الكثير من المنتقدين والمتربصين على عكس ما هو حاله في المسلسل، طاغ قوي قاس وشديد.
فأول بوادر نجاح دور (مندور) هو الاحتجاج الذي تقدم به الفنان أحمد ماهر على استقدام ممثل غير مصري ولا يعرف عن الصعيد شيئاً لتمثيل دور له خصوصية مختلفة عن خصوصيات الأدوار الأخرى حتى لو كانت أدواراً شريرة. وقد تكون حبكة القصة قوية ليست بسبب قدرة الكاتب محمد صفاء عامر على حبك الرواية الحقيقية التي شغلت الناس في مصر على مدار عام بالكامل، وهي قصة عزت حنفي الذي اتخذ من جزيرة النخيلة مقراً خفياً لزراعة المخدرات والاتجار بها، وتحويل جزيرته إلى مرتع للخوف والرعب على مدى سنوات، إلى ان كشفت حقيقته في العام 2004 وحوكم ثم اعدم هذا العام، وهذه القصة تحولت إلى قصة مختلفة الأحداث نوعاً ما مع شخصية جديدة هي (مندور أبو الدهب) وأحداث تحولت إلى الصعيد لما فيه من غموض لدى الكثيرين ومن بساطة وصدق بين أهله.
وهذا ما مكّن الكاتب من أن يسترسل الرواية الدرامية التي جذبت الكثير من المشاهدين في كل الأقطار العربية، خصوصاً أن نجمها ليس بالممثل العادي بل هو ممثل استطاع أن يؤكد انه ممثل فوق العادة، باتقانه ليس اللهجة الصعيدية فحسب بل باتقانه الدور القاسي صاحب الضحكة القاتلة, والشخصية الجبارة فوق العادة، والذي يبحث عن كل الوسائل لبث الرعب في قلوب الناس بعدما وصل به الحال إلى ابتكار أفضل أسلوب مرعب من خلال أسطورة الغولة التي يؤلفها ويجعلها حقيقة ترعب البسطاء وترهب لياليهم، فيتحكم بأمانهم وأمنهم. (مندور) الرجل الذي يحب امتلاك كل ما يعجبه حتى النسوة، يمنع الحب عن غيره لو كان أقرب الناس منه (شقيقته السجينة) وليست المجنونة، يشتري الناس بالخوف ويستبدل أفراحهم بمزاجيته إلى أتراح تسعده، شخصية مرّكبة صعبة الفهم، تحتاج إلى من يقوّمها بالقوة التي يملكها، ولن يجد سوى (الجنس الناعم) يقف بوجه طغيانه، حتى جمال (قمر) ورقتها لن تمنعه من متابعة طيغانه لأنه يعتبرها قطعة أثرية جميلة يرغب بامتلاكها بالإرهاب والتهديد.
ولكن هذا القمع لن يستمر بوجود الفلاح (دياب) الذي لن تمنع التعديات من إظهار الحق واخذ حقه الإنساني بالقوة ايضاً، على رغم خط الخطر الذي رسمه (مندور) لنفسه.تتوفر معظم مقومات نجاح مسلسل (حدائق الشيطان) الذي سارعت لعرضه معظم المحطات التلفزيونية العربية بقنواتها الفضائية والارضية، لما فيه من عناصر مهمة أولها السيناريو الذي كتب نصه الكاتب محمد صفاء عامر بإبداع، أظهر فيه الطغيان والجبروت والسيطرة بالقوة، لم يكن طرح المسلسل بعيداً عن الحقيقة كونه ألقى الضوء على قضايا اللعبة السياسية الممولة بالمال والقوة إضافة إلى القضايا الاجتماعية التي ترافقها وتنتج عنها، ولم يظهر هذه الطبيعية كلها بأن الأنسان الصعيدي يميل للعنف والقسوة بل أظهر الحب والرومانسية التي ستظهر من خلال علاقة التحدي في الحلقات المقبلة والتي ستجمع قمر ودياب لتعود إلى ذاكرته علاقة الحب التي قتلها مندور في السابق في قلبه وقلب شقيقته.
وفي المقابل ساهم المخرج اسماعيل عبدالحافظ في النجاح بتنسيقه الرؤية الإخراجية باسلوب جديد على الدراما المصرية، المخرج اسماعيل عبدالحافظ الذي أكد نجاحه في اختياراته للممثلين، ولأسلوب التصوير الخارجي الذي أضفى مصداقية أكبر على العمل كله، ففي القرية منازل طينية وفي الجزيرة حصن منيع، وفي الجبل مرتع الغولة لا يصل إليها إلا من رغب أن يقدمه لها (مندور) كوليمة يريد أن يزيحها من درب موائده الشائبة.