| |
دراما سعودية فهد الحوشاني
|
|
كثير من المسلسلات التي أنتجت هذا العام قدمت الشخصيات المتدينة، ولكن ضمن صورة نمطية سطحية، وهي أحياناً كثيرة مبالغ فيها، مصورة إياها بصورة سلبية وغير موضوعية. ولست ضد ظهورها في العمل الفني، بالعكس، ولكن ضد ظهورها بالشكل الذي نراه أحياناً قد يسيء إلى الدين بشكل أو بآخر!.. فالمهم ألا يتم الربط بين الدين والتصرفات الشخصية، فالأخطاء دائماً بشرية وليس للدين علاقة بها!!. إننا بحاجة إلى أن نؤكد على تعاليم الدين الصحيح في نفس الوقت الذي نناقش فيه الأفكار المتطرفة.. ونحن بحاجة أيضاً إلى احترام الأشخاص المتمسكين بدينهم؛ لأن ذلك يعطي انطباعاً تلقائياً باحترام ديننا الحنيف.. كما أننا بحاجة إلى احترام المشائخ والقضاة المعتدلين وتقديمهم بالشكل المناسب باعتبارهم أشخاصا لهم وظائفهم المهمة في المجتمع مثلهم مثل الطبيب والمهندس والمعلم وغيرهم.. مع التأكيد أنه ليس هناك أحد منزه عن الأخطاء، وإذا تعرضت مؤسسة اجتماعية أو دينية لنقد بناء في مسلسل أو غيره فالحل الصحيح هو في العمل على إصلاح الأخطاء، و(رحم الله امرأ أهدى إليّ عيوبي)!. على أن الجرأة في الأعمال الفنية مثل الدواء ما زاد عن الوصفة الطبية يصبح مضراً.. ولقد اعتقد بعض المخرجين والممثلين أن الجرأة وارتفاع سقف الحرية هما الوصفة السحرية للنجاح!!.. ولدينا مثل قائم، فطاش ما طاش طيلة السنين الماضية لم يكن لديه نفس المساحة الموجودة الآن، لكنه حقق نجاحاته وشهرته في تلك الفترة السابقة!، وكثيراً من الأعمال الفنية لم تكن جريئة في طرحها لكنها كانت جاذبة ومؤثرة؛ لهذا فإن الجرأة التي منحتها بعض القنوات للمسلسلات السعودية كانت المطب الذي وقعت فيه كثير من الأعمال فأساءت للمجتمع!. وكثير من الحلقات (الجريئة) اختفى منها العنصر الفني، فلا حبكة ولا بناء درامي ولا أداء، لكن هناك مشاهد صادمة وعنيفة؛ ما يعني أن المسلسلات (الرمضانية) في هذا العام كثير من حلقاتها لم تكن رمضانية؛ إذ أساءت للشهر وللصائمين وللفن والفنانين. ويلاحظ أن عدداً من المسلسلات السعودية هجرت القناة الأولى وتوجهت إلى قنوات عربية وخليجية وقوبلت بترحيب حار يقف خلفه كنز من الإعلانات التجارية التي يمولها سعوديون، كان تلفزيوننا السعودي أولى بإيرادات تلك المسلسلات!.. ولو حسبناها حسبة اقتصادية فإذا كان مسلسل (أبو شلاخ) كما صرح بذلك أحد المسؤولين بالتلفزيون قد وصل إيراده من الإعلانات إلى 30 مليون ريال فكم سيكون الإيراد لكل الأعمال السعودية التي (خسرها) التلفزيون؟!.. يلاحظ على مسلسلاتنا هذا العام أنها لا تخلو من (شتائم وطواعين ومشاهد خادشة للحياء والذوق العام) بل ولشهر الصيام!.. ولو بثت تلك المسلسلات في القناة الأولى لكانت مسلسلات خالية من الشوائب!. ويلاحظ أيضاً أن هناك مسلسلات متوسطة المستوى لكن لا يوجد عمل واحد جاد متميز. وبينما يقدم الآخرون من حولنا مسلسلات راقية وعميقة المضمون نحن اكتفينا بالضرب في أنفسنا بشكل عشوائي لمجرد أننا نريد أن نقول إننا نقدم المجتمع ونعريه!. والمتابع هذه الأيام للصحف سيجد في أكثر من صحيفة تصريحات في الغالب تحاول تمجيد ورفع عمل فني الكل يجمع على أنه بدأ هابطاً أو أنه في حالة هبوط مستمر.. تلك المقالات والأخبار المفتعلة التي تحاول امتداح فنان أو مسلسل بعينه (بما ليس فيه) أصبحت لعبة مكشوفة، وللأسف لا تزال الساحة تكاد تخلو من نقاد حقيقيين، ولا تزال تخلو من الصحفي الجاد الذي يتناول العمل الفني بموضوعية وتجرد.. المشاهد الآن تطورت ذائقته ونمت ثقافته الفنية ولديه القدرة على تمييز الأعمال المسلوقة من الأعمال كاملة الدسم.. وكتابة خبر أو خبرين في الصحف بهدف (التسويق والتلميع) لن يغير من الأمر شيئا!!.
|
|
|
| |
|