إن القوة ليست في التسلط على الضعفاء والمساكين، وبخس حقوقهم وأكل أموالهم بالباطل، والولوج من كل باب يؤدي إلى مال ودنيا، دون النظر إلى حله وحرمته، إنما القوة الحقيقية هي في السيطرة على النفس وشهواتها، وكبح جماحها أن تظلم الآخرين أو تبخس حقوقهم، في مراقبة دائمة لله عز وجل مع استحضار قوة الله وبطشه وسرعة انتقامه من الظالمين. في هذه الأزمان كثيراً ما نسمع عن تهاون كثير من الناس بحقوق الأجراء والعمال، يستأجر الواحد منهم أجيراً ثم يماطل بدفع أجرته أو ينتقص منها يدل على ذلك ازدحام المحاكم بكثرة الدعاوى في هذا الصدد، ناهيك عن مكاتب العمل والعمال وما يرد عليها في هذا الباب. ضعيف تغرب عن بلاده، وفارق أهله وأولاده، واحتمل المكاره من أجل الرزق الحلال، كيف يستحل من استأجره أن يماطل في دفع حقه؟ ألا يخشى دعوة مظلوم تصيبه؟ ألا يخشى عقوبة تحل به؟ ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنت خصمه خصمته يوم القيامة، رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حراً فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يعطه أجره).
(*) الرياض
|