الأمير نايف والشفافية المعهودة
عبدالله بن راشد السنيدي

عرف صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود وزير الداخلية - وفقه الله- بالمصارحة والوضوح في أحاديثه ولقاءاته بالمسؤولين أو الصحفيين أو المواطنين.
ففي لقاء سموه الكريم يوم الأربعاء الموافق 27-8- 1427هـ بالمسؤولين والمعنيين بالرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أكد سموه على حتمية الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأنه واجب نص عليه الدين الإسلامي الحنيف بنص قرآني كريم وذلك لأهمية هذا الواجب ومساهمته في أن يعيش المجتمع في أمن وسكينة وفي إطار الأخلاقيات الفاضلة بغض النظر عن مكونات المجتمع واتجاهاته، وتزداد أهمية هذا الواجب في حياة المسلم بصفة خاصة؛ لأن الأمر بالمعروف يتمشى مع إخلاص العبادة لله عز وجل وذلك عن طريق القيام بالطاعات واجتناب المعاصي والمنكرات وهو ما يعني أن الحكومة الرشيدة هي مع هذا الواجب بدليل أنها هي التي أوجدت الأجهزة الإدارية المعنية به وزودتها بالقوى العاملة المؤهلة، إلا أن أداء هذا الواجب ينبغي أن يتم في إطار سماحة الإسلام ووسطيته وصلاحيته لكل زمان ومكان فبلادنا وكما أشار سموه لا تعيش في معزل عن العالم وليست في كوكب مستقل، بل إنها هي وسط هذا العالم بخيره وشره؛ مما يتطلب أن يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منطلقا من أساسيات ومبادئ الدعوة في الإسلام وهي الحكمة والموعظة الحسنة والمجادلة بالتي هي أحسن والبعد عن الغلاظة في القول والفعل وعدم الإكراه إضافة إلى أنه يوجد أمام هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في الوقت الحاضر تحديات وأدوار حساسة وذات أهمية انطلاقا مما نعيشه في الوقت الحاضر ومنها:
- التصدي للأفكار التي لا تتمشى مع روح الإسلام ووسطيته وسماحته وعموميته ومرونته لكونه آخر الأديان ولصلاحيته لكل زمان ومكان وذلك بفكر نير ومن رجال مؤهلين علمياً فالرأي الصحيح إنما هو نتاج قرع الحجة بالحجة والبرهان بالبرهان حتى تنجلي حقيقته وتظهر للعيان، فدعاة الغلو والتكفير والإقصاء والانعزال في المجتمع بالتأكيد أن غالبيتهم قد وقع في هذه المزالق بسبب تأثير الآخرين ممن يدعي العلم وهو بعيد كل البعد عن العلم الصحيح أو ممن له هدف سيئ ببلادنا ومثل هؤلاء المتأثرين بهذه التوجهات البعيدة عن معين الدين من السهل على غيرهم ممن يتحلى بالفكر الديني السليم المتمشي مع مقاصد الشريعة التأثير عليهم وإعادتهم إلى الصواب والفكر السليم خاصة وأن الكثير منهم في مقتبل العمر.
- التركيز على الظواهر التي بدأت تظهر في المجتمع والتي لم تكن معروفة فيه بسبب الإيمان القوي والتمسك بالتعاليم الإسلامية والتقاليد الاجتماعية المحمودة، ومن ذلك مثلا حالات الانتحار التي تقع من حين لآخر إذ المعلوم أن المسلم مهما تكالبت عليه الظروف وقسوة الحياة لا يلجأ إلى قتل نفسه متعمدا وبالتأكيد أن حالات الانتحار التي تحدث في مجتمعنا تعود أسبابها بالدرجة الأولى إلى الجهل وقلة الإيمان إضافة إلى وجود خلل في الرعاية السليمة سواء من الأسرة أو المؤسسات المعنية.
ومن هذه الظواهر ظاهرة عقوق الوالدين المتناهي إلى درجة أن يقتل الابن والده أو والدته، نعم قد يختلف المرء مع أحد والديه ولكن لا يصل الاختلاف إلى مرحلة نكران حق الوالدين والإساءة إليهما أو إنهاء حياة الابن لحياة والده أو والدته فهذا تصرف قد بلغ الحد الأقصى في انعدام الإيمان والمبادئ والقسوة.
- التصدي لمبالغة البعض في مجتمعنا في قضية الكفاءة في الزواج والأنساب مع أن الإسلام قد حسم ذلك عندما جعل الدين هو أعلى درجات الكفاءة ومع ذلك تجد البعض منا يتجاهل ذلك ويجعل العرف القديم الذي ألغاه الدين الحنيف هو الأساس في موضوع الكفاءة في الزواج بل إن البعض يجعله هو المعيار في علاقاته الاجتماعية مع الآخرين إلى درجة تقديم ذلك على رابطة الأخوة الإسلامية والوطنية مما قد يكون له الأثر السلبي على الحياة الأسرية أو الاجتماعية، فحالة إنهاء العلاقة الزوجية بين مواطن سعودي مسلم وزوجته المواطنة السعودية المسلمة التي تمت مؤخرا بسبب هذه القضية تثير علامات استفهام كبيرة.
وبعد فلقد كان حديث سمو الأمير نايف - حفظه الله - مؤثرا ويوحي لمن يسمعه بأنه حديث مخلص وصادر من القلب، وفق الله سموه لما فيه خير وأمن بلادنا وشؤونها الداخلية في ظل القيادة الرشيدة لقائد المسيرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي عهده الأمين الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود حفظهما الله.