| |
في المجموعة النثرية (سيدة المرايا) للقاص خالد الخضري ثلاثية ذكورية يعقبها صوت أنثى
|
|
*بقلم - الدكتور لؤي خليل(*): في مجموعة سيدة المرايا النثرية للقاص والكاتب خالد محمد الخضري التي صدرت عن دار الحوار باللاذقية بالجمهورية السورية الشقيقة مؤخراً يقوم العمل على مجموعة من النصوص الحوارية أو الشبيهة بالحوار بين صوتين هما صوت الرجل وصوت الأنثى، وإن كان صوت الرجل هو الغالب على معظم النصوص. في الكتاب خمسة عشر نصاً تقدم موقف الرجل من المرأة، وثلاثة نصوص تقدم موقف المرأة من الرجل، وثلاثة نصوص مشتركة بين الصوتين، يبدو فيها استخدام كلمة (حبيب) مبهماً دون أن يكون في النص ما يدل على جنس المتكلم، رجلاً هو أم امرأة، وذلك ما يفتح النصوص الثلاثة على مساحة الصوت المشترك الذي يؤدي الصوتين معاً. في النصوص الثلاثة الأولى من الكتاب (ليلك عطر، يا وجه الصباح كم أكرهك، سيدة المرايا) ثمة إشارات لحب ينطفئ أو في طريقه إلى الانطفاء، وتأتي النصوص الثلاثة لتعرض التغيرات النفسية التي تطرأ على رجل بدأ يتذوق طعم الفقد والفراغ الأنثوي بعد الري والامتلاء، ففي النص الأول يعيش الرجل الحضور الأنثوي في ذاكرته، وكأنه لم يعترف بعد بحقيقة الغياب، وفي النص الثاني ينتهي دور الذاكرة في استحضار تفاصيل الماضي، ولكن الشخصية ما زالت ترفض هذا الغياب وتبحث عن مسبب تضع اللوم عليه، فلا تجد غير وجه الصباح الذي أعلن بداية الغياب: (يا وجه الصباح كم أكرهك).. لأنك أعلنت رحيلها. وفي النص الأخير من هذه الثلاثية تلج الشخصية عالم الواقع وتعي أن الظروف تُصنع ولا تَصنع فيلتفت النص إلى وضع اللوم على المرأة بدلاً من وجه الصباح: (لا لن ألقي بحجر المحبة في بحرك الراكد.. سأخبئه في جيوب الغياب وأحرمك من المتعة في التسلي بعذابي يا امرأة الصدفة) والصدفة شيء طارئ لا يدوم، كحضورها الطارئ الذي لم يدم. وبعد هذه الثلاثية الذكورية يظهر الخضري صوت الأنثى في النص الرابع لا لتنتقم أو لتدافع عن نفسها، بل لتمتص الغضب الذي تراكم نحوها في الثلاثية السابقة، فتراها وادعة محبة مشتاقة إلى حضور الرجل. (ماذا تكون حتى أظل أبداً نهمة بك؟ أرسو في موانئ أجهل من فيها باحثة عنك فلا أجدك).. وفي آخر النص تكشف المرأة حبها من غير ما لبس أو تورية: (أيها الرجل اللذيذ حتى أثناء تعذيبي، أريدك قربي أريدك جواري بكل ما فيك من ألم ممتع.. أريدك أن تظل.. تعال).. ولأن الرجل لم يعتد هذا البوح الصريح من الأنثى فإنه سرعان ما ينسى ألمه في الثلاثية الأولى ويبدأ من النص الخامس ثلاثية جديدة فيها شوق وحب لامرأة غائبة. وتتوالى بقية النصوص في مجموعة سيدة المرايا وتتجاور بشكل تكراري كإيقاع جديد للحن واحد متكرر لا جدة فيه، إذا قرأت نصه الأول عرفت نصه الأخير، لا فرق بين الاثنين سوى في اللغة - التي كانت أفضل ما في المجموعة - مما يشي بأن الكتاب لا يخضع في معظمه لبنية منظمة أو لنظام متكامل، ولعل ذلك يعود إلى خروج الكاتب خالد الخضري على قوانين التجنيس؛ ولذلك أجدني مضطراً إلى مساءلته عن جدوى هذه المغامرة الأدبية التي قصدها من خروجه هذا.
(*) أستاذ اللغة العربية بكلية المعلمين بالقصيم
|
|
|
| |
|