| |
50 سنة كلام
|
|
هل يجيد العرب الكلام أفضل مما يقرؤون؟ وهل يخوض العرب حروبهم من خلف الميكروفونات ويتقاعسون عن الحروب في الميدان، وإن أقدموا عليها يخسرونها؟ هذه التساؤلات التي تثار بين الحين والآخر والتي ولدت إجابات أصبحت لازمات وصفية لحالة العرب المعاصرة، كالقول بأن العرب لا يقرؤون، والقول الآخر (العرب يخاطبون أنفسهم) وغيرها من الأقوال التي تطابق الحالة التي يعيشها العرب الذين أدمنوا الكلام الموجه لبعضهم البعض، وتركوا مخاطبة الآخر لإقناعه بقضاياهم، وتركوا فكر الآخر، ولم يقرؤوا ماذا يخطط الآخرون، وكيف يعملون ويتعاملون مع قضاياهم، فتراجع موقفهم وموقعهم بحيث أصبحوا في مؤخرة الركب الحضاري. القضية الفلسطينية مثال حي لانشغال العرب بالكلام دون الفعل، فحتى الفعل جاء كرد فعل لما قام به الآخر، فالصراع العربي الإسرائيلي الذي اندلع بسبب الاستيلاء على فلسطين وتشريد أهلها، وفرض كيان غريب على المنطقة زرع بين العرب، مفجراً صراعاً مزمناً وحروباً متتالية واجهه العرب بالكلام، متبنين ثقافة الميكروفون، فحتى الكتابات والحوارات كانت تعتمد لغة الخطابات، وكأن الإنسان العربي يعتمد هذه اللغة حتى في حواره مع أبناء أسرته، وبدلا من أن نتجه للآخرين لتوضيح مواقعنا وشرح مطالبنا المشروعة وتحديد حقوق الفلسطينيين التي سلبت بغير حق، نرى أننا نحدث أنفسنا من خلال لغة الخطاب الموجه للجماهير، وبالتالي تحولنا إلى ثقافة الشارع التي عادة ما تكون ثقافة انفعالية تعتمد على مداعبة الأحلام والبعد عن الواقع. خمسون عاماً - بقول الأمير تركي الفيصل في محاضرة له أمام مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن - ونحن نتكلم عن القضية الفلسطينية والعالم معنا.. والآن علينا أن نتحدث عن طريقة معالجة القضايا الشائكة للقضية الفلسطينية. خمسون عاماً ونحن نتحدث عن القضية الفلسطينية، والعالم يجارينا في ذلك خدمة لمصالح الطرف الذي سلب فلسطين، والآن وقد استيقظنا وبدأنا التحرك عمليا لحل القضية الفلسطينية.. فهل نخفف من لغة الكلام ونوقف ثقافة ودبلوماسية الجماهير ونعيش الواقع حتى يجارينا العالم في العمل لحل القضية الفلسطينية؟
|
|
|
| |
|