| |
حادثة وحديث سبَّاقون إلا إلى الصلاة عبيد بن عساف الطوياوي (*)
|
|
سباقون إلى كل شيء إلا الصلاة، أعمالهم، مناسباتهم، مساهماتهم، قضاء حوائجهم، لا يمكن أن يتأخر أحدهم عن شيء من ذلك، وهذا أمر محمود لا تثريب عليهم فيه، ولكن انظر إلى مساجدهم عندما ينادى للصلاة! لا يأتون إلا متأخرين، يؤذن المؤذن، ويمضي الوقت بين الأذان والإقامة، وتقام الصلاة، وهم لا يزالون في بيوتهم، أو في استراحاتهم، لا يأتون إلا بعد سماع الإقامة، ولذلك تفوت عليهم أجور عظيمة، ويحرمون من حسنات كثيرة، هذا إن سلموا من السيئات، فقد يتأخر بعضهم من أجل مباراة تنقل، أو مسلسل يعرض، أو حتى أخبار تنشر، أو بسبب مجلس قيل وقال، أو مجمع لهو ولعب. ولا شك أن هذه الظاهرة ظاهرة سيئة خطيرة، بل من السوء والخطورة بمكان، الأولى ألا توجد بين المسلمين ولا في مجتمعاتهم؛ فأهم شيء هو الصلاة، يقول أبوسعيد الخدري رضي الله عنه: رأى رسول الله صلى الله عليه وسليم في أصحابه تأخراً، فقال لهم: (تقدموا فأتموا بي، وليأتم بكم مَنْ بعدكم، لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله) والحديث رواه مسلم. إن العاقل، ليخشى على نفسه وعلى إخوانه من هذه الظاهرة الخطيرة، والخصلة الذميمة، يقول تبارك وتعالى: {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} ويقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي رواه أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه: (إن للمنافقين علامات، تحيتهم لعنة، وطعامهم نهبة، وغنيمتهم غلول، ولا يقربون المساجد بل يهجرونها، ولا يأتون الصلاة إلا دبراً). فحري بالمسلم أن يحذر أن يكون في عداد المنافقين، فلا يتأخر عن الصلاة، وليبادر إلى صلاته حيث سمع النداء، وليثبت رجولته كما قال عز وجل: {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ. رِجَالٌ لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ}. إن في التبكير إلى الصلاة فوائد كثيرة، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (.. لو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه) والتهجير، هو التبكير في الذهاب إلى الصلاة، لو يعلمون ما فيه من الأجر العظيم، والثواب الجزيل، الذي أعده الله عز وجل لهم لتسابقوا إلى ذلك، ولما تأخر منهم رجل واحد. يتسابقون إليه كما يتسابق بعض الناس اليوم إلى وظائفهم ومناصبهم واكتتبات أسهمهم وغير ذلك. فحري بالمسلم أن يكون كيسا فطنا حريصا، فالذي يبكر إلى الصلاة يكون من الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله، كما في حديث النبي صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) وذكر منهم: (ورجل قلبه معلق في المساجد). وأيضا المبكر يفوز بدعاء الملائكة له؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن الملائكة تقول: (اللهم اغفر له اللهم ارحمه ما دام في مجلسه ينتظر الصلاة). وكذلك المبكر إلى الصلاة يستطيع أن يجعل له نصيبا من كتاب الله عز وجل، فيختم القرآن في كل شهر. وكذلك المبكر إذا استغل وقته بالدعاء فإنه يفوز بدعوة مستجابة؛ لأن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم. وأخيراً المبكر إلى الصلاة الذي لا تفوته تكبيرة الإحرام، يفوز ببراءة من النار وبراءة من النفاق، كما قال صلى الله عليه وسلم: (مَنْ صلى مع الإمام أربعين يوما يدرك التكبيرة الأولى، كتب له براءاتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق).
(*) حائل - ص.ب 3998
|
|
|
| |
|