المنظر: ساحة القرية وفي أحد أطرافها أكواخ وأعشاب وقن دجاج وأشياء
أخرى..
يظهر في الساحة بعض دجاجات وديك.
الديك: كو.. كو.. كو. كو.. ككككككككك... كووووووووكوووووو. كك.. ما أجمل صوتي. كك كك ما أجمل لوني.. كك كك ما أجمل ريشي.. كووووكوووووو من يتحداني من..؟ ككككككك أنا الأفضل أنا الأجمل.. كككككككككووووككوووو. (يمشي متبختراً وقد رفع رأسه ونفش الريش الذي حول عنفه. يتجول في ساحة القرية بينما تظهر من جانب الساحة بطة تمشي ببطء شديد كعادة البط).
الديك ساخرا: ها ها كووووك.. ياللبطة البشعة.. ياللبطة المسكينة. لا منظر ولا مظهر.. كوووو ك ما هذه المشية المضحكة..؟ وما هذه الأرجل الغريبة..؟ كان الله في عونك. كككككك
البطة: (بغضب وحزن): أتسخر مني أيها الديك..؟ ويلك مني.
(تحاول البطة أن تهاجمه لكنه يفر من أمامها بخفة.. متضاحكاً منها)
الديك: كووك.. كووك هيا يا بطة يا ثقيلة.. هيا اهجمي علي.. أتظنين نفسك قادرة على الوصول إلي..؟ واهمة أنت.. فأنا خفيف الحركة يا بدينة.. كم أنت مضحكة. ها ها ها كووووك.
البطة: (تحاول مهاجمته من جديد) سأنال منك أيها المغرور وسترى.
لكنه يفر من أمامها بخفة معتمداً على جناحيه وطول قدميه.. فكان يقفز أمامها وهو يسخر منها.
الديك: الظاهر أنك لا تعرفين قدر نفسك أيتها البدينة الكسولة. (ثم ينظر إليها متفحصاً) ما هذا المنقار الغريب..؟ ألا تخجلين منه..؟ ويا لقدميك الغريبتين.. ها .ها. ها ككككككوووووك.. ككككك.
البطة: (وقد أجهدها التعب) نسيت أيها المغرور أن الله خلقني كما خلقك.. ألا تخشى أن يمسخك حين تنكر نعمته عليك..؟
الديك: أنا أشكر الله على نعمته علي.. وأعرف أنه أكرمني بجمال الصورة والصوت. أخبريني أيتها البدينة كيف هو صوتك.. لعله بشع كمنقارك. ها ها ها كككككوووووك.
(ثم ينصرف متضاحكاً منها دون أن ينتظر سماع صوتها بينما وقفت حزينة من كلامه).
في هذه الأثناء يظهر في المكان عصفور يطير فرحا في سماء القرية.
العصفور: زق..زق.. زق.. زق.. زيق.. زيق.. زيق.. زييييق ما أجملني وأنا أطير.. زيق زيق زقزق زقزق.. فوق الريح وأنا أطير زيق زيق زقزق زقزق فوق السحاب كحبة مطر. زيق زيق زقزق زقزق تبعث حياة فوق الأرض .زيق زيق زيييييييق.
(يلتفت العصفور إلى البطة الحزينة فيقترب منها).
العصفور: مالك أيتها البطة الطيبة الجميلة..؟ كأنك حزينة.
البطة: (تبكي) هئ هئ هئ..
العصفور: ما يبكيك أيتها البطة الطيبة..؟
البطة: الديك... لقد سخر مني وأهانني.
العصفور: (بغضب) ديك القرية المغرور. من يظن نفسه..؟
البطة: أرجوك ابتعد عنه كي لا يؤذيك بكلامه.. إنه غير مؤدب ولا يحترم أحداً، وهو بذيء اللسان.
العصفور: لا تخافي ولا تحسبي له حساباً.. فالظالم والمتكبرلا يحبهما الله، ولهما عذاب أليم يوم القيامة.
البطة: لكنني أخشى عليك منه.
العصفور: إنه مغرور.. وسننتصر عليه بإذن الله.
يقترب الديك منهما متسحباً... وفجأة:
الديك: العصفور هنا..؟ (يقلده) زيق زيق (ساخراً منه). يا له من صوت بشع..! لو كنت تفهم ما جئت إلى هذا المكان الذي لا يليق إلا بالديكة أمثالي (يصيح) كوووووكووووو . أرأيت ما أجمل صوتي وما أقواه. أما أنت (يسخر من جديد) زيييييق. فمن يسمعك..؟
العصفور: لكنني أظل زينة المجالس.. فالناس يتمتعون بمنظري وبصوتي.
الديك: كوك.. كوك ها ها ها.. هذا صحيح ولكنك في القفص يا مسكين.. أنت دائماً محبوس في قفص وهناك جمالك، أما أنا فجمالي في حريتي.. تراني أتجول في القرية كيفما أريد. وأوقظ المصلين بصوتي القوي الجميل.. ألا تعلم أنني مؤذن القرية أيها الصغير الذي لا نفع فيه..؟
العصفور: أيها الديك المغرور.. صحيح أنك تطرب الناس بصوتك لكنك تمتعهم بلحمك.. ألا ترى أنك على موائدهم بعدما يذبحونك ثم يأكلونك.. فأي قيمة لك بعدها..؟
(ظهر على الديك الخوف.. فانكمش بين جناحيه.. لكنه أبى أن يعلن الاستسلام).
الديك: وأنت أيضاً يأكلونك مع أنك ضئيل الحجم ولا خير فيك. أما هذه البطة كثيرة اللحم فهي من أفضل الطعام (قال ذلك بتشف).
البطة: (بحزن) أرأيت أيها العصفور الطيب.. ألم أحذرك من لسانه البذيء..؟
العصفور: لا تهتمي له.. إنه يغار منك.
الديك: (بغضب) أنا أغار منها..؟ ألا تراها مضحكة في كل شيء..؟
العصفور: (لا يهتم لكلامه) فيمضي قائلاً.. فأنت أيتها البطة الجميلة تفعلين أشياء لا يستطيع الديك أن يفعلها... وهو ما يدخل السرور في قلوب الناس.
الديك: (باستغراب) وأي شيء تفعله هذه البطة المضحكة..؟
العصفور: (دون أن يلتفت إليه) فأنت تحسنين السباحة.. (يلتفت إلى الديك) هل يمكنك ذلك يا صاحب الصوت القوي.؟ فإذا وقعت في الماء من ينقذك غير هذه البطة الجميلة.. فل لي..!
الديك: (وقد أذهله كلام العصفور) أنا.. أنا أستطيع السباحة.. نعم أستطيع.. ومن قال أنني لا أسبح..!! ثم ما دخلك أنت بيني وبين البطة.. دافع عن نفسك.. فجسمك صغير وصوتك صفير وكل شيء فيك حقير في حقير.
العصفور: ولكنني أطير أطير أطير (يرفرف بجناحيه ابتهجا..).. فهل يمكنك أن تطير أيها الجبان الرعديد.. أرني قدرتك على الطيران.. هيا هيا.؟
طار العصفور في المكان والديك ينظر إليه باستغراب العاجز، بينما راح يحرك جناحيه محاولا الطيران دونما جدوى.. فكان يقوم ويقع حتى كاد يهلك من التعب. فأشفق عليه العصفور فاقترب منه قائلاً:
العصفور: لا تتعب نفسك أيها الديك المغرور. لقد أنعم الله عليك بنعم كثيرة وأنعم على غيرك بنعم أخرى. وقد جعل الله صوتك جميلاً وقوياً بينما منح البطة القدرة على السباحة وأعطاني القدرة على الطيران. وهكذا.. فلكل واحد منا ميزة عن الآخر.. فسبحان الله أحسن الخالقين.
الديك: (لاهثاً من التعب..) سامحني أيها العصفور سامحيني أيتها البطة.. لقد تكبرت عليكما.. وكنت غير مؤدب معكما.. الآن عرفت الحقيقة.. أرجو الله أن يغفر لي.
البطة: لقد سامحتك.. وأرجو أن تكون قد استوعبت الدرس.
العصفور: وأنا أسامحك.. ولكن بشرط.
الديك: قل.. ما شرطك..؟
العصفور: أريد منك أن تعلمني الغناء الجميل لعلي أصير يوماً مؤذن القرية مثلك.
الديك: (بفرح) موافق شرط أن تعلمني الطيران وتعلمني البطة السباحة.
البطة: موافقة.. ولكن لي شرط أيضاً.
الديك: وما هو..؟
البطة : أن تتعلم الأدب والتواضع كي لا تتكبر على أحد بعد اليوم.
الديك: نعم هذا صحيح.. أرجو أن أكون عند حسن ظنكما.
العصفور: هيا إذا لنبدأ بالدرس الأول.. وهو تعلم الأذان (جميعاً كوووووكوووووك كك كوك كككك.
انتهت بتعاونهم على أن يتعلم كل واحد من صاحبه مهارة جديدة