ومن اللافت للنظر أن هذه الميثولوجيات والمعتقدات والأساطير بما تعكسه من طريقة. رؤية تكاد تضع يدها على سر من أسرار الطبيعة والجسد البشري وما يحيط به، سر لم يكشف عنه إلا العلم الحديث؛ فقول العرب مثلاً: ( يقال للرجل إذا مات وبطل: ضحا ظله. يقال ضحا الظل إذا صار شمساً، وإذا صار ظل الإنسان شمساً فقد بطل صاحبه ومات.(1)
- فيه ربط للجسد في حالة الموت بالأطياف والظلال والهالة. وهذا قريب جدًا مما يقرره العلم الحديث حول المجال الكهرومغناطيسي والذبذبات والموجات الكهربائية. وقد اكتشف العلم الحديث هذه الطاقة الكهرومغناطيسية وأمكنه تصويرها بأجهزة خاصة، حيث تظهر هذه الأجهزة تلك الطاقة على شكل هالة ضوئية حول الإنسان.
وقد أجرى العلماء الروس بحوثاً في مجال الطب البديل، وجمعوا فيه بين مبادئ الطب الشرقي القديم وإنجازات الطب الغربي الحديث، ويقول الباحثون: ( إن لدى الإنسان إلى جانب القشرة الفيزيقية (الجسد) مجالات من المعلومات والطاقة تلف الجسد. كما أن أحد عناصر هذه المجالات يتمثل في التركيب الهولوجرافي الذي تتجه اسقاطاته الرأسية نحو الجلد، في النقاط المعروفة لدى العلاج بواسطة الإبر الصينية.
ويقول الدكتور في الفيزياء والرياضيات كونستنتين كوروتكوف: إن الخبراء يدرسون حالياً العمليات الجارية في هذه المجالات. وقد رصدت أجهزة المختبر الصورة الهولوجرافية التي تحدد المظهرين الخارجي والداخلي للإنسان. وأضاف الدكتور كوروتكوف: إن معهد الميكانيكا الدقيقة والبصريات في مدينة بيترسبرج أجرى دراسات عدة، الغاية منها البحث عن السبل لمعافاة الإنسان بالاعتماد على هذه الظاهرة. وذلك غير التشخيص الدقيق لأعضاء الجسم البشري، وتم صنع أجهزة قياس دقيقة تعطي التشخيص لحالة الجسم في غضون 15-20، دقيقة إذ يتغير تألق الهالة الضوئية وشكلها تبعاً لحالة المريض الصحية. ويمكن إدخال هذه المعطيات في الكومبيوتر من أجل الحصول على التشخيص الدقيق.
وقد أجريت تجربة تعريض جثة ميت إلى مصدر للأشعة الكهرومغناطيسية بهدف تحديد القانون الرياضي الذي يتم بموجبه اضمحلال المجال المعلوماتي الكهربائي المحيط بجسد الإنسان. وقد لوحظ تألق الهالة الضوئية بعد مرور ساعتين على الوفاة. وكذلك عقب مرور ساعات عدة ولوحظ بعد ثلاثة أيام من الوفاة بقاء الهالة الضوئية. وهكذا بات واضحاً للعلماء أنهم أمام ظاهرة جديدة تتطلب دراسة وافية. وتبين من الأبحاث المتواصلة أن تألق الهالة الضوئية يتوقف على سبب وفاة الإنسان. فإذا كانت الوفاة طبيعية تخمد الهالة الضوئية في غضون يومين، ثم تستقر رغم كونها ضعيفة. أما إذا كانت الوفاة غير طبيعية فيلاحظ الوميض الشديد في غضون 20 دقيقة الأولى بعد الوفاة، ثم تخفت الهالة بسرعة حتى تبلغ وضع الاستقرار. علماً أنه في الوفاة التي ترافقها آلام شديدة يلاحظ تألق الضوء وضموره بشدة. ولوحظ أيضا أن تألق الضوء يجري أثناء الليل بدرجات متفاوتة(2).
هكذا يؤكد العلم أجوبة لمسائل ظلت شبه مجهولة وحدسية وينقلها إلى مجال الاختبار، وها هو يقرر أن هالة ضوئية تحيط بالإنسان إذا مات، وهو ما أشارت إليه المدونة التراثية، وما ستناقشه من زوايا أخرى المدونة الصوفية والفلسفية التي تملك مقولتها الخاصة حول الظل والوجود والخلود.
****
(1) ابن منظور، لسان العرب، مادة ظلل، ومادة ضحا.
(2) جريدة الشرق الأوسط عدد الثلاثاء 23 مارس 1955م خبر طبي بعنوان (الروس يدرسون المظهرين الداخلي والخارجي هالة ضوئية تلف الإنسان بعد وفاته).
****
لإبداء الرأي حول هذا المقال، أرسل رسالة قصيرة SMS تبدأ برقم الكاتب«7845» ثم أرسلها إلى الكود 82244