جئتُ بالأمس فأزعجتكم يا صاحب السعادة، لا لكي أسخر منكم كما تفضلتم سعادتكم فقلتم. بل كنت أعتذر لأني عطستُ فبللتكم!
أنطوان تشيكوف
عرفتكَ تمشي..
على قطعةٍ من حريرٍ سميكْ
عرفتكَ تهدي بياضاً كثيفاً،
تجمّعه، ثم تفرده صوبَ من جهّزوكَ
لقتل أبيك..
عرفتُ بأنك تعرفُ أني
وقفتُ على باب من فرّقوكَ على كلّ شارعْ
وكنتُ أنادي عليكَ كأني
أمدّ وجوداً إلى كلّ ضائعْ
فهل كنتَ مثلي؟
هل كنتَ تعرفُ أنّ الذين يصدّون عني
يريدون أن أتقدّمَ حيناً
إلى كلّ ذاكرةٍ تنتهي
كما كلّ شاردةٍ تختفي..
فهل أنتَ سوف تطيق التخلي؟!
وهل أنتَ سوف تطيق التراجع؟
ومن دون ذنبٍ ستجرحُ نفسكَ
ترفعُ عن كتفيكَ الأكفَّ
وتدفن بين يديك الأصابعْ
كأنك ما كنتَ يوماً هناكَ،
ستأتي..
وسوف تعود،
كأنك لمّا تزل بعدُ: بعضَ ال.. كأنّ!
كأنكَ كنتَ تعمّد نفسكَ
في جدولٍ قد تصرّف من تحت أقدامهم
حين عابوا عليك الوصول إليهم
كأنك كنتَ إليهم وفيهم،
ولكنهم لم يكونوا لمثلك، حتى وإن كنتَ حرفاً
سيُكتب حيناً
ويُسقط حيناً
ويُرفع، يُنصبُ.. حيناً.. فحيناً
إلى أن يكون اكتمالُ العناوين بارزةً
دون أسمائهم
فأسماؤهم لا شبيه لها
وليس لها كانتمائك،
حين رأيتَ الحياة زماناً
فكنتَ مكاناً
يكوّن شيئاً لأشيائهم.. حين تُرفع بعدكَ
أو تنتهي في حضيض المواقع.
بمثلك كان التشفي بديلاً
عن الحزن في لحظة الاحتضارْ..
وأيضاً،
لمثلكَ كان التأني دليلاً
إلى الخوف في لحظة الاختيارْ..
فهل كنتَ، مثلي، انكشفتَ رحيلاً
نهاراً وراء نهارْ؟
هل كنتَ، مثلي، وقفتَ قليلاً
لتنفض عن وجنتيكَ الغبار؟
وهل سوف نبقى معاً
جيلاً فجيلاً
نهذّبُ أنفسنا، ذاتها..
لنختار أنفسنا - ذاتها - بعد كلّ انهيار؟!
تعبنا؟ نعم
شربنا من الكون حتى العدمْ
قطعنا من الحلم حتى الندمْ
تعبنا؟ نعم
بكينا؟ نعم
ملأنا المناديل دمعاً ودمْ
وما فادنا في الكلام سلامٌ
ولا فادنا في السلام كلامٌ
ولا فادنا ازورارُ القلمْ
سنكره أنفسنا، يا حبيبي..
وسوف نكذّبها، يا صديقي..
وسوف نعودْ.
وسوف تعود المتاهاتُ فينا
بغير حدودْ
سنكره أنفسنا، يا حبيبي
فكن مرّةً من نصيبي
ودعنا معناً في فضاء القيودْ
فسوف نكذّبها، يا صديقي
فكن مرّة خطوةً في طريقي
ودعنا نحقق بعضَ الوعودْ.
دَعْنا
نحققُ
بعضَ الوعود...