إن علاقة الزمالة والصداقة التي ربطتني بالمرحوم صالح بن سليمان الوشمي تمنعني من الادعاء أن كتابتي عنه محايدة كل الحياد كما يفترض في الكتابة العلمية أن تكون. وإذا كان الوفاء من أسمى القيم الإنسانية وهو الذي دعا هذه الصفوة الكريمة من الباحثين لدراسة مآثره وإنتاجه العلمي والإبداعي، على أن هذا الإنتاج جدير بالدراسة والبحث والتحليل، والوشائج التي ربطت بين المشاركين في ملتقى الوفاء هذا وبينه هي وشائج علمية قبل أن تكون وجدانية.
توثقت علاقتي بصالح الوشمي - رحمه الله رحمة الأبرار - لأول مرة عندما كنا في صفوف المرحلة الثانوية (المعهد العلمي السعودي) مع ابن عمه الصديق العزيز ناصر بن صالح الوشمي، إذ اتفقنا على أن نذاكر سوياً في بيت أحدنا وكان صالح يكبرنا قليلاً، وكان بطبيعته جاداً حريصاً على استثمار الوقت، وكان أكثرنا نضجاً وأوسعنا علماً خاصة في علوم الدين والنحو والبلاغة فأفدنا منه كثيرا. تواصلت الزمالة بيننا في المرحلة الجامعية رغم أن ظروفه العائلية لم تمكنه من الانتظام في جامعة الملك سعود بالرياض مثلنا لكنه واصل معنا منتسباً وكان الزميلان ناصر الوشمي وصالح العمرو (الدكتور لاحقاً) يعوضانه عما لم يتمكن من الحصول عليه من المعلومات والمواد العلمية الأخرى حيث إنهم يشتركون في تخصص التاريخ، أما أنا فكنت متخصصاً في اللغة العربية وآدابها. كان صالح كثير التردد علينا والإقامة معنا في الرياض خاصة أيام الاختبارات، وهي أيام عصيبة على الطلاب لكن الزميل صالح العمرو كان كثيرا ما يسهم في تخفيف حالة التوتر التي كنا نعيشها بتعليقاته الساخرة والظريفة وكل واحد منا كان يأخذ نصيبه منها وافراً ولم يوفر نفسه منها. بعد أن أنهينا الجامعة تفرقت بنا السبل فصالح العمرو وأنا ابتعثنا للدراسات العليا في بريطانيا هو في إنجلترا وأنا في اسكتلندا وسلك ناصر في السلك الإداري أما صالح فاشتغل موجهاً تعليمياً بمنطقة القصيم التعليمية.
كان صالح الوشمي منذ كان يافعاً قارئاً نهماً ولديه مكتبة تضم أمهات المصادر كثير المطالعة لها والإفادة منها ولعل ذلك كان بتأثير والده الشيخ سليمان الناصر الوشمي.
* قسم التاريخ - كلية الآداب جامعة الملك سعود - الرياض