ربما ظهر مصطلح (المجتمع المدني) جلياً من خلال حديث الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين بمختلف أبعاده وصوره.. في إشارة واضحة إلى أهمية إيجاد مثل هذه الأفكار الواعية وزرعها في الذهن الاجتماعي العام، بل وتدويلها لنصل عبر تفعيلها إلى فضاءات مجتمع مدني حضاري حقيقي.. والجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون أحد أهم الأشكال الأولية التي ينبغي تأصيل هذا الوعي الخلاّق من خلالها.. حيث يقف على رأس هرمها الدكتور العثيمين.. وهو القامة المهمة في سجل العمل الرسمي الرصين، حيث جاء إلى رئاسة الجمعية بتجربة ثرية في ماهية عمل الجمعيات من خلال عمله سابقاً بوزارة العمل والشؤون الاجتماعية، وتولى حينها مناصب عليا مكنته من الوقوف على أدق تفاصيل هذا العمل.. إلى جانب عمله حالياً رئيساً لمؤسسة الملك عبدالعزيز للبر بوالديه..
في هذا اللقاء تداخلنا مع الدكتور العثيمين حول عدد من المحاور، ليس أولها خطط الجمعية واستراتيجياتها في الفترة القادمة، وليس آخرها هموم فروع الجمعية.. وعدد من المناطق الحساسة التي كان الدكتور العثيمين صريحاً للغاية في التعليق عليها..لن أطيل.. وإلى اللقاء..
* بداية.. الدكتور يوسف العثيمين القادم إلى العمل الثقافي والأدبي والمعرفي والفني من رحم العمل الاجتماعي والإنساني ما نقطة الالتقاء ما بين هذين الاتجاهين؟
إن العلاقة بين ما أقوم به الآن وما قمت به سابقاً منطلقاً من كون الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون تمثل أنموذجاً زاهياً من أنماط المجتمع المدني، فهي تتيح فرصة للمبدع والمثقف والموهوب أن ينتمي إلى جماعة تشاركه الهوايات، وتشاركه الاهتمامات، ليس بناء على اعتبارات قرابية أو أسرية أو مناطقية، ما يجمعهم هو الهم الثقافي والهم الفني.. أنا أتيت من خلفية اجتماعية كمنسوب من منسوبي وزارة العمل والشؤون الاجتماعية، والوزارة مسؤولة عن الجمعيات الخيرية في مختلف مناطق المملكة، وتشرف على أكثر من ثلاثمائة وخمسين جمعية خيرية، واهتمامي أتى من هذا المنطلق، بالإضافة إلى رغبتي في أن يجد الشباب منافذ للتنفيس عن هواياتهم بأسلوب مفيد، وكما تعرف أن فئة من شبابنا للأسف الشديد تعرضوا لنوع من الأزمة في كيفية التعبير عن أنفسهم.
الشباب كما هو معلوم طاقة.. فإما أن تفرغ هذه الطاقة بالأمور الخيرة، وبالهوايات والأعمال المفيدة، وبأمور الفنون الجميلة، وقنوات الإبداع الثقافي، أو يعبر عنها للأسف في بعض الأحيان بأمور عنيفة، صدرت من بعض شبابنا بأمور لا تليق بهم لا كشباب مسلمين، ولا كسعوديين، ولا كعرب.. الأمر الذي أحرجنا كثيراً في العالم، ومن هنا أعتقد أن تشجيع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بمختلف مناشطها واختصاصاتها واهتماماتها أمر أساس.. نحن أمام طاقات شبابية مبدعة، وهذه الطاقة ينبغي أن توجه الاتجاه السليم، وإذا لم ينبر لها المتخصصون والمهتمون ورجال الأعمال والمثقفون والفنانون والمبدعون بالاهتمام بالجمعية، ودعم رسالتها بإعطائها جزءاً من الثمن والوقت والجهد والمال والخبرة، أنا أعتقد أن هذا إجحاف في حق شابنا علينا..
وبالمناسبة أنا عملي في هذه الجمعية عمل تطوعي، ولا أتلقى شيئاً من الجمعية.
أنا قبلت بهذا العمل مثل ما أشرت سابقاً رغبة في تشجيع المجتمع المدني خاصة فيما يتعلق بالشباب الذين لديهم المواهب الواعدة التي تمكنهم من التعبير عنها بالطريقة السليمة والصحيحة، حيث تسعى الجمعية إلى توفير الدعم المادي والأدبي والتنظيمي الذي يمكنهم من أن يُعترف بمواهبهم، وتلقى التقدير الذي يستحقونه على مستوى الوطن ومستوى العالم.. أخيراً، فإنني وإن كنت ليس مثقفاً ولا فناناً إلاّ أنني متذوق لهما مثل كل البشر الذين يتذوقون الفنون الأصيلة الرصينة.
* ننتقل إلى محور آخر وتكرار لطلب العذر إذا كانت الأسئلة حادة نوعاً ما؟
- سأكون أميناً في التعبير عن مكنون النفس، وأكون شفافاً لأبعد الحدود بالقدر الذي لا يجرح الآخرين ولا يتعدى على حرياتهم..
* الدكتور يوسف العثيمين جاء إلى رئاسة جمعية الثقافة والفنون بالتعيين الذي قال عنه الغذامي: (التعيين في الأندية الأدبية خطيئة وفي الجمعية خطأ) وقال أيضاً: لو أن المعينين رفضوا التعيين لأجبرت الوزارة على مبدأ الانتخاب).. ما تعليقك؟
- أنا أتفق كثيراً مع فكرة أن يُتاح لأعضاء هذه الجمعيات أن ينتخبوا رئيسهم، لا شك في هذا، وفي الجمعيات الخيرية عندما كنت في الوزارة كانت الجمعيات العمومية تنتخب أعضاء مجلس إدارتها، وهؤلاء ينتخبون رئيسهم، وفهمي أن وزارة الثقافة والإعلام، كما عملت في الأندية الأدبية، ستعمل في جمعية الثقافة والفنون، بمعنى في التشكيل الأول سيكون تعييناً، لكن في المرات القادمة ستتاح فرصة أكبر للانتخاب عندما تشهر هذه الجمعيات، ويكون لها أعضاء، ويدفع هؤلاء اشتراكات، ويكونون أعضاء في الجمعية العمومية، الآن الجمعية ليس فيها أعضاء مسجلين كما هو حاصل في الجمعيات، بمعنى وجود أعضاء يدفعون اشتراكات، ومسجلين تسجيلاً رسمياً، ويدفعون رسوماً وإشتركات يتطلبها نظام الجمعيات، ثم يجتمع هؤلاء للمرة الأولى، وينتخبون أعضاء مجلس الإدارة، وهؤلاء ينتخبون رئيس النادي أو رئيس الجمعية.. هذا هو توجه وزارة الثقافة والإعلام المستقبلي، وأنا لا أتكلم بالنيابة عنهم، وإنما أتصور أن ما سينطبق على الأندية الأدبية سينطبق على جمعية الثقافة والفنون وعلى الجمعيات النوعية التي ستنبثق عن جمعية الثقافة والفنون، مثل التشكيلية، وجمعية الفنون الشعبية، وجمعية المسرحيين، والخط العربي، والتصوير الضوئي، وهذا التوجه تحرص الجمعية على تشجيعه ودعمه حتى تتحول الجمعية إلى مظلة، وليست هي التي تقوم بالعمل اليومي لصالح هذه الجمعيات، حتى تتيح الفرصة للإبداعات كل حسب اهتمامه وبطريقته.
* دكتور يوسف ماذا وجدت بعد أن فتحت سجلات الجمعية وملفاتها الإدارية والتنظيمية عقب توليك رئاسة الجمعية.. وبعد أن قرأت سجل العهد المنصرم؟
- وجدت كل خير.. الجمعية هي إحدى الجمعيات الراسخة في المجتمع السعودي، وكما تعلم أن الجمعية أُنشئت منذ أكثر من ثلاثين عاماً، وكانت تحت مظلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب، والمرحوم الأمير فيصل بن فهد بذل جهداً لا ينكر في التأسيس للمسار الثقافي والفني في المجتمع السعودي، ليس فقط من الجانب الرسمي، وإنما أرادها - رحمه الله - جمعية جماهيرية، بحيث يتاح للناس أنفسهم أن يعبروا عن مواهبهم، وعن ملكاتهم في مختلف أنشطة الثقافة والفنون، والفكرة فكرته شخصياً، ودعمها سموه ليس فقط دعماً رسمياً بل دعماً شخصياً ومادياً، كان يتولى حتى الأمور الشخصية للفنانين والمبدعين، ويتلمس احتياجاتهم، ويحل مشاكلهم.. وهذا ما يجب أن نذكره للتاريخ وبعين التقدير، وهذا ما وجدته فعلاً في ملفات الجمعية، وجدت أن بعض القرارات الإنسانية المتعلقة ببعض المبدعين والفنانين كانت بلمسات الأمير فيصل بن فهد -رحمه الله -شخصياً.. هذه حقيقة يجب أن نعترف بها.. ثم إن الجمعية أدت نشاطاً كبيراً منذ البداية، إذ لأول مرة أُوجدت منصة مؤسسية للمثقفين والفنانين والمبدعين، يجدوا فيها وسيلة لتدريب الكفاءات، والاهتمام بشؤون المبدعين، وتقديم المواهب للجمهور، حيث تشكل لها مجلس إدارة، ومجلس الإدارة الأول كان رئيسه سمو الأمير المبدع الفنان والشاعر بدر بن عبدالمحسن، وهذه حقيقة قد لا يعلمها الكثيرون، وبدر بن عبدالمحسن، كما هو معروف باهتمامه بأمور الثقافة وأمور الفن وحتى الآن، ثم بعدها تم تشكيل مجلس برئاسة الأخ محمد الشدي.. واستمر ذلك حتى العام الماضي.. يجب ونحن نتحدث عن تاريخ وتقييم الجمعية ألا نغمط الآخرين حقهم، كونهم شكَّلوا الخطوات التأسيسية، وكذلك كونهم يتفاعلون مع مجتمع وظروف يقدرونها، فأنا أرى أن الجمعية تنتقل نقلات نوعية، من الأمير بدر إلى الزميل محمد الشدي، والآن كما تعلم تشكَّل المجلس الجديد، وضم نخبة متميزة من الذين يمثلون مختلف الأطياف الفنية والثقافية، فلدينا العالم الشرعي، ولدينا المثقف، ولدينا الأديب، ولدينا الرسام والتشكيلي والمسرحي، وهذا -إن شاء الله -سوف يعطي دفعة قوية لمواصلة ما بدأه سمو الأمير بدر.. ومجالس الإدارة السابقة..
* دكتور يوسف: كانت وربما لا تزال الجمعية تثير غضب الكثيرين واستياءهم وعدم رضاهم.. ما مدى منطقية هذا الاستياء؟ وهل سيكون العهد الجديد بمنأى عن هذا الاستياء؟ بمعنى هل سيكون عهد رضا حقيقياً؟
- مَنْ يتعامل مع الجمهور يجب أن يتحمَّل ويتقبَّل، ومن أّلف فقد استهدف، فما بالك مع مَنْ يتعامل مع الفنان والمبدع، فهو أول شيء بشر قبل أن يكون فناناً، له احتياجات، وله عواطف، بل هو كتلة من المشاعر والعواطف، وقد يكون المبدع أكثر حساسية من غيره، فبالتالي مسألة عدم الرضا شيء متوقع، لكن ما درجة عدم الرضا؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن نطرحه على أنفسنا كمجلس إدارة، منذ تعييني كرئيس لمجلس إدارة الجمعية وأنا أحاول مع زملائي في المجلس أن نتعرف على احتياجات الجمعية، ورسم خططها المستقبلية، وكذلك زيارة فروع الجمعية في مختلف مناطق المملكة.. أحاول أن أستمع لكل ما يُقال لي شخصياً، أو عبر الصحافة، أو عبر المهاتفة، أو عبر المكاتبة، وقلبي مفتوح، والأذن والعين واعيتان لكل ما يحدث على هذه الساحة وأسلوب سياسة الباب المفتوح سوف تعمل على خفض مستوى عدم الرضا إن وُجد شيء من ذلك..
إن من أهم الأمور التي يجب علينا، أنا وزملائي في الجمعية، هو العمل على تعزيز الصلة بين الجمعية والجمهور، وبين الجمعية وبين الفنان والمبدع اكتشافاً وحفزاً وتشجيعاً وتمكيناً.. هذا هو جوهر المهمة التي أمامنا، الجمعية إمكاناتها ضعيفة، ويجب الاعتراف بهذا، ويجب أن أقوله بصوت عال: إمكاناتها لا تتلاءم مع طموحاتها، الجمعية الآن مقبلة على فتح فروع لها في مختلف مناطق المملكة، بحيث لا تستثني منطقة من مناطق المملكة إلا وفيها فرع، والجمعية مقبلة أيضاً على بناء مقرات للفروع، لا يوجد للجمعية مقرات تعود ملكيتها للجمعية، مع أنه يتوفر بعض الأراضي من البلديات خُصصت لفروع الجمعية، إلا أنه للآن لا يوجد فرع واحد ملك للجمعية، وسوف نعمل إن شاء الله إما عبر إعانة الدولة للجمعية، أو عبر البحث عن التمويل المناسب من رجال الأعمال ومن البنوك ومن المهتمين بالشأن الثقافي والفني لتمويل هذه المقرات ولو بالتدريج؛ لأنه لا بد أن يكون للجمعية مقر يليق بها، ولا بد أن يكون في المقر مساحة للموهوب والمبدع والفنان ليمارس هوايته مثل مسرح صغير، ومرسم، ومقهى ثقافي، يلتقي فيه المبدعون لممارسة هذه الهوايات حتى تنضج وتتبرعم وتنال حقها من التشجيع والاعتراف..
* دكتور ما أولى الخطوات الفعلية بعد ما استمعنا إليه من البحث عن مقر للجمعية وللفروع ربما كانت هذه أولى الخطوات.. ما الخطوة الفعلية الأخرى؟!
- هي مجموعة خطوات؟
من الخطوات المهمة هي البحث عن استشاري متخصص لإعادة هيكلة الجمعية إدارياً ومالياً، وعمل هيكل تنظيمي مالي إداري يحدد الصلاحيات، ويحدد الحقوق والواجبات، لا يمكن للإنسان أن يسير حسب اجتهاده، لابد أن يكون هناك عمل مؤسسي، ونظام مالي ونظام إداري وهيكل تنظيمي يُقر من قبل مجلس الإدارة، ويكون عبارة عن خارطة للعمل في الجمعية، بحيث يعرف الجميع ما لهم وما عليهم. من الأمور التي نفكر بها إيجاد جائزة للجمعية، تمنح للأعمال المتميزة إما أفراداً أو أشخاصاً أو مؤسسات، أو أعمال ثقافية فنية متميزة..
ومن الأفكار الجديدة إقامة احتفالات سنوية في كل فرع، وفي كل سنة، حتى نطلع الجمهور على نشاط الفرع في كل منطقة.
أيضاً سوف نعمل على تفعيل وتنشيط مشاركتنا في الجنادرية، هناك أكثر من إحدى عشر مسرحية هذا العام، ثلاث منها للأطفال في جنادرية هذا العام، وأيضاً في المشاركات الدولية الباب مفتوح لكل دعوة تصلنا لنوصل صوتنا باللوحة أو بالمسرحية أو بالإيقاع إلى العالم، سواء العالم العربي والإسلامي، أو الدولي، ويجري العمل على التنسيق مع الإخوة في وزارة الثقافة والإعلام للمشاركة في تلك الفعاليات الخارجية.. نعمل -أيضاً -على إصدار دليل يتضمن أسماء المبدعين وفق ضوابط محددة، ونحاول -أيضاً - إيجاد صلة حقيقية مع النوادي الأدبية وإمارات المناطق والأمانات على رعاية احتفالات الأعياد، كما سنعمل على إصدار مطبوعات منتظمة تعني بشؤون الفنون.. الحقيقة الطموحات كثيرة، والآمال عريضة، مشكلتنا الحقيقية في ضعف التمويل، مع أن التمويل للجمعية هذا العام زاد ثلاثة ملايين ريال، وأسجل هذا بالتقدير لوزارة الثقافة والإعلام، حيث تم دعم الجمعية بـ 15% زيادة عن ميزانية الجمعية، وهذا سوف يكون حافزاً لنا إن شاء الله على تقديم المزيد من الأنشطة في هذا العام 1428هـ.
* كم تبلغ ميزانية الجمعية بعد الزيادة هذا العام؟
- هي معروفة، وليست سراً، اُعتمد هذا العام ثلاثة عشر مليوناً كإعانة، لكن الجمعية كما ذكرنا أنها نمط من أنماط المجتمع المدني، ولا نمل من تكرار ذلك، وعلينا الحرص للبحث عن الممولين غير إعانة الدولة التي تأتي عبر وزارة الثقافة والإعلام، المجتمع عليه واجب ثقافي وفني وإبداعي لابد أن يؤديه.. يجب على رجال الأعمال، وعلى البنوك، وعلى مؤسسات المال، أن تدعم هذه الفعاليات، وهذا حادث في جميع أنحاء العالم، كثير من المؤسسات المالية العالمية ترعى فعاليات بمئات الملايين، يجب أن تكون هذه الروح موجودة عندنا في المجتمع، وإن شاء الله بنوع من التثقيف والشرح لأدوار الجمعية ورسالتها سوف يتشجع رجال الأعمال والمؤسسات المالية الكبرى في المملكة، وحتى الأفراد للتبرع للجمعية بما تجود به أنفسهم لتشجيع هذه المجالات.
* دكتور لديك فعلاً استراتيجية، وربما أشرت في حديثك بشكل سريع إلى البحث عن أماكن ومقرات رئيسية للجمعية قد يؤدي هذا إلى استراتيجية بعيدة المدى؟
- إيجاد مقرات مملوكة للجمعية استثمار وتسديد حاجة، بحيث تصبح أصولاً مالية ثابتة تعود عليها بالدخل إذا وجد ممول يستطيع أن يجعله موقعاً استثمارياً، وفي نفس الوقت مقراً للجمعية أو للفروع، يجب على الجمعية أن تعتمد على نفسها في نهاية الأمر فإعانة الدولة يجب ألا تكون هي منتهى طموح الجمعية، يجب على الجمعية البحث عن التمويل سواء ما يتعلق بالمقر، أو ما يتعلق بالأنشطة، كما تعلم على -سبيل المثال -أن أغلب تكلفة تمويل احتفالات العيد الماضي في الرياض كانت عبارة عن أسلوب الرعاية، ولم تكلف الجهات الحكومية إلا النسبة الأقل.. حركة الفرح التي حصلت في العيد الماضي في الرياض كانت بجهود من الرعاة وتشجيع من سمو أمير المنطقة وسمو أمين العاصمة وهيئة السياحة، وهذا مثال بارز على أهمية أن تسعى الجمعية للبحث على ممولين والبحث عن رعاة لتنمية فاعليتها، وهذا دليل على قناعة المجتمع، أعتقد أن تجربة الرياض في العيد الماضي مثال للتفاؤل بأن الناس إذا وجدوا أعمالاً تستحق الدعم، وتستحق الرعاية فلن يترددوا في ذلك.
* إضافة إلى هذه الخطوات خطوة إيجاد مقر للجمعية ومقرات للفروع وخطوة هيكلة الجمعية. ما الاستراتيجية التي تنطلقون منها لزرع مفاهيم المجتمع المدني وغرس مفهوم جمعيات المجتمع المدني في أذهان الناس؟
- زرع ثقافة وفاعلية المجتمع المدني في المجتمع هي الإسراع في التراخيص عبر وزارة الثقافة والإعلام لجمعيات نوعية، في السابق لم يكن إلا الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون، الآن التوجه أن يكون لدينا خمسة أو ستة جمعيات نوعية، وجماعات على مستوى المحافظات تحت مظلة الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون مثل: جمعية للتشكيليين، وجمعية للمسرحيين، وجمعية للفنون الشعبية، وجمعية للتصوير الضوئي، وجمعية للخط العربي.. وهكذا كلما تكونت مجموعة جادة تريد أن تشكل جمعية نوعية متخصصة تحت مظلة الجمعية فليكن، ولا تتردد الجمعية في دعم جهود الترخيص لها.
* حتى لو كانت جمعيةً للموسيقيين؟
- هذا النشاط حالياً يدخل تحت مظلة الفن الشعبي والفلكلور، لدينا فن شعبي وفلكوري غني في جميع مناطق المملكة، وللأسف الشديد يكاد يندثر مع الزمن إذا لم يُوثَّق هذا الفن، ويتحول إلى مادة قابلة للتسويق التجاري، وأيضاً التداول بين الجمهور.. أنا أخشى أن يندثر هذا الفن الشعبي في يوم من الأيام إذا لم نحزم أمرنا في هذا الموضوع، ونعطي الفن والتراث والفلكلور الشعبي والرقصات الشعبية ما تستحق من اهتمام وتوثيق. أنا هنا أتحدث عن فن شعبي، الناس تطرب له وتسمعه، سواء في العرضات أو في الرقصات التي نشاهدها في مختلف مناطق المملكة. والحقيقة أن المجتمع السعودي غنيّ بهذه التعبيرات الفنية والرقصات التي يحبها الناس، تراها في الأعراس، وفي الأعياد، وفي المناسبات العامة، هذا هو التراث الحقيقي، والجمعية يجب أن تكون معنية بتسجيله وتوثيقه وحتى مسرحته.. المطلوب توثيق هذا الفن، وهذا الفلكلور، وهذا التراث الذي يعكس حقيقة المجتمع السعودي، وليس الكلام هنا عن هز الوسط، أو الفن الساقط والرخيص الذي لا يعبر عن ثقافة المجتمع السعودي، أنا أتكلم عن الفن الأصيل الذي يحتفل به المجتمع في مناسباته الخاصة والعامة، ويجد آذاناً مصغية، وذائقة له في المجتمع، وهذا ما أردتُ أن تحرص عليه الجمعية وتسوِّقه وتوثِّقه ليكون مادة أو سلعة أو منتجاً فنياً قابلاً للتداول، والانتقال من جيل إلى جيل..
يتبع
Aldihaya2004@hotmail.com