بعد أيام سوف تكمل الإدارة الجديدة للأندية الأدبية في المملكة عاماً على توليها دفتها من مجالس الإدارات القديمة, إلا أن البعض يرى أن الحال بقي على ما هو عليه, دون أي تغيير يلمس على الرغم من أن أغلب من تولى الإدارة الحالية كانوا من أكثر المطالبين بتغيير كل قديم في تلك الأندية, بدءا من الأعضاء وانتهاءً بالأثاث, لدرجة أن هناك من أخذ يرثي لحالهم خشية أن تصاب أحبالهم الصوتية بسوء لا سمح الله، وكان ما أرادوا وحصل التغيير التام ومرّت سنة كاملة والبعض سيكمل عامه الأول بعد أسابيع قليلة, إلا أن هناك من قال إنه لم يشهد أي تغيير يذكر، بل إن الوضع السابق كان لديه أنشطة عديدة, أما الآن فبالكاد نسمع عن أمسية قصصية, إذاً النتيجة لم ينجح أحد!! لكن هناك آخرين دافعوا عن الإدارة الجديدة، حيث إنهم استلموا تركة مثقلة بالديون وأصابتها التشوهات التي تحتاج إلى ترميم كامل؛ لذا يجب منحهم الفرصة الكافية ومن ثم إصدار الحكم سواء سلباً أو إيجاباً.. (الثقافية) قامت باستطلاع آراء أصحاب ذوي الشأن وبعض المثقفين لمعرفة رأيهم حول ذلك..
الوشمي:
بداية تحدث لنا نائب رئيس نادي الرياض الأدبي عبدالله الوشمي حيث قال: البحث في مسوغات الآراء التي يطرحها بعض الزملاء أمر اجتهادي بالنسبة إلى من لم يقم بطرحها، ولاسيما بعض الآراء تولد من رحم الرغبة في التجديد والتغيير لا غير، أو أن تكون استجابة لأسئلة ثقافية محددة يحملها أصحابها، فالذي يقف موقفاً رافضاً للرقابة بمفهومها الحرفي البسيط قد يمتد إلى المطالبة بإلغاء الوزارة كلياً، وعندها تشعر أنه انتقل إلى نتيجة كبيرة جداً من خلال الاعتماد على مُدخَل صغير.
ويضيف قائلاً: أحسب أن الحفر الثقافي في المشهد المحلي يوفض بنا إلى حقيقة مهمة، وهي ضرورة البحث في الممكن، وعدم التطلع إلى ما وراءه تحت أي ذريعة، وبخاصة في ظل انتمائنا إلى ظروف متعددة السياقات، والأندية الأدبية متعددة المناخات، وخاضعة لظروف متفاوتة، ولاشك أن تغيير مجالس الإدارات بحد ذاته يعد إنجازاً كبيراً في ظل واقع لم نكن نحمل أي أحلام تجاه تحويله، فضلاً عن تغييره، أما الإنجازات التي حققتها الأندية فلا أزعم لها العصمة المطلقة، بل إنها ستظل -مهما كبرت- دون المأمول، ويستطيع القائمون على الأندية تقديم الأكبر والأقوى، ولكن ذلك لا ينفي أن إضاءات مهمة وفاعلة قامت بها الأندية في هذه الفترة القصيرة، ولا أظن الراصد والمتابع إلا يشهد بذلك، على الرغم من ضعف الميزانيات التي نجد -للأسف- أن عقد لاعب محترف في أحد الأندية الرياضية أكبر من ميزانيات الأندية الأدبية جميعاً.
ويعترف الوشمي بوجود خلل فيها وهو عدم وجود الإعلام بقوله: لعل الخلل الذي أعترف به وأشعر بأنه يتغلغل في الأندية، هو أنها لا تمتلك دفة الإعلام بشكل جيد، بل إنَّ وزارة الثقافة والإعلام التي تتنفس من خلال مسارين تقريباً؛ فهي على مسار الثقافة للتو لم تفرغ بعد من تهيئة بُناها التحتية، وكلُّ ما قامت به مبشر ومثير للدهشة على مستوى سرعة الإنجاز وبراعته، والوزارة على مسار الإعلام تعيش هذه الأيام مرحلة تأسيس جديدة من خلال التحوير في مفهوم الإعلام الرسمي، والانتقال بالبرامج إلى مناخات جديدة، إلا أن جناح الإعلام لم يَخدم المنطق الثقافي كما هو مطلوب، وأظن معالي الوزير والسادة الوكلاء منتبهون لذلك، ولكن تركة الوزارة الضخمة والواسعة والمتشعبة تحتاج إلى وقت أطول لمتابعة الدرس والتهيئة وإعادة البٌنى إلى أوضاعها الصحيحة.
الطامي:
ومن جهة أخرى يرى رئيس نادي القصيم الأدبي الدكتور أحمد الطامي أن توقيت تعيين الإدارة الجديدة غير مناسب، حيث قال: قد تكون شهادتي مجروحة فأنا أحد المتهمين في هذا السؤال بصفتي رئيساً لنادي القصيم الأدبي.
وبداية يجب أن نتذكر أن التغيير لا يحدث بين عشية وضحاها.
كثير من مجالس الأدبية الجديدة، ومنها نادي القصيم الأدبي، صدر قرار تكليفه مع بداية الموسم الثقافي الذي يتزامن عادة مع الموسم الدراسي.
فكيف نطالب مجالس إدارة بتغيير جذري ووضع خطة نشاط ثقافي بشكل فوري وعاجل.
ومع ذلك فمن خلال متابعتي لأنشطة الأندية الأدبية بمجالسها الجديدة أجد أكثرها أحدث تجديداً في الفعاليات.
وأضاف قائلاً: نحن في نادي القصيم الأدبي وضعنا خطة عاجلة لموسمنا الثقافي وبدأنا أول فعالية بعد عشرة أيام فقط من انتخاب الرئيس والهيئة الإدارية، وطرحنا موضوعات مهمة ومثيرة للجدل مثل موضوع رؤية الهلال بين الفلك والشرع، وغيرها من الفعاليات.
ويطالب الطامي بمنح فرصة لأعضاء المجالس الجدد: أعود وأكرر القول إن الحكم على الأندية الأدبية لا يزال سابقاً لأوانه. لا بد من إعطاء المجالس الجديدة فرصة للعمل والإبداع بعيداً عن الضغوط واستعجال النتائج.
المجالس الجديدة بحاجة إلى تفاعل الشخصيات الثقافية معها.
ويشير إلى ما ذكره الوشمي عن ضعف الحضور الإعلامي لتغطية نشاطات الأندية, وعدم تعاون وسائل الإعلام معهم حيث قال: وسائل الإعلام المقروءة والمسموعة والمشاهدة لا بد أن تتعاون مع الأندية في نشر برامجها الثقافية ونشر أنشطتها.
في كل نشاط أو فعالية يقيمه النادي نبعث بخبره بصياغة جاهزة للنشر إلى جميع الصحف إضافة إلى وكالة الأنباء السعودية ومع ذلك، لا نجد من ينشر الخبر إلا جريدة واحدة أو اثنتين في أحسن الأحوال.
بل إن كثيرا من فعالياتنا لا يحرص الصحفيون على حضورها لتغطيتها، فتضطر اللجنة الإعلامية للقيام بدورهم في كتابة التغطية وإرسالها للصحف.
والهم الثقافي يجب أن يكون هم الجميع حتى نستطيع أن نحدث حراكا ذا بال في الساحة الثقافية.
الأحمد:
وأما القاص المعروف سعيد الأحمد فيبدأ حديثه بسؤال تعجبي, ودفاع على غير المعتاد منه عن الأندية الأدبية وقال: عام! وما هو العام في عمر الإنتاج؟
لا يستطيع أحد أن يزعم أن الإدارة الحالية قدمت ما يلفت إلى الآن، ولكن من العقلانية ومن المنطقية أن نترك الفرصة والوقت الكافي ثم نحكم، لا أن نبدأ بالمحاكمة من الأشهر الأولى.
لا يوجد مشروع عملي، ثقافيا كان أو غير ذلك، يمكن له أن يغير جلده وتوجهاته ويظهر بتحول ملحوظ خلال عام واحد فقط، فهذا العام الوحيد لا يكفي لأكثر من إعادة الهيكلة ورسم الخطط وإقرار المشروعات، والعام الثاني يكون هو عام التغير الملحوظ والنتاج والتفاعل والتواصل.
هذا بشكل عام، ويضيف الأحمد: لذا أرى من الإجحاف تقييم أو محاكمة أي مشروع في عامه الأول.
بكل تأكيد لنا أحلام، وتوقعات نتمنى أن نراها من الإدارة الجديدة، ولكن لننتظر بعد وقت كاف ثم نرى ونحاكم.
أرى أيضا أن أحلام بعض المثقفين، الشاعرية جدا، وغير العملية جدا هي سبب آخر لعدم الرضا، فمن يحلم بما ليس له علاقة بالمنطق فلن يرضيه المنطق.. بقدر ما ننتقد المؤسسات، وبقدر ما نؤكد فشلها على مدى سنين طويلة، يجب أيضا أن ننتقد أولئك المثقفين غير المستعدين لتقديم أي فعل ثقافي أو المشاركة في أي نتاج مؤسساتي منظم طالما أنه لا يلمع أسماءهم ويخدم رؤاهم الخاصة جدا.
المانع:
من جانب آخر فضلت الدكتورة سعاد المانع, الحديث فقط عن الجزئية التي تخص اللجنة في نادي الرياض بحكم أنها المتحدثة الرسمية عن اللجنة النسائية فيه, حيث قالت: أولا لا يمكنني الحديث عن الأندية على وجه الإجمال، فكل ناد له وضعه الخاص.
على سبيل المثال نادي جدة كان -منذ وقت ليس بالقصير قبل التشكيل الأخير- يتيح للنساء, الإسهام فيه، في حين أن هناك نوادي أخرى لم يكن متاحا للمرأة المساهمة في أنشطتها من قبل.
من الطبيعي أن هذا يقدم فرقا ملحوظا بين ناد وآخر.
إذا كان المقصود هنا نادي الرياض، والمقصود على وجه التحديد ما يتصل بنشاط المرأة في النادي.
يمكن أن أجيب: كانت بعض المشكلات الإجرائية تواجهنا لكنها مشكلات متوقعة من ناد ما زال يخطو خطواته الأولى في سبيل إشراك المرأة, لحسن الحظ تبدو هذه المشكلات مؤقتة وإدارة النادي مع اللجنة النسائية تبذل جهد اًغير قليل في صدد إيجاد الحلول لها، من هذه المشكلات: إيجاد المكان المناسب, تجهيز قاعة بالأجهزة الإلكترونية يمكن من خلالها القيام بأنشطة ثقافية مشتركة.
ومنها البحث عن سكرتارية مدربه, وتضيف المانع: لقد تم وضع برنامج مؤقت, وأتوقع أن المرحلة القريبة المقبلة سيظهر فيها نشاط ثقافي جيد يتصل بالنساء وتتطرق هنا إلى ما تطرق إليه الآخرون حول الإعلام حيث قالت: لعلنا بحاجة شديدة في الوقت القريب إلى إعلام جيد ينقل برنامجنا إلى الجمهور المهتم بالنشاط الثقافي الأدبي وتستدرك المانع هنا, بأن تعرج على بعض الأنشطة التي قامت بها اللجنة النسائية في النادي بقولها: مع هذا كان للنادي الأدبي نشاط في اليوم الوطني للمملكة، ولكن الحضور قليل, وتبرر ذلك قائلة: ربما لان النشاط تم بسرعة بالغة بسبب ضيق الوقت,فلم يتم له دعاية كافيه,وقد تحدثت فيه عن الانتماء للوطن الأستاذة، د.سميرة قطان, مديرة فرع الجامعة المفتوحة في جدة, والأستاذة لينا السليم, كذلك شارك فيه عدد من المثقفات الرياض وتواصل المانع: كذلك كان هناك نشاط اللجنة النسائية في تنظيم الجانب النسائي في الأيام الثقافية العمانية, وكان الحضور جيد قياساً إلى السرعة التي تم فيها هذا النشاط وتختم الدكتورة سعاد المانع رأيها بأمنية قائلة: نشاطاتنا القادمة ملموسة لذا لن أتحدث عنها أتمنى أن تكون.
السيف:
وأما القاصة قماشه السيف والتي اختارت العزلة عن عالم الأدب برغبة داخلية فترى فتقول: ليس بوسع الأندية الأدبية أن تقدم شيئا كبيرا للمشهد الثقافي نشر كتاب أو تنظيم معرضا للفن التشكيلي أو معرضا للكتاب أو محاضرة لا يحضرها ألا جمهور محدود... وما إلى ذلك... هذا كل ما بوسعها أو ما هو في حدود إمكاناتها لكن ربما أنها تحقق بعض النجاحات إن هي واكبت الإبداع وتخلصت من النمطية وعدم المرونة وكثفت أنشطتها بإقامة الدورات التدريبية وعقد الندوات والحوارات الفكرية واستقطاب المفكرين والأدباء وأساتذة الجامعة لرعاية هذه الأنشطة.. واهتمت بتفعيل نشر الكتاب الجيد ورعت المواهب الإبداعية الشبابية وتابعت توزيع إصداراتها في مناطق المملكة وعمل أعضاء هذه الأندية بروح الفريق الواحد الفعال في سبيل نشر الثقافة في المجتمع والتي هي حاجة وطنية ماسة.
الألمعي:
ويرى رئيس نادي أبها الأدبي محمد زايد الألمعي, أن أمامهم كأعضاء مجلس خيارين حيث يقول: في سؤالك تكمن الإجابة، فالتركة ربما كانت غير خفيفة ولكل ناد بيئته وظروفه الخاصة، ونحن في نادي أبها بالكاد نكون في الشهر الثالث من استلام العمل، وكان أمامنا أحد خيارين إما الاستمرار على الإيقاع السابق الذي دارت عجلة العمل به منذ ثلاثة عقود، أو إيقاف كل شيء والدخول في عملية إعادة هيكلة شاملة وكان الأقرب للمنطق هو الاستمرار والتغيير بهدوء وعدم إحداث قطيعة تبدو وكأنها تخطئ كل من سبقونا في العمل.. هذا أمر، أما الأمر الآخر فكان يتمثل في استيعاب كافة الطاقات المتوجسة من الإدارة الجديدة، وإتاحة الفرصة لهذه الطاقات لإطلاق قدراتها للمساهمة في صناعة الحدث الثقافي بجديّة ومسؤولية.