في الوقت الذي تتصارع فيه الثقافات، وفي الوقت الذي يغطيه الحراك المحموم، وفي الوقت الذي تسير فيه الحجارة، وفي الوقت الذي يتعالى صوت الصمت؛ تظهر لنا تيارات فكرية لا تحمل هوية -أي هوية- وتفصل الحرية حسب مفهوم خاطئ للفكر.. فالحرية تربية قبل أن تكون إطلاق سراح أو رمي الحبل على القارب أو فتح الأبواب على مصاريعها دون قيد أو شرط؛ الحرية مبدأ وقانون وعقيدة.
تبقى الحرية عبر قنواتها المتنوعة والمختلفة مطلباً للجميع، والتي تتواكب والعصر الحديث، والتطور في وسائطها ووسائلها الإعلامية، فالانفتاح الواسع والكبير على العالم ميزة لهذه الثورة التطورية، وهذه التكنولوجيا في مجال الاتصال والنشر.. تبقى الحرية مفتوحة في هذا التطور، الذي يشهده العالم بأكمله في كل ميادين الحياة وحراكها.. وأعتقد أن دور الرقابة يجب هو الآخر أن يتطور ويواكب الطفرات والقفزات المبهرة للوسائل الإعلامية على اختلاف مشاربها.. يجب أن تأخذ الرقابة دوراً هاماً نحو إعطاء الحرية في إطلاق العنان نحو ما يتماشى والعالم من ثورات معلوماتية تتجاوز حتى الفضاء، فما كان بالأمس ليس هو اليوم، فالحضارات بدأت تتشابك والثقافات أخذت تتداخل، والشعوب أصبحت وكأنها شعباً واحداً.. ورغم هذا التقارب الفكري والمعرفي والثقافي تظل الهوية (هويتنا الإعلامية) لا تتغير بل راسخة رغم العواصف والأمواج الهائجة، ورغم البراكين الثائرة ؛ نعم يجب أن تكون هكذا لا تزعزعها أي قوة مهما كانت ذات نفوذ.. الحرية مطلب يتواكب وهذه التطورات في القنوات الإعلامية ووسائطها وتظل مفتوحة على مصاريعها، ولكن يجب أن تبقى الثوابت الدينية بعيدة عن كل ما يسيء إليها أو يتجاوزها مهما كانت هذه الحرية، وهذا الانفتاح.. نعم حرية ونعم انفتاح لكن ليس فيما يتجاوز خطوطاً حمراء نحو الدين والعقيدة والقيم الأخلاقية والثوابت الوطنية..
ولا يظن أن الرقابة هي معول هدم في جدران الفكر والثقافة بل أدوات بناء وتشييد، ولكن وفق مبادئ الدين والعقيدة والثوابت، تظل وسائل وقنوات التواصل الاجتماعية كالفيس بوك وتويتر والواتس آب وغيرها؛ وسائل نهوض فكر لا معاول ومطارق هدم وتدمير مبادئ؛ يجب البعد عن الساحة التي تحرق وتمزق قيمنا مهما تلونت بألوان جاذبة ومشوقة، ومهما تشكلت بأجمل فسيسفاء الفن بكافة أجناسه ومدارسه؛ وهنا نعي معنى الحرية والانفتاح وندرك الرقابة البناءة وبهما الحرية والرقابة تشكلان انفتاحاً يعكس البعد التطوري الانفتاحي الجديد الذي يتماشى ونظرية المسئولية الإعلامية البناءة، وما وسائل التواصل الاجتماعية إلا جسراً ينقلنا إلى الضفة الأخرى أياً كانت هذه الضفة؛ فأنت من يحددها وأنت من يختار نوعية ثمارها.
Albatran151@gmail.com
الاحساء