كلمة أنثولوجي تعني مجموعة من الأعمال الأدبية اختيرت من قبل المجمع/ المؤلف وقد تكون هذه الأعمال مجموعة قصائد أو قصص قصيرة مسرحيات أغاني أو مقتطفات وقد اشتقت كلمة أنثولوجي من الكلمة الإغريقية أنثولوجيا ،والتي تعني إكليل الزهور والتي كانت عنواناً لأول مختارات أدبية جمعها الشاعر الإغريقي ميلاقيرس في القرن الأول قبل الميلاد حيث جمع العديد من المقولات القصيرة والمعبرة والتي بقيت في أذهان الناس.
مايكل كرايتون Michael Crichton: روائي الخيال العلمي وصديق ابن فضلان!
بقلم د فراس عالم
مدخل:
رواية الخيال العلمي science fiction: تمثل روايات وقصص الخيال العلمي لونا أدبيا طريفا ومثيرا، يتيح للقارئ صغيراً كان أم كبيرا، التحليق في عالم الخيال وفي آفاق اللامعقول، والاستغراق في رحاب المتعة، وذلك ضمن أرضية علمية تستند إلى مبادئ العلوم الحديثة.
وتجمع روايات الخيال العلمي العلم مع الأسطورة
وتتضمن رواية الخيال العلمي نماذج عديدة منها:
1- أنموذج الأسطورة .
2- أنموذج الرحلات والمغامرات .
3- أنموذج الأجانب.
4- أنموذج العلماء .
5- أنموذج الآلة والإنسان
كان الديناصور العملاق يحطم أسوار «الحديقة الجوارسية»، ويتوجه نحو المدينة ساحقاً كل شيء تحت خطوات قدميه العملاقتين وحركات ذيله الهائل، في نفس الوقت. كان ابن فضلان يعلم الأوروبيين الهمجيين فنون الفروسية وصناعة السيوف، في حين يركض الطبيب الوسيم جورج كلوني في غرفة الطوارئ خلف عربة المريض محاولاً وقف النزيف بيديه الملوثتين بالدم. وتعلن حالة الترقب في البلاد نتيجة هروب روبوتات مصنعة بتقنية النانو من مركز الأبحاث في صحراء نيفادا تملك خاصية الذكاء الصناعي والتكاثر وإعادة شحن طاقتها بافتراس البروتينات البشرية. لكن «داستن هوفمان» الخبير النفسي يتوجه إلى قلب المحيط ليسبر أغوار سفينة فضاء غارقة هناك منذ أكثر من ثلاثمائة عام.. أي قبل اختراع محركات الطيران البدائية! و يرفع «شون كونري» حاجبيه في حيرة وهو يحدق في جثة الفتاة القتيلة والتي قد تثير قضيتها أزمة دبلوماسية بين بلاده وبلاد الشمس المشرقة.
هل تشعر بالدهشة؟
تلك كانت لمحة بسيطة من عوالم الكاتب الأميركي مايكل كرايتون والذي يعد شبه مجهول لدى معظم قراء العربية ككاتب على الرغم من ذيوع صيت أعماله عندما تحولت إلى أفلام ومسلسلات كاسحة الشعبية. فمن منا لم يعرف ولو عرضاً سلسلة أفلام «الحديقة الجوراسية» بأجزائها الثلاثة والتي قدمها المخرج المثير للجدل «ستيفن سبيلبيرج» بتمكن وإعجاب تام. الجزء الأول من أفلام تلك السلسلة بني على رواية لمايكل كرايتون بذات الاسم واشترت حقوقها شركة يونيفيرسال استوديوز بمبلغ تجاوز المليون ونصف المليون دولار ثم عهدت إلى ذات الكاتب ليصنع سيناريو الفيلم مقابل نصف مليون دولار إضافية، واتضح فيما بعد من الأرباح الخيالية التي جناها الفيلم أن صنّاعه لم يكونوا يضيعون نقودهم عبثاً.رغم أن كرايتون صرح بأن نص السيناريو اعتمد على عشرة في المئة فقط من الرواية الأصلية. حيث كان النص الأصلي مليئاً بالتفاصيل العلمية الدقيقة والتي تشرح طريقة استزراع الحمض النووي للديناصور في بويضة حيوان حي ثم إعادة إنتاج السلالة من جديد والتي لا تلبث أن تتمرد وتتحول إلى كابوس مرعب كما ظهر في الفيلم.
لم يكن مايكل كرايتون المولود في عام 1942 يتوقع وهو يعاني من العزلة على مقاعد الدراسة بسبب طوله الفارع أنه سيتحول في يوم من الأيام إلى علامة فارقة في تاريخ الأدب/ العلم الأمريكي، ولا أن كتبه وأفلامه ستكتسح قوائم أفضل المبيعات، ولم يكن يعلم أن دخوله كلية الطب وتفوقه فيها بالإضافة إلى تعلقه بالكتابة والاطلاع سيقوده إلى ابتكار نوع جديد من الأدب يلغي فيه الحواجز الوهمية بين ما هو علمي وما هو أدبي. فعلى الرغم من أن كتابات كرايتون لا تحتوي أيّاً من الجماليات اللغوية التي تؤهلها لجوائز على غرار جائزة بوكر ونوبل وعلى الرغم من احتوائها على كمية كبيرة من المعلومات الدقيقة وكأن كل فصل من الفصول بحث مصغر يمهد للحدث الذي يليه، وعلى الرغم من أن رواياته تحتوي ملحقا للمراجع العلمية التي استندت عليها الأحداث كأي بحث أكاديمي رصين، لكنه رغم كل ذلك ناجح جداً في انتزاع الدهشة والانبهار من داخل القارئ وقادر بامتياز على دفع القارئ إلى إعادة النظر في كثير من قناعاته المسلم بها من قبل. وهذا هو لب الإبداع الحقيقي وجوهره العميق مهما اختلفنا حول الأسلوب والتوصيف. لقد وصفت جريدة «النيويورك تايمز» كتابات كرايتون بأنها ذات نفس طفولي أشبه بقصص «أرثر كونان دويل» و»إدجار رايس بوروز» ورعب «إدجار آلان بو» لكن بجرعة قوية ومطورة من الخيال العلمي الممتع. وإن كنت أجزم أن في كثير من رواياته نفساً فلسفياً مبثوثاً بذكاء بين سطور الرواية المشوقة والمعقدة في آن. فرواية «الجسم الكروي» والتي تحولت لفيلم ناجح قام ببطولته داستن هوفمان وصامويل جاكسون» تبدأ بداية مشوقة ومثيرة للفضول فهناك سفينة فضاء اكتشفت بالصدفة في قاع المحيط والتحاليل لتراكم التربة والنباتات التي فوقها تثبت أنها ترقد هناك منذ أكثر من ثلاثمائة سنة وينتدب فريق علمي لسبر غور السفينة الغامضة. وسرعان ما يكتشف الفريق أن السفينة تحتوي على جسم كروي عملاق أشبه ب «روبوت» مفكر يبدأ في الحديث إليهم وسرعان ما تتحول الرواية إلى الخط الفلسفي عندما يكتشف العالم النفسي أن الجسم الكروي له القدرة على تجسيد الخيالات الشريرة التي يملكها زملاؤه وتحويلها إلى واقع وأن كل الكوارث التي ألمت بهم خلال الرحلة ليست إلا نواياهم السيئة تجاه بعضهم البعض وأن السفينة ليست من كوكب آخر ولكنها تنتمي إلى المستقبل وقد قرر أهل المستقبل إرسال الجسم الشرير إلى الماضي حتى يتخلصوا من أثره المدمر.
و تكاد تكرر ثيمة الخطر الذي يصنعه الإنسان بغروره في معظم رواياته، لكنه على الرغم من نزعة التوثيق العالية لديه لم يضع لخيالاته حدودا ولم يقصرها على الأجواء العلمية والمستقبلية، فكتب روايته التاريخية الشهيرة «أكلة الموتى» والتي تحولت بعد ذلك إلى فيلم سينمائي أخرجه بنفسه تحت اسم «المحارب الثالث عشر» وقام ببطولته أنطونيو بانديراس وعمر الشريف. وعد الفيلم/ الرواية من العلامات الفنية النادرة التي أنصفت صورة العربي المسلم رغم كونها صنعت بيد أمريكية بالكامل.
خاض كرايتون بالإضافة إلى الكتابة في مجالات عدة كتصميم برامج الكمبيوتر والأبحاث العلمية والتدريس الأكاديمي البحت، لكن تفوقه كان لافتاً بالفعل في مجال الإخراج فقد قام بكتابة وإخراج العديد من الأفلام لعل أشهرها «المحارب الثالث عشر» وفيلم «الغيبوبة» الذي كتبه صديقة روبن كوك. كما كان منتج وصاحب فكرة وكاتب الحلقات الأولى للمسلسل الشهير «ER» الذي تدور أحداثه بالكامل تقريباً داخل المستشفى وتتابع على بطولته العديد من النجوم وافتتح الطريق لخط جديد في الدراما يمكن تسميته دراما المستشفيات أو المسلسلات الطبية. وفي عام 1994 حصد كرايتون ثلاثه جوائز دفعة واحدة، جائزة تصدر فيلمه الحديقة الجوراسية قائمة الإيرادات وتصدر مسلسل ER نسب المشاهدة العليا وتصدر روايته الجديدة حين ذاك «الفضيحة» قائمة أكثر الكتب مبيعاً.
في الرابع من نوفمبر من العام الماضي 2008 توفي كرايتون إثر مضاعفات علاجه الكيماوي من سرطان الحنجرة وقد كان يعد لصدور روايته الجديدة، والتي لم تصدر حتى الآن. وعلى الرغم من تداول خبر وفاته من قبل وكالات الأنباء العالمية إلا أنه مر مروراً عابراً بمعظم مثقفي العربية وربما نشرته بعض صحفها في ركن ضيق واصفة إياه بكاتب سيناريو فيلم الديناصورات!.