الجزيرة - الثقافية
قبل عام وأقل من ثلاثة أشهر كان هنا.. في معرض الكتاب تحديدا... القاعة ملأى.. والمتابعون يترقبون.. والحضور الأمني أعلى من المعتاد؛ فالمحاضر محمد عابد الجابري، والموضوع تجربته، والمستفزون بما يسمعون، والممتلئون بالمواقف المسبقة حوله، والمسكونون بالتلمذة عليه... أطياف تكونت منها القاعة المخصصة للندوات، ولم يكن يجهل أنه قد يستفز، لكنه جاء واثقا، هادئا مطمئنا إلى سبعين عاما يتوكأ على حصيلتها الثرية بحثا وجدلا وتوثيقا؛ ختمها بدراسته المتخصصة في تفسير القرآن الكريم سواء المدخل إليه أو قراءته وفق أسباب النزول وربما هي خاتمة أعماله التي ندعو أن تكون أفضلها، وأن يجزيه الله أجر المجتهد؛ أصاب أم أخطأ..
محمد عابد الجابري (1956-2010 م) اشتهر بسلسلته المعرفية عن نقد العقل العربي وتكوينه وبنيته، والتي قوبلت باحتفاء وإقصاء، وكان أبرز من تناولوه نقدا جورج طرابيشي في مؤلفه (نقد نقد العقل العربي)، ومن أبرز مؤلفاته في نقد الفكر العربي «تكوين العقل العربي»، «بنية العقل العربي»، «العقل السياسي العربي»، «العقل الأخلاقي العربي».
وفي قضايا الفكر العربي: «المسألة الثقافية في الوطن العربي»، «الديمقراطية وحقوق الإنسان»، «مسألة الهوية: العروبة والإسلام...والغرب»، الدين والدولة وتطبيق الشريعة» ... وغيرها من الكتب التي تشكل ظاهرة فكرية ونقدية في مكتبتنا العربية المعاصرة.
رحم الله الجابري، وستقدم الثقافية قراءة خاصة بها هنا تتضمن أحاديث فاجأها الموت الذي تذوقه كل نفس ويبقى أهم درس.