بين يدي كتاب جميل عنوانه إبداع المرأة المصرية وهو من سلسلة الفنون-مكتبة الأسرة، وتشارك في هذا الإنجاز عدة وزارات وجمعية الرعاية المتكاملة المركزية، وهو من إعداد محمد نوار والتنفيذ عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
يتعرض هذا الكتاب للفنانة التشكيلية المصرية ويقدمها كنموذج إبداعي يوازي عطاء الفنان الرجل وابتداء بالأسماء التشكيلية المصرية الرائدة إلى فنانات أخريات لهن أثرا في ساحة مليئة بالتجارب والمحاولات والمشاركات داخل مصر وخارجها.
اعتمد الكتاب في هيئته العامة على تقديم الفنانة نفسها من خلال أسطر قليلة يقدمها المؤلف حين عدم وجودها، ثم يقدم مختارات لما كتب عنها في الصحف أو المجلات أو غيرها كنصوص مختارة أو متوفرة مذيلة بأسماء كتابها، وقد تختلف عدد النصوص من فنانة إلى أخرى، ويُختم الجزء الخاص بالفنانة بسيرة تفصيلية عن مسيرتها الفنية.
بدأ الكتاب بالفنانة عفت ناجي 1905-1994 وانتهى بسهير محمود عثمان 1952 فالأولى درست الموسيقى بجانب الفن الذي تلقته أكاديميا في روما، وعلى يد أخيها الفنان محمد ناجي والكتاب لا يضم كل الفنانات المصريات إنما نماذج تمثل الأجيال المختلفة المتعاقبة، على أن المعد يشير في البداية إلى بعض الأسماء الأسبق (سميحة بنت السلطان حسن وهي نحاتة عرضت أعمالها في باريس، وفتحية ذهني وزينب عبده).
يتساءل معد الكتاب عن دور المرأة الفنانة تجاه النحت ويقول أي من الرائدات في قامة المثّال محمود مختار أو عبدالهادي الوشاحي؟ لماذا ابتعدت المرأة عن النحت؟؟
والواقع قد يغيب عنه أن ظروفا كثيرة لا تساعد في الدخول إلى عالم النحت الذي يتطلب إمكانات كبيرة قلما تتوافر في السيدات وإن ظهرت مبدعات عربيات كمنى السعودي على سبيل المثال لكنهن قليلات جدا.
تذكرت مع هذا الإصدار الحملات التي تعرضها بعض الصحافة المحلية أحيانا حول الفنانات التشكيليات السعوديات وعن المستوى الذي يوصف بعضهن به، والحقيقة الغائبة عن بعض إخواننا الأعزاء أن التشكيلية السعودية استطاعت العمل بجدية كبيرة وأخذت الأمر التشكيلي بكثير من الاهتمام إما بالدراسة أو التحصيل الشخصي من خلال دورات وورش وخلافه ولاشك أن الساحة أفرزت بعض الأسماء التي تسعى لتحقيق شخصيتها الفنية بجانب أسماء لها أثرها وشخصيتها الفنية وليس أقل من صفية بن زقر ومنيرة موصلي ونبيلة البسام وشادية عالم ورائدة عاشور وبدرية الناصر وأسماء كثيرة نتابع إنتاجها بسرور وتفاؤل.
وبدلا من الأقوال التي لا طائل ولا فائدة منها أن نعمل لدعم هذه الأسماء الفنية ونقدم شيئا كهذا الإصدار الذي قدمته مصر لمبدعاتها التشكيليات وهن أكثر مما قدمه الكتاب، ولعلنا نتذكر جائزة بينالي القاهرة في دورته الأخيرة عندما توجهت لفنانة تشكيلية مصرية هي لارا بلدي.
المرأة الفنانة التشكيلية في الوطن العربي قد لا تواكب الرجل في قدرته على النتاج والتحرك والعمل لكنها بالمقابل قادرة على العمل وفق ظروف متاحة في بلدان كسوريا ولبنان وتونس والمغرب والكويت والبحرين والعراق وغيرها. هناك نساء وهناك تشكيل يتميز ويختلف وهناك شخصيات فنية نسائية استطاعت ترك أثرها على ساحتها الفنية والثقافية ومع كل ذلك فإن إضاءات على النتاج التشكيلي النسائي تبدو قليلة ومحدودة ولعلنا في المملكة ومع الاهتمام بإنتاج الفنانة التشكيلية السعودية إلا أن هناك حاجة لغربلة من نوع جاد يضع التجارب بأهميتها وليس بشهرتها أو حضورها الإعلامي وهذا ربما أحد أهم الأسباب التي تضع الرسامة في الموقع الخطأ من أقرانها من الجنسين، لعل الالتباس يظهر هنا من خلال الإمكانات المحدودة للبعض الذي يأخذ قيمة إعلامية من إمكانات أكبر منعتها الظروف من أن تأخذ الاهتمام نفسه في الفترة الأخيرة ظهرت أسماء نسائية من خلال الخارج في مناسبات دولية مثال منال الضويان أو هند المنصور وهي إشارات على أن الإبداع يتواصل وأن الفنانة في أي من مجالات الفن تتحرك وفق المتاح ووفق إمكاناتها ووفق الدعم الذي تمنح إياه والفرص أيضا سواء من الداخل أو الخارج.
aalsoliman@hotmail.com
الدمام