إنها حقيقة مفزعة: المواطن العربي نسي القراءة؛ كل مليون مواطن لا يقرأ في العام إلا أقل من ثلاثين كتاباً، أما في الغرب فالمليون لهم خمسمائة كتاب!
لقد سبق لي أن تحسرت على القراءة عند المواطن العربي، واليوم أعود وقد ذكرني هذا الكتيب الأنيق بهذا الموضوع، وهو صادر ضمن سلسلة دار الهلال في مصر لمؤلفته صافي نازك كاظم، كاتبة وناقدة معروفة، عصفت بها رياح الكتابة ثم استولت على اليقين والصدق فيما تكتبه. وكتابها (تلابيب الكتابة) من الحجم الصغير، ولكن مواضيعه وأبوابه التي تزيد على الثلاثين باباً لها وقع جميل على الروح والعقل.
تقول في المقدمة: هذا الكتاب ليس مجموعة قصصية، ولا رواية بالطبع، وليس بديوان شعر كذلك، لكني أزعم أنه عمل أدبي. وتقول في موضوع آخر: لا بأس، ها هي الكتابة تأخذ بتلابيبي، تثأر مني؛ لأنني كنت التي آخذ بتلابيبها وأدق بها فوق رؤوس كثيرة من حولي.
الكتاب عبارة عن مقالات سبق نشرها، ولكنها تؤكد أن بعض المقالات يمكن جمعها في كتاب متى ما تم اختيارها بشكل مناسب، بشرط أن تشتمل مواضيعه على كمية كافية من التشويق والجذب بل والتحريض على القراءة المفيدة.
إنَّ المواطن العربي، بخلاف أهل الغرب، لم يكن يحرص على القراءة بالشكل المطلوب، ثم جاءت هذه القنوات الفضائية والألعاب الإلكترونية بكل وسائل الجذب لتنهي علاقته بالقراءة بشكل مريع ومخيف. أما الشباب فقُلْ عليهم السلام. والذين لم يشبوا عن الطوق تولتهم هذه الأجهزة المرعبة التي تدخل في سلك الألعاب، والتي تتبدل في كل آونة وأخرى حتى يسارع كل أب إلى نفض جيوبه بملاحقة الجديد منها، ويا ليت وزارة التجارة تسن نظاماً تلزم به المحل الذي يبيع الجهاز الجديد بأن يقبل أخذ القديم ولو بسعر قليل، أي إنقاذ ما يمكن إنقاذه من مال هذه البلاد وأهلها. أما الكبار فلديهم الكثير مما يشغلهم عن القراءة المفيدة وعن تاريخ بلادهم وعما يدور حولهم في هذا العالم المضطرب. ومن هذا المنطلق ليتنا نخصص من وقتنا وبرامجنا مساحة تسمى (القراءة للجميع)، وطبع طبعات شعبية من الكتب بأسعار رمزية لتكون في متناول الجميع.
الرياض